قديسو اليوم: 1 تشرين الثاني 2016
وفي السنة 837 زار البابا غريغوريوس الرابع فرنسا وادخل هذا العيد فيها، وعيَّن له اليوم الاول من تشرين الثاني. ومنذ ذلك الحين رسم الباباوات فرضاً خاصاً به فأصبح من اعظم اعياد الكنيسة غرباً وشرقاً. واخذت كنيستنا المارونية تحتفل به اقتداءً بكنيسة رومة. هؤلاء القديسون هم الشهداء والمعترفون والعذارى والابرار والصديقون الذين جاهدوا الجهاد الحسن وانتصروا على الجسد والعالم والشيطان وفازوا باكليل المجد الابدي. فهم شفعاؤنا لديه تعالى وعونٌ لنا في الشدائد والمحن. فبتكريمنا اياهم نقدِّم المجد والشكر لله الذي قوَّاهم بنعمته واهَّلهم الىالسعادة الخالدة. فلنتخذهم مثالاً لنا لنقتدي بفضائلهم صابرين على آلام هذا الدهر لنستحق مشاركتهم في المجد الابدي.
صلاة فرضنا السرياني تخصص لهم القومة الثانية في صلاة الليل من كل يوم ويرد ذكرهم في جميع الالحان والصلوات بعد ذكر العذراء المجيدة. صلاتهم معنا. آمين.
عيد جميع القديسين (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)
أن هذا العيد يعمّ كل صنف وكل مرتبة من القديسين. وهناك عدد غفير من القديسين غير المعروفين من دون تذكار خاص بهم. لذلك رسم البابا بونيفاسيوس الرابع (608- 615) تذكاراً شاملاً. فغيّر مجمع الآلهة الوثنية المعروف ب"البانتيون" والذي أقامه في روما مرقس أغريبا لزحل، إلى معبد لإكرام العذراء مريم وجميع الشهداء والقديسين، ونقل إليه رفاتهم، وعيّن لهم عيداً خاصاً أسماه "عيد جميع القديسين"، ونقل إليه رفاتهم، وعيّن لهم عيداً خاصاً أسماه "عيد جميع القديسين" وذلك في 13 أيار.
وفي سنة 731 خصّص البابا غريغوريوس الثالث في كنيسة مار بطرس معبداً لتكريم جميع القديسين. وفي سنة 837 زار البابا غريغوريوس الرابع فرنسا وأدخل هذا العيد فيها، وعيّن له اليوم الأول من تشرين الثاني وهو الجاري إلى الآن... ومنذ ذلك الحين نظّم الباباوات فرضاً خاصاً بهذا العيد.
هؤلاء القديسون هم الشهداء والمعترفون والعذارى الذن جاهدوا ضد العالم والشيطان وفازوا بإكليل المجد السماوي. فهم شفعاؤنا لدى الله وعون لنا في الشدائد والمحن... وقد قال القديس أوغسطينس الجليل: "إنّما يحتفل بأعياد الشهداء أولئك الذين يحذون حذوهم ويقتدون بهم. فهؤلاء وحدهم ينتفعون من أعياد القديسين. فإنّ أعياد الشهداء ليست إلاّ دعاءً قلبياً إلى الشهيد، به نطلب إليه أن يجعلنا متمسّكين بما نحتفل بذكره ونفتخر به. ويزداد شوقنا إلى إتّباع القديسين بتأملنا السعادة التي حصلوا عليها جزءاً لهم على أعمالهم الصلحة".
إنّ الإنسان لا يتمكّن من أن يدرك بعقله المجد الذي يحصل عليه القديسون في الملكوت لأنّهم يضحون شركاء في السعادة الإلهيّة. وأي خليقة يمكنها أن تصف أو تفهم حق الفهم حال السعادة الإلهيّة. لقد صدق الرسول بولس إذ قال: "إنّ المجد الذي قد أعدّ للقديسين أضفياء الله ما رأته عين ولا سمعت به أذن". وإذ قال في محل آخر: إنّنا نشاهد الله عيناً بإزاء عين. فالذي يرى الله ويحظى به ويحوزه فأي شيء يعوزه؟. إنّ كل ما ينظره الإنسان ويتصوّره ويتخيّله هو كلا شيء بالنسبة إلى السعادة الأبدية في الملكوت.
