قديسو اليوم: 8 كانون الول 2016
وتدليلاً على شرف العذراء وبراءتها من الخطيئة الاصلية، تفيض تلك الصلوات بوصفها بأجمل النعوت وابدعها.
وتلمع الى ما قاله الله للحية بعد السقطة الآدمية:" اجعل عداوةً بينك وبين المرأة فهي تسحق رأسك" (تك3: 15). وتجعل المقابلة بين حواء الاولى وحواء الثانية اي العذراء. فان تلك سبَّبت الموت للجنس البشري، وهذه ولدت الحياة للعالم. وكفى بقول الملاك لها في بشارته اياها: يا ممتلئة نعمة.
واقوال الاباء القديسين وملافنة الكنيسة صادعةٌ بهذه العقيدة عبر الاجيال.
وقد طالما لقَّبتها الكنيسة وما زالت تنادي بها: تابوت العهد، وبيت الذهب، وسلطانة السماوات والارض، وسلطانة الحبل بلا دنس، وام الحياة واو النور. وقد اصبحت هذه الحقيقة عقيدة ايمانية يوم قام البابا بيوس التاسع في الثامن من شهر كانون الاول سنة 1854، يُعلن بسلطانه الاعلى المعصوم عن الغلط:" أَنَّ مريم البتول قد تنزهت عن الخطيئة الاصلية. وأَنَّ الله وقّى نفسها من تلك الخطيئة الجدّية، منذ الدقيقة الاولى، وذلك منَّةٌ خاصة منه، بفضل استحقاقات ابنه الوحيد سيدنا يسوع المسيح مخلص البشر".
وفي سنة 1858، كان ظهور العذراء للابنة برناديت في قرية لورد، اثباتاً وتأكيداً لهذه العقيدة، اذ قالت لبرناديت – لما سألتها مَن انت؟ - " انا هي الحبل بلا دنس".
وانتشرت اخويات الحبل بلا دنس في الغرب والشرق تضم الالوف تحت راية العذراء المجيدة. وبعد مرور مئة سنة على تلك العقيدة اقام لها السعيد الذكر البابا بيوس الثاني عشر التذكار المئوي الاول في السنة 1954، التي اعلنها سنة مريمية وقد احتفل بها لبنان في تلك السنة، احتفالاً باهراً. وقانا الله بشفاعتها من كل شر روحي وزمني. آمين.
العذراء المحبول بها بلا دنس (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
إنّ كنائسنا الشرقية منذ القدم تحتفل بذكرى حبل حنّة بوالدة الإله، وتعتقد أنّ هذا الحبل كان بحسب نواميس الطبيعة، ومع ذلك كان مترّهاً عن وصمة الخطيئة الأصلية. وفي سنة 1854، أعلن البابا بيوس التاسع هذه العقيدة وأصبح عيد الحبل بوالدة الله من الأعياد الكبيرة.
والأسباب التي حملت الكنيسة على إعلان هذه العقيدة ما جاء في كتبنا الطقسية وما كتبه آباؤنا القدّيسون عن هذه البتول النقية. وكم مرّة نهتف في صلواتنا "يا من هي أكرم من الساروفيم والكاروبيم".
وأقوال الآباء زاخرة بهذه العقيدة عبر الأجيال، وطالما لقّبتها الكنيسة وما زالت تنادي بها "تابوت العهد" و "بيت الذهب" و"سلطانة الأرض والسماء" و"أم الحياة"... وهذا ما أصبح حقيقة راسخة حينما أعلن البابا بيوس التاسع بسلطانه الأعلى المعصوم من الخطأ في 8 كانون الأول سنة 1854: "إنّ مريم البتول قد صانها الله من الخطيئة الأصلية منذ اللحظة الأولى التي فيها أبدعها وضمّها إلى جسدها، وذلك بإمتياز خاص وبالنظر إلى إستحقاقات إبنه الوحيد سيّدنا يسوع المسيح مخلّص البشر".
