قديسو اليوم: 28 كانون الأول 2016
فلما عرف ابوها انها اصبحت مسيحية، حزن جداً واخذ يبذل جميع الوسائل ليحملها على الكفر بالمسيح فلم ير منها إِلاَّ الثبات في ايمانها ومحبتها ليسوع المسيح، بل حاولت ان تقنعه بنبذ الوثنية لما فيها من خرافات فغضب جداً واوسعها اهانةً وشتماً وطردها من بيته.
ولمَّا جاء الوالي اولمبريوس الى انطاكية في زمن الاضطهاد اتفق ان وقع نظره على مارينا فشغف بجمالها فسألها عن اسمها واسرتها. فأجابت بكل رصانة:" اسمي مارينا، اما الاسم الذي اتشرف به، فهو: مسيحية". فحنق الوالي واخذ يتملقها بكل حيلة فلم ينل منها مأرباً. عندئذ أمر فجلدوها حتى تمزَّق جسدها وسال دمها فكانت صابرة تشكر الله. وسمعت صوتاً يقول لها: تشجعي لا تخافي.
ثم اعاد الوالي الكرة عليها بالتهديد والوعيد ان لم تضحّ للاصنام. فأجابت عبثاً تحاول ان تفصلني عن محبة المسيح. فكووا ثدييها وخاصرتيها بالنار، وزجوها في بحيرة مجلَّدة فأخذت تصلي وهي واقفة كأنها لم تشعر بألم، فصرخ الحاضرون: إِنَّ إِله مارينا هو الاله العظيم، لقد سمع صلاتها وصنع العجائب. وآمن كثيرون منهم بالمسيح.
فخاف الوالي من فتنة في الشعب فأمر بضرب اعناق الذين آمنوا فاعتمدوا بسفك دمائهم وفازوا بالسعادة الابدية. اما مارينا فاخذوها خارج المدينة، حذراً من اعجوبة أخرى تبهر الناس فيؤمنون، وهناك جثت تصلي فضربوا عنقها فذهبت نفسها ترتع بالمجد الابدي في السنة 280. صلاتها معنا. آمين.
شهداء نيقوميذية الذين أحرقوا أحياء (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
لما عاد الإمبراطور الروماني مكسيميانوس غاليريوس مظفّراً من حربه ضد الأحباش، رغب، على حسب العادة المألوفة، في أن يقدّم الناس، في كل مكان من الإمبراطورية، ذبائح للآلهة التي نصرته على أعدائه. وإذ وصل إلى مدينة نيقوميذية، العاصمة الشرقية للإمبراطورية، أصدر أمراً بأن يبادر جميع من فيها إلى تقديم فروض العبادة للأوثان، وكل من يتخلّف يعرّض نفسه للملاحقة والموت.
كان الإمبراطور يعلم جيداً أن في المدينة عدداً غير قليل من المسيحيين. وقد ظنّ أن ولاءه للآلهة وشكره لها يحتّمان عليه ضربهم. لذلك عمد إلى تشديد قبضته عليهم. ومن الإجراءات التي اتخذها، في هذا الشأن، أنه بادر إلى تصفية القصر والإدارات العامة من كل من انتهى إليه أنه مسيحي وبطش بذوي الرفعة منهم ونشر جنوده في الأحياء العامة والأزقّة ليُخرجوا المسيحيين من مخابئهم ويفتكوا بهم. وقد سال دم شهداء المسيح، من جديد، نتيجة ذلك. وأخذت الحال تسوء يوماً بعد يوم.