وفي صلاة الفرض تخصص لهم كنيستنا السريانية القومة الثانية من صلاة الليل من كل يوم ويرد ذكرهم في جميع الألحان والصلوات بعد ذكر العذراء مريم.
القدّيسَين قزما وداميانوس الماقتَي الفضّة وأمّهما البارّة ثيوذوتي (بحسب الكنيسة الارثوذكسية)
"لقد جعل القدّيسان رجاءهما كلّه في السماوات، فكنزا لهما كنزًا لا يُسلب، فإنّهما أخذا مجّانًا فيمنحان الأشفية للمرضى مجّانًا، واتّبعا قول الإنجيل، فلم يقتنيا فضّةً ولا ذهبًا، بل كانا يمنحان إحساناتهما للناس والبهائم حتى يكونا خاضعين للمسيح في كلّ الأحوال، وهما الآن يتشفّعان بدالة في نفوسنا".
هذا ما تنشده الكنيسة يوم عيد القدّيسين قزما ودميان، في صلاة المساء، موجزة سيرتهما في المسيح، ومبيّنة الركائز التي على أساسهما نسألهما الشفاعة لدى الربّ الإله.
لا نعرف الكثير عن هذين القدّيسين رغم الإكرام الواسع الذي لقياه في الشرق والغرب معًا، ورغم كثرة الكنائس التي شيّدت على اسميهما على مدى العصور.
كان موطنهما ناحية من نواحي أفسس في آسيا الصغرى. وثمّ من يقول أنّهما ولدا في بلاد العرب. وكان أبوهما وثنيًّا وأمّهما مسيحيّة اسمها ثيودوتي. وقد توفي الأب وولداه بعد صغيرين، فرّبتهما والدتهما على المسيحيّة وأحسنت، حتى التصق اسمها باسمي ولديها كأمٍّ بارّة في الكنيسة.
تلقّن قزما ودميان جملةً من معارف ذلك الزمان وعلومهما، فبرعا فيها. لكن تنشئة أمّهما لهما على حياة الفضيلة، ما لبثت أن جعلتهما يفطنان إلى بطلان الفلسفة وحكمة هذا الدهر إزاء حكمة المسيح، فاستصغرا المعارف العالمية النظرية، ورغبا في التملؤ من محبّة المسيح، ولسان حالهما ما قاله الرسول بولس إلى أهل فيليبي: "...كلّ ما كان لي من ربحٍ اعتبرته خسارةً من أجل المسيح، بل إنّي أعتبر كلّ شيءٍ خسارةً من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربّي، فمن أجله تحمّلت خسارة كلّ شيء، وأعتبر كلّ شيء نفايةً لكي أربح المسيح، ويكون لي فيه مقام" (8:3-9).
وقد أفضى بهما هذا اليقين إلى الإقبال على الطبّ بنيّة تسخير العلم للمسيح وخدمة الكلمة والعناية بالمريض.
انكبّا على الدرس والتحصيل حتى برعا، بنعمة الله، أي براعة.
وبالإيمان ومحبّة المسيح والطب، انفتح لهذين المجاهدين باب عريض على الخدمة وتمجيد الله. فكان دأبهما رعاية المرضى بالمجّان عملاً بالقول الإلهي: "مجانًا أخذتم، مجانًا أعطوا" (متى 8:10).
وقد سلكا في ذلك في حرصٍ شديدٍ حتى ليقال أن قزما خاصم أخاه دميان مرّةً خصامًا شديدًا لأنّه تلقّى ثلاث بيضات من امرأةٍ مريضةٍ فأبرأها.
