قديسو اليوم: 17 تشرين الثاني 2016
واستمَّر مواصلاً حياته هذه، منكباً على مطالعة الكتاب المقدس، الى ان انتدبه فيديموس اسقف اماسيا ليكون اسقفاً على مدينة قيصرية، وطنه. فهرب متوغلاً في البرية، خوفاً من حمل المسؤولية التي لم يعتقد انه اهلٌ لها، لتواضعه العميق. وبينما كان يصلِّي، سمع صوتاً يقول له: إِعمل بارادة رئيسك، واسقفك فيديموس، فانها ارادة الله. فقام حالاً وأتى اماسيا. فرسمه فيديموس اسقفاً على مدينته قيصرية. وكان المؤمنون فيها يُعدُّون بالاصابع. فأخذ بالصلاة الى الله ليقوِّيه على شرح الحقائق الايمانية ولا سيما سر الثالوث الاقدس.
وقد اشتهر غريغوريوس بعجائبه الباهرة، حتى لُقِّب "بالعجائبي". وكان ممتازاً بتواضعه ومحبته للقريب وعطفه على الفقراء.
وقد اقام هذا القديس عيداً خاصاً سنوياً للشهداء الذين سفكوا دمائهم لاجل ايمانهم.
دخل مدينة قيصرية وفيها سبعة عشر مسيحياً وخرج منها وفيها سبعة عشر وثنياً، مستودعاً روحه الطاهرة بين يدي الله سنة 270. وكان اوصى ان لا يدفن جسده في قبر خاص، بل في قبور الغرباء، لانه، في حياته لم يكن يملك شيئاً، فلا يريد، بعد وفاته، ان يخصص جسده بشبر من الارض. صلاته معنا. آمين.
غريغوريوس العجائبي (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
ولد في أواخر القرن الثالث في مدينة قيصرية الجديدة من أعمال البنطوس وأرسله والده الى المراكز الثقافية الكبرى. وبعد أن أنهى دروسه جاء الى قيصرية فلسطين وتتلمذ للفيلسوف الشهير أوريجانس حيث درس على يده الفلسفة الإنجيلية وتعمّق في علم الكتاب المقدس مما جعله يترك الوثنية ويؤمن بإيمان معلمه، وهكذا دخل في عداد الموعوظين.
واستمر مواصلاً حياته في مطالعة الكتاب المقدس الى أن انتدبه فيديموس أسقف أماسيا أسقفاً على مدينة قيصرية، وإذ علم بذلك هرب الى البرية خوفاً من حمل مسؤولية الأسقفية. وإذ كان يصلي يوماً سمع صوتاً يقول له : "اعمل إرادة أسقفك فيديموس فإنها إرادة الله". فقام حالاً وأتى أماسيا، ورسمه فيديموس أسقفاً على مدينة قيصرية، ويقال أنه دخل مدينة قيصرية وفيها سبعة عشر مسيحياً وخرج منها وفيها سبعة عشر وثنياً.
اشتهر غريغوريوس بعجائبه الباهرة حتى لُقّب بـ "العجائبي". وامتاز بتواضعه كما عُرف بمحبته للفقراء وعطفه عليهم... وقبل أن يموت أوصى أن لا يُدفن في قبر خاص بل في قبور الغرباء لأنه في حياته لم يكن يملك شيئاً لذا فبعد مماته أيضاً لا يريد أن يخصص لجسده شبراً من الأرض... رقد في الرب سنة 270.
أبينا الجليل في القديسين غريغوريوس العجائبي رئيس أساقفة قيصرية الجديدة (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
أبصر غريغوريوس - وكان اسمه في الأساس ثيودوروس - النور في مدينة قيصرية الجديدة في بلاد البنطس حوالي العام 213 للميلاد. كان والداه وثنيين وكان له أخ وأخت. وقد سمح له وضع عائلته بتلقي نصيب لا باس به من العلم، فدرس الآداب والفقه والخطابة. تمتع بمواهب جمة وامتاز بالحكمة والوداعة ومال إلى الهدوء والتأمل.
