دينيّة
29 تشرين الأول 2024, 10:00

قوّة اسم يسوع المسيح

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأب باسيليوس محفوض خادم عائلة كنيسة الصليب المحيي للروم الارثوذكس في النبعة

 

 

شفى الرسل القدّيسون المرضى، وشفوا الممسوسين. كيف وبأي وسيلة؟ لم يشفوا بالأدوية، وليس بالعمليّات الجراحيّة - لقد شفوا المرضى باسم المسيح.  

قوّة المسيح هي قوّة حقيقيّة جدًّا. نقرأ في الإنجيل أنْ، ذات مرّة، عندما كان يسوع في حشد من الناس، اقتربت منه سرًّا امرأة نازفة حزينة، ولمست طرف ردائه بثقة عميقة بأنّ لمسة واحدة ستشفيها. ثمّ، توقّف الربّ ونظر إلى الوراء وسأل:"من لمسني؟" فوجئ التلاميذ: "كيف، يا ربّ، تسأل من لمسك والناس يضايقونك من كلّ جانب؟"

"لا، بل لمسني أحد، لأنّني شعرت بقوّة خرجت منّي"(لوقا 8: 42-46؛ مرقس 5: 24-31). شعر يسوع بالقوّة الروحيّة التي خرجت منه وشفت المرأة النازفة التعيسة. كما أعطى هذه القوّة الإلهيّة، قوّة اسمه القدّوس، لرسله، وبها صنعوا المعجزات، وبها طردوا الشياطين، وبها أقاموا الموتى.  

هناك الكثير من الناس الممسوسين بالشياطين، مصابين بالكبرياء والغرور والحسد. ماذا نفعل، وكيف نكون؟ يجب أن نحارب بقوّتنا كلّها ضدّ الشياطين الذين يعيشون فينا. أجل، يجب أن نحارب، لقد أرانا الربّ كيف نحارب الشياطين. قال: "هذا الجنس لا يخرج إلّا بالصلاة والصوم" (متّى 17: 21).

الرسل القدّيسون طردوا الشياطين بالصلاة والصوم، طردوهم باسم المسيح. ولكن، يجب أن نتعمّق أكثر في كيفيّة فهم كلمات المسيح هذه. هل يعني هذا أنْ يكفي أن نصلّي في الصباح وفي المساء، وأن نذهب إلى الكنيسة ونحافظ على الصيام الذي أقرّته الكنيسة من أجل تحقيق الهدف؟  

كلا، ليس الأمر كذلك. يجب أن نفهم الصوم على نطاق أوسع بما لا يقاس: لا بدّ من أن يكون الصوم الامتناعَ عن أهواء الجسد وشهواته كلّها،عن كل ما يرضيه، والذي يعارض به الروح.  

الصوم يعني التخلّي عن الذات، عن ملذّات الجسد والروح، يعني أن نكون خادمين لإرادة الله.

والصلاة القادرة على طرد الشياطين ينبغي أن تكون صلاة لا نهاية لها، عميقة، لا تنقطع، كما صلّى القدّيسون. ينبغي أن تكون مشبَعَة بالتوبة العميقة.  

إذا أنكر الإنسان نفسه، وحمل صليبه واتّبع المسيح، وإذا صلّى باستمرار، فسوف يكتسب القوّة على الشياطين. لن يجرؤ هؤلاء على أن يسكنوا روحه، لأنْ لا يمكنهم أن يسكنوا إلّا مكانًا نجسًا، ولا مجال لبقائهم في مكانٍ مقدّس.

 

لِنكُن نحن مثل القدّيسين طاهرين دائمًا، ولْنصُم دائمًا، ولنصلِّ دائمًا، عندئذٍ لن يكون هناك وصول للشياطين إلى قلوبنا. وعندئذٍ سيُطرد من قلوبنا الشياطين كلّهم الذين اختبأوا فيها لسنوات عديدة. لقد طردت قوّة المسيح جيشًا منهم من المسكونين في كورة الجدريّين. وأرسل الربّ تلاميذه إلى العالم لطردهم. فلنضعْ على عاتقنا مهمّة طرد الشياطين من قلوبنا. نعترف بتواضع، أوّلًا وقبل كلّ شيء، بأنّنا مسكونون بالشياطين. إذا بدأنا بهذا الوعي المتواضع بالتوبة، وإذا لجأنا إلى مساعدة الله القويّة، فسنحصل على نعمة الله. عندئذٍ سنطرد الشياطين أيضًا، ونطردهم ليس فقط من قلبنا، بل وأيضًا من قلوب المسكونين بهم من حولنا.