في مدينة لورد الفرنسية، في الحادي عشر من شهر شباط سنة 1858، ظهرت البتول مرّة أولى للفتاة الصغيرة برناديت التي لا ثقافة ولا مال لها ولا جاه، لكنّها كانت تقيّة فاضلة. واضطربت الدنيا لهذا الظهور وتابعت البتول ظهوراتها حيناً بعد حين لتلك الإبنة الصغيرة. وشقّت الارض أمامها وخرج منها ماء وجعلت تنثر نِعَم الأشفية على الأجسام والنفوس بواسطة تلك المياه... وفي الخامس والعشرين من آذار عيد البشارة ظهرت البتول كعادتها للفتاة برناديت وسألتها هذه: "أتضرّع إليك يا سيّدتي أن تقولي لي ما إسمك". فابتسمت البتول ولم تجب. فأعادت عليها السؤال مرّة ثانية وثالثة لأنّ الأب بيرامال خوري بلدة لورد كان قد أمرها بذلك. حينئذٍ ضمّت البتول يديها إلى صدرها وأجابت: "أنا المحبول بها بلا دنس أصلي".
وبعد ذلك كثرت الأعاجيب. ولا يزال نهر النعم يتدفّق من هناك على الدنيا إلى اليوم. وأضحت لورد مدينة مقدّسة يحجّ إليها كل سنة مئات الألوف من الزوّار الآتين من أطراف المعمورة.
وقد اعتادت الكنيسة في مشارق الأرض ومغاربها أن تحتفل بهذا العيد بتقوى فائقة. وتضم الأخويات التي على إسم البتول المحبول بها بلا دنس، الملايين من البنات. وبعد مرور مئة سنة على تلك العقيدة ، أقام لها البابا بيوس الثاني عشر الذكرى المئوية الأولى في سنة 1954 وأعلنها سنة مريمية إحتفل بها العالم كلّه إحتفالاً باهراً.
القديس البار باطابيوس (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
لا نعرف تماماً متى عاش القدّيس باطابيوس. بعض الدارسين يجعل رقاده في القرن السابع الميلادي.
ولد في صعيد مصر لعائلة تقية. أحسّ ببطلان العالم بقوة منذ نعومة أظفاره فمال عن الحياة الدنيا إلى الحياة الرهبانية الملائكية.
خرج إلى الصحراء لا يدري كيف يتدبر ولا ماذا يعمل ولا إلى أين يتجه. شوقه أخرجه إليها كما أخرج الكثيرين من قبله. وهج النور الإلهي الساكن في مقتحمي البرّية الأبرار، في تلك الأيّام، جذب الكثيرين إليها. وإذ ألقى باطابيوس بنفسه في أحضان الصحراء ظنّ، بكل بساطة، أنه إنما يلقي بنفسه، بالإيمان، في أحضان الله الحي. ولم يخيبه ربه، لأن من قال: "كل من يأتي إليّ لا أطرحه خارجاً"، و "لا أهملك ولا أتركك"، تلقّف عبده برحمته ورعاه بحنانه، فنما باطابيوس في النعمة والقامة وتكمّل في الهدوء وكل فضيلة وماثل المعلم في الوداعة وتواضع القلب، فمّن عليه المعلم بمواهب جمّة حتى صار منارة لكثيرين ومشفى لأدواء العديدين.
وسطع نور الرب في عبده فاهتدى إليه الناس وصاروا يتدفّقون عليه. وخشي باطابيوس، من كثرة المقبلين إليه، أن يخسر سيرة الهدوء والصلاة المستمرة ففكر بالانتقال إلى مكان آخر لا يدري بأمره فيه أحد. ولكن، إلى أين؟ إلى عمق الصحراء؟ كلا، بل إلى عمق المدينة وصحراء الغربة فيها، إلى المدينة المتملكة، القسطنطينية! هذا ما أوحت به إليه عناية ربّه فانتقل إلى موضع قريب من كنيسة السيدة في ناحية بلاشيرن المعروفة في قلب القسطنطينية.
نعِم قدّيسنا بالهدوء في "برّية القسطنطينية" ردحاً من الزمان. قسى على نفسه فيها أكثر من ذي قبل. عاد لا يبالي بالكلية لا بطعام ولا بلباس. صار كملاك في الجسد. وقد تقدّم في صلاة القلب إلى حد أنه تمكّن، بنعمة الله، من الارتقاء إلى السموات ومعاينة القوّات العلوية تمجّد الله على الدوام.