كان في صباه غير ما كان عليه أترابه. وكثيراً ما حاولوا اجتذابه إليهم أو حتى إرباكه فلم ينجحوا في تحويله عن خط سيره. مرة دفعوا بواحدة من الغواني فدنت منه أمام الملأ وطالبته بما لها عليه لقاء متعة مزعومة قضتها معه، فلم يجبها ولا دافع عن نفسه بل أعطاها ما تريد و تركها تذهب.
توفي والده وهو صغير السن وشاءت والدته لما رأته فيه من ذكاء حاد وميل إلى العلم أن ترسله إلى مدرسة بيروت التشريعية الشهيرة في ذلك الزمان. ولمّا كانت أخته على أهبة الزواج من وكيل حاكم فلسطين فقد رافقها هو وأخوه، اثينودوروس، على قيصرية على أمل الانتقال منها إلى بيروت بعد ذلك. ولكنه تعرّف في قيصرية إلى المعلم المشهور أوريجنوس فأخذ بعلمه ومنطقه وتقواه وآثر البقاء في قيصرية.
لازم غريغوريوس وأخوه أوريجنوس خمس سنوات واعتمدا منه. وقيل أنهما لحقا به إلى الإسكندرية لبعض الوقت بعدما جدّ حاكم فلسطين في طلبه إثر موجة جديدة من الاضطهاد على المسيحيين.
وأخيراً عاد غريغوريوس إلى موطنه فلقيه قومه بالترحاب وانهالت عليه عروض التوظيف. ولكن، كانت عين غريغوريوس في غير مكان فترك الحياة العامة واهتمامات الدنيا وانصرف إلى البرية ينشد النسك والصلاة والتأمل في الكتاب المقدّس. ويقال أنه لازم القفر بضع سنوات.
وان هو سوى زمان حتى ذاع صيت فضائله وبلغ أذني فيديموس، أسقف أماسيا التي تقع قيصرية الجديدة في إطارها، فأراد أن يجعله أسقفاً على مسقط رأسه رغم انه كان بعد في الثلاثين. قيصرية الجديدة كانت يومها وثنية إلا سبعة عشر شخصاً اقتبلوا المسيحية. فلما علم غريغوريوس بعزم الأسقف ترك مكانه وتوغل في البريّة هرباً. إلا أن ذلك لم يثن فيديموس عن قصده ولا منعه من تنفيذ رغبته. فقد لجأ إلى طريقة قلّما ألفها تاريخ الكنيسة أو أقرّتها الأعراف، إذ عمد إلى سيامته غيابياً وأنفذ له علماً وخبراً بذلك. في هذه الأثناء جاء غريغوريوس صوت من السماء يقول له: "أذعن لإرادة رئيسك وأسقفك فيديموس. أنها هي اياها إرادة الله". فترك منسكه للحال وتوجه إلى أماسيا حيث وضع نفسه في تصرف أسقف المدينة.
كأسقف على قيصرية الجديدة أبدى غريغوريوس غيرة وهمّة كبيرين. وقد منّ عليه الله بمواهب جمّة، فتمكّن بالمحبة والصلاة والكلمة وصنع العجائب من هداية أهل المدينة والجوار. ويقال أن عدد الوثنيين في المدينة كان مساوياً، عند وفاته، لعدد المسيحيين وقت دخوله إليها أسقفاً: سبعة عشر. هذا علماً بأن زمن ولايته كان زمن حرب وطاعون واضطهاد.