استمر الوضع متردّياً، على هذا النحو، إلى أن قرب عيد ميلاد ربّنا يسوع المسيح بالجسد. يومها جاء إلى الإمبراطور وشاة أسرّوا إليه أن أنثيموس الأسقف، زعيم المسيحيين. قد جمع الناس في الكنيسة وهم بأعداد وافرة. فأسرع جنوده وأحاطوا بالمكان. ثم جمعوا كميّات من الحطب والأغصان اليابسة وزنّروا بها الموضع. وجعلوا عند المدخل مذبحاً متنقلاً للأوثان. وإذ اكتملت استعدادات العسكر نادوا من في الداخل أن من أراد منهم بالنجاة فليخرج خارجاً ويضحِّ للأوثان. فهبّ أغابيوس الشماس في المسيحيين المجتمعين في الداخل، وهم يصلّون، وذكّرهم بالفتية الثلاثة القدّيسين. هؤلاء لما ألقوا في أتون النار، في بابل، لتمسّكهم بإلههم، دعوا الخليقة كلها إلى تمجيد الله، فنزل الكلمة الخالق إليهم، في هيئة جسمانية، معيناً مشدِّداً وشملهم بالندى والنسيم العليل. ثم قال لهم إن ساعة الاقتداء بهؤلاء الفتية قد حانت لنا، فلا نخشين الميتة العابرة حباً بالله لأننا إن بذلنا له أنفسنا سُدنا معه إلى الأبد. ويبدو أن كلام الشماس ثبّت المؤمنين. لاسيما وقد كانوا مهيّئين بالنفس والروح لمثل هذه المواجهة وقوى الشر الكونية. لذلك أجاب المجتمعون عمال مكسيميانوس بصوت متّفق: "نحن نؤمن بالمسيح يسوع وله نسلم أمرنا".
وتحرّك الجنود بسرعة. أخذوا يضرمون النار في أكوام الحطب والأغصان فيما جرى استكمال معمودية الموعوظين في الداخل، وأقيمت الذبيحة الإلهية. إزاء هذا المشهد المريع بقي المؤمنون متشدّدين بنعمة الله متماسكين. وإذ بدأ الدخان يتسرب إليهم والنار تشقّ طريقها إلى داخل المبنى، أخذت أصوات المؤمنين ترتفع مردّدة أنشودة الفتية الثلاثة القدّيسين: "باركوا الرب يا جميع أعمال الرب! سبِّحوه وارفعوه إلى الأبد!" ثم أخذ أحبة الله يتساقطون الواحد تلو الآخر اختناقاً إلى أن قضوا جميعهم. وقد بقيت النار مشتعلة في المكان خمسة أيام ولما انطفأت، أخيراً، انبعثت من الموضع رائحة طيب كانت أقوى من رائحة الحريق. وقد قيل أن عدد الذين قضوا في المحرقة كان كبيراً.
أما القديس أنثيموس فذُكر أنه نجا بأعجوبة، وظنّ آخرون أنه لم يكن موجوداً في الكنيسة وقت حدوث المحرقة. مهما يكن من أمر فإنه لجأ إلى قرية في الجبال اسمها أومانا أخذ منها يرعى شعبه إلى أن ألقي القبض عليه وأعدم بقطع الرأس.
تذكار القديسين الشهداء الربوتين المحترفين في نيكوميذية (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
إنّ إستشهاد هؤلاء العشرون ألفاً، الذين أحرقهم ذيوكلسيانس بالنار في مدينة نيكوميذيّة من أجل إيمانهم بالمسيح، لهو من الحوادث التاريخيّة المروّعة، التي تسطرها الكنيسة لمجد أبنائها بماء الذهب.
ذكرنا غير مرّة كيف أصدر ذيوكلسيانس، بمساعي شريكه في الملك مكسميانس، مرسوماً ملكياً، سنة 303، يأمر فيه بإبادة النصرانية من المملكة الرومانيّة. ووصفنا كيف جرت دماء المسيحيين في تلك السنين كالأنهار، وكيف كانت مدينة نيكوميدية المسرح الأول والأكبر لأمجاد الشهداء. لأنّ ذيوكلسيلنس الملك كان قد جعل فيها كرسي القسم الشرقي من تلك المملكة، التي كانت راياتها تخفق على كل البلاد، من إسبانيا وغاليا حتى دجلة والفرات وبلاد فارس والعرب.