شفاء الأعمى
يحكى أن شاباً تقياً فاضلاً كان أعمى منذ مولده. هذا سمع بفضائل القدّيس ونعمة الله عليه. فقدم إليه وفعل ما فعله أعمى أريحا (مرقس64:10...) لما درى بمرور السيد بقربه. أخذ الشاب يصرخ إلى القديس: "ارحمني يا ابن النور والنعمة، ارحمني باسم الرب! أنر عينيّ لأتمكن، أنا غير المستحق، من رؤية خليقة الله وشكره عليها!". فتحنّن عليه القديس ورثى لحاله. وإذ عرف بروحه أن له إيماناً ليشفى، سأله، عن تواضع، مريداً أن يعطي المجد لله: "ما الذي تراه فيّ، يا بني، لتسألني أن أشفيك مع أن الله وحده الشافي؟". فأجابه الشاب بدموع: أنا واثق يا أبي أنك قادر أن تفتح عينيّ لأنك خادم لله! إذ ذاك رفع القدّيس صوته قائلاً له: باسم الرب يسوع المسيح الذي يرّد البصر للعميان ويقيم الموتى ليَعدْ إليك نور عينيك! فلما قال هذا انفتحت للحال عينا الأعمى وأبصر كل شيء من حوله بوضوح. فمجّد الله بفرح عظيم، وكذا فعل الحاضرون، وتعجبوا بالأكثر لأنهم كانوا يعلمون أن الإنسان الذي جرت له الآية أعمى منذ مولده.
رجل ممعود
كان رجل يعاني من انتفاخ مؤلم في معدته فعرض نفسه على أطباء كثيرين فلم ينتفع شيئاً. أنفق كل ما كان له ولم يجد أحد علاجاً لحاله، لا بل ساء وضعه وانحبست المياه في بدنه وانتفخ كله. فلما يئس من عون الناس ذهب إلى قديس الله فألفاه القديس في أسوأ حال لأن جلده كان قد أضحى كجلد الماعز وكان يعاني آلاماً فظيعة. فصلّى القديس بدموع ورسم عليه إشارة الصليب ودهنه بالزيت المقدس قائلاً له: الرب الإله يشفيك اليوم برحمته، يا بني! وللحال انفتحت مسام جلده وخرجت منها مياه قذرة كريهة الرائحة واستمرت كذلك إلى أن شفي تماماً. ففرح وشكر ومجّد الله كثيراً.
الشاب والروح الخبيث
كان في شاب روح خبيث تسلّط عليه بالكلية، فكان يمزّق ثيابه ويركض عرياناً. وكان الروح الخبيث يدفعه إلى النار والماء ليميته فصار في خطر مبين.
وحدث أن سار الروح الخبيث بالشاب مرة إلى البحر ليلقيه فيه. وفي الطريق،مرّ بالقديس. فلما عاين الروح الخبيث رجل الله صرع الشاب للحال واهتاج فيه حتى صارت عينا الشاب تتحركان بتوتر في كل اتجاه وتنقلبان وأخذ يتمرّغ ويُزبد ويصرّ بأسنانه. فدنا منه قديس الله، فاضطرب الروح الخبيث بالأكثر، وسُمع يقول: ما هذه المصيبة التي حلّت بي؟! أإلى هنا أتى باطابيوس أيضاً؟! إلى أين أذهب بعد اليوم؟! إلى أين أهرب منك أيها الناصري؟! أذهب إلى الصحراء فتطردني! أذهب إلى المدينة فتخرجني! وأنا بعلامة الصليب أُضرب وأتحطّم!
ولما تلفّظ الروح الخبيث بهذه الكلمات رفع الشاب في الهواء وأخذ يخبطه.
إذ ذاك رفع القديس يمينه ورسم إشارة الصليب في الهواء قائلاً: اخرج أيها الروح الخبيث من هذا الشاب إلى البرّية ولا تعد إليه! الرب يسوع المسيح يأمرك بي، يا من تعترف بقوته مرغماً!
ولما قال قديس الله هذا سقط الشاب أرضاً وخرج منه الروح الخبيث كغيمة دخان. فبكى الشاب من الفرح ومجّد الله وشكر قديسه.