أما عجائبه التي أورد قسماً كبيراً منها كل من القدّيسين باسيليوس الكبير وغريغوريوس النيصصي فكانت غزيرة، واسعة النطاق، مدهشة. قيل أنه كان له سلطان على الأرواح النجسة والجبال والمياه وكان يشفي المرضى وكانت له موهبة النبوة ويعرف مكنونات القلوب. كما كان، بنعمة الله، قادراً على الاختفاء عن أعين مضطهديه. يروى في هذا الشأن أنه بعدما أطلق داكيوس قيصر شرارة الاضطهاد على المسيحيين حوالي العام 250 للميلاد انصرف غريغوريوس وجمع غفير من أبناء رعيته إلى الجبال المتاخمة لقيصرية الجديدة. وحدث ذات مرة، أن جنوداً رصدوه، هو وشماسه على إحدى القمم فصعدوا إليه وكادوا أن يدركوه بعدما كانوا على بعد خطوات معدودة منه. ولكن ماذا جرى؟ تقدّم الجنود قليلاً إلى الأمام فعاينوا شجرتين باسقتين ولم يروا أثراً فعادوا خائبين.
وبعدما همدت حملة الاضطهادات هذه، عمد غريغوريوس إلى جمع رفات الشهداء وجعل لهم أعياداً سنوية ثابتة. ولعل بعض مواطن الإبداع في ما فعله غريغوريوس كان تعيننه أعياد الشهداء في نفس الأيام التي اعتاد الوثنيون إقامة احتفالاتهم وسمح ببعض مظاهر الفرح والتعييد الوثنية. بكلام آخر عمّد غريغوريوس الأعياد الوثنية، تمثّلها، وبالتالي ساعد على إلغائها من وجدان الناس.
من جهة أخرى يذكر القدّيس غرغوريوس النيصصي الذي كتب سيرة سميّه العجائبي أنه أول من شهد التاريخ القديم لمعاينته لوالدة الإله. ففي إحدى الليالي ظهرت له والدة الإله برفقة القدّيس يوحنا اللاهوتيوكشفت له سر وحدة الجوهر الإلهي والتمايز بين الاقانيم الثلاثة، الآب والابن والروح القدس. وقد شكل هذا الكشف ما عرف ردحاً من الزمن بدستور القدّيس غريغوريوس العجائبي الذي اعتادت تلاوته كنائس قيصرية الجديدة والجوار. وهذا الدستور عينه استعان به الآباء في المجمع المسكوني الثاني (381 م) لإخراج دستور الإيمان المعروف إلى يومنا إلى النور.
هذا الكشف جعل الآباء ينظرون إلى غريغوريوس وكأنه موسى ثان يتلقى الإعلانات الإلهية مباشرة من لدن العلي.
أما رقاد القدّيس غريغوريوس فكان بسلام في الرب بين العامين 270 و275 للميلاد. وقد قيل أنه أوصى بأن يدفن في قبر الغرباء لا في قبر خاص لأنه لم يختص نفسه بشبر أرض في حياته ولم يشأ أن يختص جسده بشبر واحد في مماته.
تذكار أبينا في القديسين غريغوريوس الصانع العجائب أسقف قيصرية الجديدة (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
ولد غريغوريوس في أوائل القرن الثالث للمسيح في مدينة قيصرية الجديدة، من أعمال البنطس. وكان أبواه من أشراف تلك المدينة ومن أغنيائها. وكانا من عبدة الأصنام، لأن نور المسيح لم يكن بعد قد أضاء تلك الأمصار النائية. وكان لغريغوريوس أخ أصغر منه يدعى أثينوذورس. فتربيا كلاهما في الوثنية.
لكن العناية الإلهيّة الساهرة على مقدرات البشر كانت قد أعدّت غريغوريوس وأخاه ليكونا مصباحين منيرين على هياكل الكنيسة. فبعثتهما إلى قيصرية فلسطين، حيث أشرق عليهما نور الإنجيل. وذلك أن شقيقتهما زُفّت إلى وكيل حاكم فلسطين، فرافقاها إلى هناك. وكانا قد عقدا النيّة، من بعد حفلة الزواج، على أن يأتيا إلى بيروت ليدرسا علم الشرائع في مدرستها الفقيهة الذائعة الصيت. إلاّ أنّهما تعرّفا في قيصرية بالفيلسوف الكبير الأستاذ العظيم أورجانس، فشُغفا به واستعذبا فصاحته وعلمه الغزير، فمكثا بالقرب منه وتتلمذا له. فتنصّرا وعزما على الزهد في الدنيا وأطايبها الفانية وأباطيلها الكاذبة.