فكان يوم عيد الميلاد. وكانت الألوف المؤلفة تزدحم في كنيسة نيكوميذية لحضور صلاة العيد، رجالاً ونساءً، فتياناً وصبياناً، وهم يرنّمون بترنيمة الملائكة: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة. وإذا بالجند يحيطون بالكنيسة، ويضرمون النيران من حولها، من أطرافها الأربعة. ووقف زعيمهم يصيح في تلك الألوف ويقول: من أراد أن ينجو من النار، عليه أن يخرج ويقدّم البخور على الباب لصنم المشتري. فتعالت أصوات تلك الألوف، تشجّع بعضها بعضاً ونترنّم بعذوبة الموت من أجل المسيح. وقام الكهنة يباركون الشعب، ويوزّعون عليه الأسرار، وينفخون في القلوب نار الإيمان. فلم يخرج أحد من تلك الألوف المزدحمة، ولم يخن ولا واحد منهم إيمانه، ولم يجزع من اللهيب المتصاعد أحد، لا صغير ولا كبير، ولا غني ولا فقير، ولم يؤثّر أحدهم الحياة الدنيا على الحياة الآخرة. بل ثبّتوا جميعهم في ذاك الأتون. ثم أخذت نفوسهم تتطاير مرتفعة إلى الديار العلوية جماعات جماعات، ترافقها أجواق ملائكة السماء، حتى انتقلوا بأجمعهم من حفلة عيد الميلاد على الأرض، إلى حفلات الأعياد التي لا تنتهي في الملك السماوي.
نياحة البابا غبريال السادس الحادي والتسعون (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم تذكار نياحة البابا غبريال السادس 91. صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.
وفي هذا اليوم أيضاً: نياحة القديس يوحنا اسقف البرلس جامع السنكسار
في مثل هذا اليوم تنيح القديس يوحنا أسقف البرلس، وقد كان من ذوي الحسب والنسب ومن نسل الكهنة، وكان والداه يكثران من الصدقة علي المساكين، ولما توفيا اخذ القديس يوحنا ما تركاه له وبني به فندقا للغرباء، ثم جمع إليه المرضي وكان يخدمهم بنفسه ويقدم لهم كل ما يحتاجون إليه، واتفق مجيء أحد الرهبان إليه فرأي عمله الحسن واثني عليه، ثم مدح أمامه الرهبنة مبينا له شرفها، فتعلق بها القديس ومال بقلبه إليها، وبعد إن رحل الراهب، قام القديس فوزع أمواله علي المساكين، وذهب إلى برية شيهيت، وترهب عند القديس دانيال قمص البرية، واشتهر بحرارة العبادة والنسك الكثير، ثم انفرد في مبني خاص فحسده الشيطان وجنوده علي حسن صنيعه هذا، واجتمعوا عليه وضربوه ضربا موجعا، حتى انه ظل مريضا أياما كثيرة، بعدها شفاه السيد المسيح، فقوي وتغلب عليهم، ثم دعي من الله إلى رتبة الأسقفية علي البرلس، وكانت توجد في زمانه بعض البدع فاجتهد حتى اقتلعها وارجع أصحابها إلى الإيمان المستقيم. وظهر في أيامه راهب من الصعيد، كان يخبر بأمور مدعيا إن الملاك ميخائيل يكشفها له، فأضل كثيرين بخداعه، فرأي القديس إن عمل هذا الراهب من الشيطان، لذلك أمر بضربه حيث اعترف بخطئه فطرده من البلاد، وادعي آخر إن حبقوق النبي يظهر له ويعرفه الأسرار، فتبعه كثيرين، فطرده أيضًا من بلاده بعد ما أبطل قوله، كما ابطل استعمال كتب كثيرة رديئة.
و كان هذا القديس كلما صعد إلى الهيكل ليقوم بخدمة القداس الإلهي، إن يصطبغ وجهه وكل جسده لونا احمرا كأنه خارج من أتون نار، وكانت دموعه تنحدر علي خديه بغزارة، لأنه كان ينظر الطغمات السمائية علي المذبح، وحدث في ثلاث مرات انه كلما وضع إصبعه في الكأس للرشم وقت صلاة القسمة، يجد الكأس كنار تتقد. وكان في أيامه أيضًا قوم مبتدعون يتناولون الأسرار المقدسة وهم مفطرون، وإذ نهاهم ولم ينتهوا حرمهم ومنعهم من شركة الكنيسة، ولما لم يطيعوا أمره، سال الرب فنزلت نار من السماء أحرقت كبيرهم، فخاف الباقون من ذلك ورجعوا عن بدعتهم، ولما أراد الرب إن يريحه من أتعاب هذا العالم، أرسل إليه القديسين أنطونيوس ومقاريوس ليعرفاه بيوم انتقاله، فدعا شعبه وأوصاهم ثم تنيح بسلام، صلاته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.