سرطان الثدي
امرأة كانت تعاني من سرطان الثدي ساءت حالها جداً وأخذ الدود يخرج من صدرها. كانت قد أنفقت كل معيشتها على الأطباء ولم تستفد شيئاً. لم تعد لها طاقة على الحياة فطلبت الموت. هذه سمعت بالقديس باطابيوس فذهبت إليه وسجدت عند قدميه وتوسلت إليه: اشفني يا خادم الله أنا البائسة! ارأف بي أنا الشقية! حتى قبل أن أسكن القبر يأكلني الدود! وأنا في أوجاع لا تطاق! فقال لها القديس: إذا كان لك إيمان بالرب يسوع ولا تشكّين فهو يشفيك! فتنهدت المرأة بدموع وقالت له: أؤمن بالرب يسوع القادر على كل شيء وأومن بأنه رحيم وهو يشفيني! فسألها القديس أن تريه موضع المرض، فأرته إياه فتعجّب وقال لها: مرضك صعب يا امرأة، ولكن بالإيمان كل صعوبة تهون. لذلك أقول لك اذهبي بسلام. أنت منذ الآن معافاة من دائك. فشفيت المرأة من ساعتها وذهبت تمجّد الله بفرح عظيم. ولم تترك أحداً مرّت به إلاّ أخبرته بما فعل لها رجل الله حتى شهرته بين الناس.
رقاده
كان رقاد القديس، كما يبدو من سيرته، في أحد الديورة لأن الذين اجتمعوا إليه ليودعوه كانوا من النسّاك. كانوا شديدي الحزن على قرب مغادرته لهم. فما كان منه سوى أن عزّاهم وكلّمهم عن الحياة الأبدية وسألهم الصلاة عنه وعن أنفسهم. ولما استكمل كلامه استودع روحه بين يدي الله بسلام وفرح. وقد دفن في كنيسة القديس يوحنا المعمدان.
ملاحظة: يذكر بعض الدارسين أن رفات القديس باطابيوس ضاعت في القرن العاشر للميلاد، وبقيت قروناً طويلة لا يدري بأمرها أحد إلى أن جرى الكشف في كنيسة دير صفير في قمة جيرانيا، فوق لوتراكي القريبة من مدينة كورنثوس، عن رفات قدّيس اسمه باطابيوس ظُنّ أنه إياه من نحتفل بعيده اليوم. هذا حدث سنة 1904 م. ويقال إن الرفات كانت كاملة وكأن صاحبها دفن هناك. وقد خرجت منها رائحة طيب سماوية وكان بقربها جلد كتب عليه اسم القديس صاحبها. ولكن كيف وصلت رفات القديس إلى قمة جيرانيا؟ هل يعقل أن يكون قد رقد ودفن في هذا الدير الصغير؟ ربما هو قديس آخر يحمل الاسم نفسه! كل هذا مطروح للبحث. ويبقى أنه منذ أن تمّ الكشف عن الرفات أجرى الله بها عدداً من الأشفية، فصار المكان محجة. وقد نشأت فيه شركة رهبانية نسائية سنة 1953 ما زالت مزدهرة إلى اليوم.
تذكار أبينا البار باطابيوس (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
كان هذا البار من بلاد مصر. فما كاد يبلغ أشدّه حتى هجر العالم وانتحل العيشة الرهبانيّة، وسار يركض ركضاً في طريق الكمالات الإنجيليّة. لكنّه ما لبث أن مال إلى الوحدة والإنفراد، وترك الدير الذي كان فيه، وذهب فتوغّل في البريّة، وعاش بالنسك الشديد، مواظباً على الصوم والصلاة وقهر النفس، على مثال النسّاك الذين سبقوه إلى تلك الحياة الملائكيّة. وشرّفه الله بصنع العجائب. فصار يشفي المرضى ويطرد الشياطين، حتى أضحى ينبوعاً فائضاً للنعم في وادي النيل السعيد. ثم قصد القسطنطينيّة وأقام فيها. وعاش هناك عيشة القداسة، بالبرّ وعمل الخير، حتى رقد بالربّ رقود الأبرار القديسين. ولا يذكر التاريخ متى كانت وفاته، بل حفظ لنا ذكر قداسته وعجائبه.