وأثار القيصر مكسمينس الإضطهاد على الكنيسة. وبث حاكم فلسطين العيون على المعلّم أورجانس ليمسكه وينكل به. فتوارى ذلك الفيلسوف الكبير عن الأبصار وسافر إلى الإسكندرية. فلحق به إلى هناك غريغوريوس وأخوه، حيث تعرّفا بالفيلسوف ذيونيسيوس وسمعا تعاليمه، وهو الذي قد إرتقى فيما بعد إلى السدّة البطريركية على كرسي الإسكندرية، خلفاً للخطيب الكبير القديس هركلس.
ولمّا هدأت زوبعة الإضطهاد عاد أورجانس إلى قيصرية مع تلميذيه غريغوريوس وأخيه. لكنّهما ما لبثا أن أضطُرّا إلى العودة إلى بلاد البنطس. فشق كثيراً عليهما فراق معلّمهما وأبيهما. فألّف غريغوريوس في مديح أورجانس تلك الخطبة البديعة التي راح يصف فيها ما رآه من فضائل معلّمه وغزير علمه وسموّ أخلاقه وجميل صفاته.
ولمّا عاد غريغوريوس مع أخيه إلى بلاد البنطس إستقبلهما الجميع بالترحاب والإعجاب. وكان الناس يتوقعون أسناد الوظائف العالية إليهما في الحكومة الرومانية، لما كان لأسرتهما من المقام الرفيع، ولما كانا قد حصلا من العلم الوافر والأدب. إلاّ أن مثلهما الأعلى كان في غير بهرجة الدنيا وزخرفتها. إلاّ أن مثلهما الأعلى كان في غير بهرجة الدنيا وزخرفتها. فتركا الأهل والأقارب وذهبا إلى القفر يمارسان أعمال النسك، في الصلاة والتأمّل وإماتة الحواس وقهر النفس. أمّا أثينوذورس فلم نعلم عنه من بعد ذلك سوى أنّه صار أسقفاً على إحدى مدن البنطس ومات شهيداً. والكنيسة اللاتينية تكرّم تذكاره في 18 تشرين الأول.
أمّا غريغوريوس قضى زمناً طويلاً منفرداً في البريّة، مواظباً على الصلاة والتأمّل في آيات الكتاب المقدّس. فعلم به فيدُمس أسقف أماسيا، فرغب فيه وأراده أسقفاً على مدينة قيصرية وطنه، ليكون رسولاً إلى أهله ومعارفه ومواطنيه، فيبشّرهم بالإنجيل ويردّهم من عبادة الأوثان إلى الإيمان بالمسيح.
فارتاع غريغوريوس لمّا علم بعزم فيدِمُس وهرب وتوغّل في البريّة. إلاّ أن رسل الأسقف والقديس أدركوه وأخذوا يقنعونه، مصوّرين له قيمة تلك التضحية وما يكون لتلك الرسالة من ثمار الخلاص للألوف من النفوس. أمّا غريغوريوس فبقي مصرّاً على عزمه، خائفاً من عظم مسؤولية الأسقفية، مقتنعاً في ذاته، لشدّة تواضعه، أنّه لا يصلح لمنصب سامٍ كهذا في بيعة الله. ولمّا كان يذكر معلّمه أورجانس وسمو فضائله وغزارة علمه، كانت تصغر نفسه في عينيه فيبقى على عزمه.