إلى ذلك سلك الأخوان في العفّةِ والفقر خاضعين للمسيح في كلّ حال. وقد امتدّت عنايتهما بالمرضى إلى البهائم لأنّها هي أيضًا من إبداع الله وتحت الألم.
واستمر قزما ودميان على هذا المنوال زمانًا سخّرا خلاله الأعشاب والأدوية وكلّ فكرٍ وجهدٍ محبّة بالقريب، فرضي الله عنهما ومنّ عليهما بنعمة الشفاء بكلمة الإيمان واللمس على منوال الرسل.
من ذلك الوقت أضحت الصلاة واسم الربّ يسوع وحده الدواء الشافي لكلّ مرضٍ أو عاهةٍ تعرض لهذين القدّيسين. فتقاطر عليهما الناس من كلّ صوبٍ يسألون السلامة. وكان كلّ قاصد لهما يحظى بالتعزيّة والبركة والشهادة لاسم الربّ يسوع.
ثابر هذان الخادمان على عمل الله، دونما كلل، طويلاً، وكانا يتجدّدان أبدًا في الصلاة والصبر والاتّضاع والتماس رضى العليّ إلى أن رقدا في الربّ ودُفنا في موضعٍ يُعرف بالفرمان.
كما شيّدت فوق ضريحهما كنيسة لم ينقطع سيل المتدفّقين عليها جيلاً بعد جيل، السائلين شفاعة القدّيسين، النائلين برفاتهما بركة الشفاء من عاهات النفس والجسد.
أما كيف رقدا فغير معروف تمامًا.
ففيما يؤكّد بعض المصادر أنّهما استشهدا في زمن الإمبراطورين الرومانيين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس عام 303 للميلاد، تميل مصادر أخرى إلى القول بأنّهما رقدا بسلام دون أن تعطي لذلك تاريخًا محدّدًا.
تذكار القديسين الزاهدين في المال قزما ودميانس (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)
أن الفادي الإلهيّ قد جعل المحبّة التي أحبّنا بها مثالاً للمحبّة التي يريد أن تكون فينا بعضنا لبعض. "إنّي أعطيكم وصيّة جديدة، أن يحب بعضكم بعضاً، وأن يكون حبّكم بعضكم لبعض كما أحببتكم أنا". لقد أحبّنا كأب، وأحبّنا كمخلّص، وأحبّنا كطبيب، وأحبّنا كصديق. وحملته محبّته لنا على أن يمنحنا كل العطايا السماويّة. فمنحنا تعاليمه ووصاياه، وحنان قلبه، وجسده في القربان، ودمه على الصليب، وأمّه الحبيبة، وقال لنا: "إنّي أعطيكم قدوةً حتى أنّكم كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً".
فمنذ تلك الساعة شرع الرسل والتلاميذ وجماهير المؤمنين يسابق الواحد الآخر في سبل المحبّة، على مثال الرب يسوع. وكما فعل الرسل والتلاميذ والمؤمنون في الجيل الأول بعد المسيح، هكذا فعلت الأجيال المسيحيّة من بعدهم إلى يومنا هذا.
ذلك ما نراه في حياة الأخوين قزما ودميانس في أواخر القرن الثالث للمسيح وأوائل الرابع، على عهد الملكين ذيوكلسيانس ومكسميانس.
ولدا في بلاد العربية. وربّتهما والدتهما البارّة ثاوذوني على الفضيلة والتقوى ومحبّة القريب. ووجدا أن أفضل طريقة يخدمان بها الرب تعلّم الطبّ، واستخدام تلك الصناعة في سبيل المؤمنين والوثنيين معاً، فيكونان من خيرة رسل المسيح في عمل البشارة والغيرة الرسوليّة. فتعلّما تلك الصناعة الجليلة، وبرعا فيها، وراحا يداويان المرضى مجاناً، لأجل المسيح، وعملاً بوصيّة المسيح. وكانا فوق ذلك يعيشان عيشة الفقر والصلاة والأمانة. فراقت في عيني الرب تلك الحياة المثلى، فبارك عملهما، وصار يفيض عجائب الأشفية بواسطة شفاعتهما، أكثر ممّا كان يفعل علم الطب بواسطتهما.