استشهاد البابا بطرس خاتم الشهداء 17 (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم استشهد القديس بطرس بابا الإسكندرية السابع عشر وخاتم الشهداء، وكان أبوه كبير قسوس الإسكندرية، اسمه ثاؤدسيوس، واسم أمه صوفية، وكانا خائفين من الله كثيرًا ولم يرزقا ولدًا. فلما كان الخامس من شهر أبيب وهو عيد القديسين بطرس وبولس، ذهبت أمه إلى الكنيسة، فرأت النساء وهن حاملات أولادهن، فحزنت جدًا وبكت، وسالت السيد المسيح بدموع إن يرزقها ولدار، وفي تلك الليلة ظهر لها بطرس وبولس وأعلماها إن الرب قد قبل صلاتها، وسوف يعطيها ولدا تسميه بطرس، وأمرها إن تمضي إلى البطريرك ليباركها، فلما استيقظت عرفت زوجها بما رأت ففرح بذلك ثم مضت إلى الآب البطريرك وعرفته بالرؤيا وطلبت منه إن يصلي من اجلها فصلي وباركها، وبعد قليل رزقت هذا القديس بطرس، وفي كمال سبع سنين سلموه للبابا ثاؤنا مثل صموئيل النبي، فصار له كابن خاص وألحقه بالمدرسة اللاهوتية، فتعلم وبرع في الوعظ والإرشاد، ثم كرسه أغنسطسًا فشماسًا، وبعد قليل قسًا وصار يحمل عنه كثيرًا من شئون الكنيسة، وتنيح البابا ثاؤنا بعد إن أوصى إن يكون الآب بطرس خلفا له، فلما جلس علي الكرسي المرقسي، استضاءت الكنيسة بتعاليمه، وكان في أنطاكيا رئيس كبير قد وافق الملك دقلديانوس علي الرجوع إلى الوثنية وكان له ولدان، فلم تتمكن أمهما من عمادهما هناك، فاتت بهما إلى الإسكندرية، وقد حدث وهي في طريقها إن هاج البحر هياجا عظيما، فخافت إن يموت الولدان غرقا من غير عماد، فغطستهما في ماء البحر وهي تقول "باسم الآب والابن والروح القدس"، ثم جرحت ثديها ورسمت بدمها علامة الصليب المجيد علي جبهتي ولديها، عندئذ هدأ البحر ووصلت إلى الإسكندرية سالمة بولديها، وفي ذات يوم قدمتهما مع الأطفال المتقدمين للمعمودية، فكان كلما هم الآب البطريرك بتعميدهما، يتجمد الماء كالحجر، وحدث هكذا ثلاث مرات، فلما سألها عن أمرها عرفته بما جري في البحر، فتعجب ومجد الله قائلا "هكذا قالت الكنيسة، إنها معمودية واحدة". وفي أيام هذا البابا ظهر اريوس المخالف، فنصحه القديس بطرس كثيرا إن يعدل عن رأيه الفاسد فلم يقبل، فحرمه ومنعه من شركة الكنيسة، واتصل بالملك مكسيميانوس الوثني، إن بطرس بطريرك الإسكندرية يحرض الشعب علي ألا يعبدوا الإلهة، فحنق جدا وامتلأ غيظا، وأوفد رسلا أمرهم بقطع رأسه، فلما وصلوا إلى الإسكندرية فتكوا بالشعب، ودمروا اغلب البلاد المصرية، ونهبوا الأموال، وسلبوا النساء والأطفال، وقتلوا منهم نحو ثمانمائة وأربعين آلفا، بعضهم بالسيف والبعض بالجوع والحبس، ثم عادوا إلى الإسكندرية، وقبضوا علي الآب البطريرك وأودعوه السجن، فلما علم الشعب باعتقال راعيهم تجمهروا أمام باب السجن، يريدون إنقاذه بالقوة، فخشي القائد المكلف بقتله إن يختل الأمن العام، وإرجاء تنفيذ الأمر إلى الغد، فلما رأي القديس ذلك أراد إن يسلم نفسه للموت عن شعبه، واشتهي إن ينطلق ويصير مع المسيح بدون إن يحدث شغب أو اضطراب بسببه، فأرسل واستحضر أبناءه وعزاهم وأوصاهم إن يثبتوا علي الإيمان المستقيم، فما علم اريوس المجدف إن القديس بطرس سيمضي إلى الرب ويتركه تحت الحرم، استغاث إليه بعظماء الكهنة إن يحله فلم يقبل وأعلمهم إن السيد المسيح قد ظهر له هذه الليلة في الرؤيا وعليه ثوب ممزق، فأساله "من شق ثوبك يا سيدي؟" فأجابه إن اريوس هو الذي شق ثوبي، لأنه فصلني من أبى فحذار إن تقبله، وبعد ذلك استدعي القديس بطرس قائد الملك سرا وأشار عليه إن ينقب حائط السجن من الخلف في الجهة الخالية من المسيحيين، فذهل القائد