عمّدنا بالرّوح القدس والنّار
هذا هو يسوع المسيح بشهادة يوحنّا المعمدان. فيه رأى الخلاص لهذا العالم- خليقة الله- من كلّ ما يشوّهه ويزعزع سلامه.
هو أتى ليس فقط ليرفع خطيئتنا بل ليحملها أيضًا ويثور على الكبرياء الّذي فينا والّذي يبعدنا عن درب الله. أتى حملاً وديعًا متواضعًا ليبذل نفسه عنّا.
هو هذا "الإله" الموجود قبل كلّ الدّهور، وإنّما هو أيضًا هذا "الإنسان" الّذي اتّخذ طبيعتنا البشريّة، فخلق توازنًا وجُب علينا الامتثال به.
هو هذا الفريد الّذي منح سرّ العماد خاصّية مقدّسة، فمَن تعمّد بماء الأردنّ يعمّدنا بالرّوح القدس والنّار فنولد من جديد ونرمي عنّا الإنسان القديم القابع في الظّلمة ونخرج إلى النّور، إلى الحياة.
وفي اليوم الأوّل بعد الدّنح، نلجأ إليك يا ربّ أنت الّذي وضعت "في حشا المعموديّة حلّة المجد" وأرسلت "العروس لتنزل فتلبسها من المياه". يا من دعوت "ابن العقم" وأرسلته قدّامك ليذهب "فيوصل الحُلى إلى العروس ريثما يصل..."، نتأمّل مع مار يعقوب السّروجيّ في وصفك أنت "ابن الملك" الّذي أتى إلى نهر الأردنّ من بين الجموع "فهبّت المعموديّة لاستقباله من بعيد، وماج النّهر ونادى به بصمت. هبّت إلى استقباله لا لتقدّسه هو القدّوس، بل عانقته لتتقدّس هي به"، ونطلب إليك- مع كاتب المزمور- أن تنضحنا بالزّوفا فنَطهَر وتَغسِلنا فنَبيضَّ أكثر من الثّلج.