وشاء الرب أن يزيد في بهاء قداستهما فدعاها إلى أمجاد الإستشهاد. وذلك موهبة، كما يقول بولس الرسول: "لأنّه قد وهب لكم لا أن تؤمنوا بالمسيح فقط، بل أن تتألّموا أيضاً من أجله".
فلمّا كانا في مدينة أجاس من أعمال كيليكيا، قبض الوالي ليسياس عليهما، وعذّبهما كثيراً بأنواع شتّى. وأخيراً ضرب عنقيهما، فطارت نفساهما إلى الطبيب الأكبر والمحسن الإلهيّ الأعظم إلى البشريّة المسكينة المتألّمة، السيّد المسيح له العزّة والنجد.
وقد صنع الله بواسطة ذخائرهما، بعد موتهما، عجائب لا تُقدّر ولا تحصى: وأن كنيستنا الشرقيّة تذكرهما كل يوم صلوات تهيئة الذبيحة الإلهيّة وتطلب شفاعتهما. والكنيسة اللاتينيّة تذكرهما أيضاً كل يوم في ذبيحة القدّاس، وتقيم لهما عيداً مرتين في السنة، في 27 أيلول (سبتمبر)، وفي الخميس الرابع من الصوم الكبير.
وكثرت الكنائس التي تشيّدت على إسميهما شرقاً وغرباً، وعلى الأخص في رومة العظمى، وفي فرنسا، وفي بلادنا الشرقيّة.
استشهاد القديس لوقا الانجيلي (الكنيسة القبطية الارثوذكسية)
في مثل هذا اليوم استشهد القديس لوقا الإنجيلي الطبيب. وهو من السبعين رسولاً الذين ورد ذكرهم في الإصحاح العاشر من إنجيله. وكان يصحب بطرس وبولس ويكتب أخبارهما. وبعد نياحة هذين الرسولين مكث هذا القديس يبشر في نواحي رومية. فاتفق عابدو الأوثان واليهود فيما بينهم وتوجهوا إلى نيرون الملك ووشوا له بأنه قد رد بسحره جماعة كثيرة إلى تعليمه فأمر بإحضاره. ولما علم القديس لوقا بذلك أعطي ما كان عنده من الكتب لرجل صياد وقال له "احتفظ بهذه عندك فإنها تنفعك وتريك طريق الله". ولما مثل أمام نيرون الملك قال له الملك "إلى متي تضل الناس؟"، فأجابه القديس "انا لست ساحرا، ولكني رسول يسوع المسيح ابن الله الحي". فأمر إن يقطع ساعده الأيمن قائلا "اقطعوا هذه اليد التي كانت تعلم" فقال له القديس "نحن لا نكره الموت والانطلاق من العالم ولكي تعرف قوة سيدي" تناول يده المقطوعة والصقها في مكانها فالتصقت، ثم فصلها فانفصلت. فتعجب الحاضرون. عند ذلك آمن الوزير وزوجته، وجمع كثير قيل إن عدتهم مائتان وست وسبعين، فكتب الملك قضيتهم وأمر بان تؤخذ رؤوسهم مع الرسول لوقا. وهكذا تمت شهادتهم. وجعل جسد القديس في كيس شعر والقي في البحر. وبتدبير الله قذفته الأمواج إلى جزيرة، فوجد رجل مؤمن، فأخذه وكفنه ودفنه. وقد كتب هذا القديس إنجيله المنسوب إليه وكذلك سفر أعمال الرسل موجها القول لتلميذه ثاؤفيلس الذي كان من الأمم. ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.