ولمّا رأى فيدمس أن الوسائل البشرية لم تّنله رغبته، عمد إلى الصلاة والتضرّع إلى الله بحرارة. فلمّا كان غريغوريوس يوماً غارقاً في بحور تأملاته ومناجاته للخالق، سمع صوتاً يقول له: أذعن لإرادة رئيسك وأسقفك فيدمُس لإنّها إرادة الله.. فقام غريغوريوس لوقته وسار يقطع البراري والقفار حتى أتى مدينة أماسيا. فجثا بوداعة أمام الأسقف القديس فيدمس ووضع بين يديه زمام أمره. فقال فيدمس: أن الله يدعوك إلى تلك الرسالة والبشارة في قيصرية، لأن نفوساً كثيرة تنتظرك لتؤمن بالمسيح وتخلص. فاختلى غريغوريوس أياماً خصّصها للصلاة والصيام والتأمّل. ثم قبل الدرجة الأسقفية، وذهب إلى قيصرية أسقفاً لعبدة الأصنام، لأن المؤمنين بالمسيح كانوا يُعدّون على الأصابع.
وبدأ غريغوريوس بالوعظ والإرشاد. ولكنّه جعل دأبه الصوم والصلاة، لعلمه بأن النعمة تفعل في النفوس ما لا تفعله فصاحة الخطباء وبراعة الأساتذة والعلماء.
فتراءت له البتول مريم ومعها الرسول يوحنّا الإنجيلي الحبيب. وأوعزت البتول إلى القديس يوحنّا أن يفسّر للأسقف غريغوريوس تلك الأسرار، ويعلّمه كيف يشرحها للشعب. فأعطاه القديس يوحنا اللاهوتي صورة إيمان، وفسّرها له وأوضح له معانيها. ثم غابت الرؤيا. وأخذ غريغوريوس يعلّم هذه الصورة للمؤمنين للموعوظين ويشرحها. وبقيت زماناً طويلاً تتلى في كنيسة قيصرية وسائر الكنائس التابعة لها.
وسمع الرب تضرعاته، ورثى لدموعه، فمنحه صنع العجائب، سلاحاً يقهر به الوثنية وخزعبلاتها، ويهدي الجماهير إلى حظيرة المسيح. فأقبل الناس إليه، يؤمنون بإيمانه، فتكاثر عدد المؤمنين في تلك المدينة وضواحيها، حتى تضاءلت الوثنية وتراجع عبّادها إلى الوراء.
وأثار القيصر داكيوس على الكنيسة زوبعةً من الإضطهاد فظيعة، ذهب ضحيتها كثير من المسيحيين. فلمّا شعر غريغوريوس بقيام الزوبعة خاف على رعيّته، فأشار على الكثيرين أن يتواروا من وجه الإضطهاد. ولمّا رأى الحكام يريدونه، ترك هو أيضاً قيصرية وذهب إلى الجبال مع الكثيرين من شعبه. فكان يقضي أيامه ولياليه يصلّي لأجل الموقوفين من المسيحيين الموجودين في العذاب، لكي يصمدوا له ويفوزوا بإكليل الإستشهاد.
وأراه الله أنّه راضٍ عن ابتعاده عن ميدان الإضطهاد، لأن الجند أدركوه يوماً مع شماّسه وصاروا منه على بضع خطوات، فلم يروهُ بل وجدوا أمامهم شجرتين باسقتين. فعادوا أدراجهم ولم يمسكوه. فأبقاه الله لأجل شعبه، ولأجل تثبيت المهتدين حديثاً إلى الإيمان.
ولمّا هدأ الإضطهاد عاد غريغوريوس إلى كرسيه. وأن كثيرين من الذين كانوا قد عاشوا في الجباب وذاقوا حلاوة الحياة النسكية التي تعوّدوها معه، ليثوا في خلوتهم يمارسون أعمال النسك.
وتفرّغ غريغوريوس لخدمة شعبه والعناية بكهنته وشمامسته. فكان مثالاً حيّا للعبادة والمحبّة، قريباً إلى الصفح، رحيماً نحو الفقراء، وديعاً مع الصغار والبائسين. ولكي يوطد في قلب شعبه بذور الإيمان، أقام عيداً سنوياً للشهداء الذين سفكوا دماءهم في سبيل إيمانهم. ولمّا كان الشعب قد اعتاد الأفراح العائلية في الديانة الوثنية، سمح لهم أيضاً بإقامة تلك الأفراح في أعياد الشهداء، حتى لا يترك واسطة تفوته في خدمة شعبه وحمله على التقرّب إلى الله.