من شهامة الآب، وفعل كما أمره وأخرجه من السجن سرا، وأتى به إلى ظاهر المدينة إلى المكان الذي فيه قبر القديس مرقس كاروز هذه الديار، وهناك جثا علي ركبتيه وطلب من الله قائلا "ليكن بدمي انقضاء عبادة الأوثان، وختام سفك دماء المسيحيين، فاتاه صوت من السماء سمعته عذراء قديسة كانت بالقرب من المكان، يقول "آمين"، أي يكون لك كما أردت، ولما أتم صلاته تقدم السياف وقطع رأسه المقدس وظل الجسد في مكانه حتى خرج الشعب من المدينة مسرعا إلى حيث مكان الاستشهاد لأنه لم يكن قد علم بما حدث، فأخذوه الجسد الطاهر والبسوه ثياب الجبرية وأجلسوه علي كرسي مار مرقس الذي كان يرفض الجلوس عليه في حياته، وكان يقول في ذلك انه كان يري قوة الرب جالسة عليه فلا يجسر هو إن يجلس، ثم وضعوه حيث أجساد القديسين وكانت مدة جلوسه علي الكرسي احدث عشرة سنة، صلاته تكون معنا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد البابا أكليمنضس بروميا
في مثل هذا اليوم استشهد القديس أكليمنضس أسقف رومية، وقد ولد هذا الآب برومية، من والد شريف الحسب اسمه فستينوس أحد أعضاء مجلس الأعيان، فعلمه وأدبه بالاداب اليونانية، ولما قدم رومية القديس بطرس الرسول وسمع أكليمنضس بكرازته، استدعاه إلى مجلسه وباحثه كثيرا، فبين له الرسول بطلان عبادة الأوثان، واثبت له ألوهية السيد المسيح الذي به يبشرون وباسمه تجري المعجزات، فآمن علي يديه وتعمد منه، ثم تبعه من ذلك اليوم، وكان يكتب سير التلاميذ وما يقاسوه علي أيدي الملوك والولاة، ثم بشر في مدن عديدة وآمن علي يده كثيرون، وهو الذي سلم إليه الرسل كتب قوانينهم، وصار بطريركا علي رومية في أواخر القرن الاول المسيحي، فبشر فيها ورد كثيرين من أهلها إلى معرفة السيد المسيح، وسمع عنه الملك ترايان، فاستحضره مقبوضا عليه وأمره بالسجود للأوثان، وإنكار السيد المسيح فلم يطعه، وإذ خشي الملك من تعذيبه أمام أهل المدينة وأهله، نفاه إلى إحدى المدن، وكتب رسالة إلى واليها ليعذبه ثم يقتله، فربط الوالي عنقه بمرساة وألقاه في البحر، وهكذا اسلم هذا القديس روحه الطاهرة، ونال إكليل الشهادة في السنة المائة للمسيح، وبعد سنة من انتقاله انحسرت اللجة عن جسده، فظهر في قاع البحر كأنه حي، ودخل كثيرون وتباركوا منه وأرادوا نقله من مكانه، فاحضروا تابوتا من رخام ووضعوه فيه، ولما أرادوا إخراجه من البحر، لم يقدروا علي تحريكه، فعلموا انه لا يريد الانتقال من مكانه فتركوه ومضوا، وصارت اللجة تنحصر عنه يوم عيده في كل سنة، فيدخل الزوار إليه ويتباركون منه، وكثر تردد المسافرين عليه، وهم يعاينون هذا العجب، ومن جملة ما كتب عن عجائبه “ انه في بعض السنين دخل الزوار ليتباركوا منه، وقد نسوا عند خروجهم صبيا صغيرا خلف تابوت القديس، وكان ذلك بتدبير من السيد المسيح ليظهر فضل محبته، وما نالوه من الكرامة، ولما تذكر والدا الطفل ابنهما أسرعا إلى البحر، فوجدوا اللجة قد عادت وغطت التابوت، فتحققا إن ولدهما قد مات في البحر وآكلته الوحوش، فبكياه وأقاما التراحم والقداسات كالعادة، وفي السنة التالية انحسرت اللجة، ودخل الناس كعادتهم فدهشوا إذ وجدوا الصبي حيا، فسألوه كيف كان مقامك؟ وبماذا كنت تتغذى؟ فقال إن القديس كان يطعمني ويسقيني ويحرسني من وحش البحر، فمجدوا السيد المسيح الممجد في قديسيه.
صلاته تكون معنا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد القديسة كاترين الاسكندرانيه عام 307 ميلادية
تذكار استشهاد القديسة كاترين الاسكندرانيه. صلواتها تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.