وظهر سنة 235 مرض الطاعون، فقضى على حياة المئات من الناس. لكن الكثيرين من المرضى كانوا يأتون إلى غريغوريوس فيشفيهم. فيهرع إليه الوثنيون أيضاً يطلبونه نعمة الشفاء، وكانوا يبرأون بصلاته. فآمن كثيرون منهم بالرب يسوع.
ولمّا شعر غريغوريوس بدنوّ أجله، سبّح الرب الذي منحه قبل أن يموت أن يرى الإيمان بالمسيح قد انتشر في تلك البلاد الوثنية. ثم أوصى أن لا يدفن جسده في قبر خاص، بل في قبور الغرباء، لأنّه في حياته لم يملك شيئاً، لا فضّة ولا ذهباً ولا أرضاً، ولا يريد بعد وفاته أن يختص جسده ولا بشبر أرض. وهكذا رقد بالربّ ذلك الأسقف العظيم والقديس الكبير سنة 270 للمسيح.
تذكار الأربعة حيوانات غير المتجسدين (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم تذكار الأربعة حيوانات غير المتجسدين حاملي مركبة الإله، كما يذكر الشاهد بذلك صاحب الرؤيا بقوله "وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس، وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد، وفي وسط العرش وحول العرش أربعة حيوانات مملوءة عيوناً من قدام ومن وراء، والحيوان الأول شبه أسد، والحيوان الثاني شبه عجل، والحيوان الثالث له وجه مثل وجه إنسان، والحيوان الرابع شبه نسر طائر، والأربعة الحيوانات لكل واحد منها ستة أجنحة حولها، ومن داخل مملوءة عيوناً ولا تزال نهاراً وليلاً قائلة قدوس قدوس قدوس الرب الإله القادر على كل شيء الذي كان والكائن والذي يأتي" وقال أشعياء النبي "رأيت السيد جالساً على كرسي عال مرتفع وأذياله تملأ الهيكل، والسيرافيم واقفون، ولكل واحد ستة أجنحة، باثنين يغطي وجهه، وباثنين يغطي رجليه، وباثنين يطير، وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض"، وقال حزقيال النبي "فنظرت وإذا بريح عاصفة جاءت من الشمال، سحابة عظيمة ونار متواصلة وحولها لمعان ومن وسطها كمنظر النحاس اللامع من وسط النار، ومن وسطها شبه أربعة حيوانات وهذا منظرها، لها شبه إنسان، ولكل واحد أربعة أجنحة، وأرجلها أرجل قائمة وأقدام أرجلها كقدم رجل العجل وبارقة كمنظر النحاس المصقول"، وقال يوحنا الإنجيلي"وبعد هذا سمعت صوتاً عظيماً من جمع كثير في السماء قائلاً هللويا، الخلاص والمجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا، وخر الأربعة الحيوانات وسجدوا لله الجالس على العرش قائلين "آمين هللويا، فانه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء، لنفرح ونتهلل ونعطه المجد"، وقد جعلهم الرب بقربه ليسألوه في الخليقة، فوجه الإنسان يسأل عن جنس البشر، ووجه الأسد يسأل في الوحوش، ووجه العجل يسأل في البهائم، ووجه النسر يسأل في الطيور، وقد ثبت معلمو الكنيسة تذكارهم وبنوا لهم الكنائس في مثل هذا اليوم شفاعتهم تكون معنا، ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد القديس نيكاندروس كاهن ميرا
تذكار استشهاد القديس نيكاندروس كاهن ميرا. صلواته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.
وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة الآب بيريوس مدير مدرسة الاسكندرية اللاهوتية
تذكار نياحة الآب بيريوس مدير مدرسة الاسكندرية اللاهوتية. صلواته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.