سيّدة الحصاد – الكرمة حاملة عنقود الحياة
يُحتفل بعيد سيّدة الحصاد في منتصف شهر أيّار (مايو) من كلّ عام، فهناك الكثير من المحاصيل الزارعيّة التي يتّم حصادها وفي هذا معنىً إيمانيّ كبير لدى المؤمنين عمومًا المزراعين والفلّاحين والذين يعملون في هذا المجال خصوصًا.
هؤلاء يعتقدون لا بل يؤمنون أنّهم، في طلب شفاعة العذراء مريم، تتبارك المواسم والمزروعات من يوم غرسها كنبتة صغيرة أو بذرة في الأرض حتّى يوم نضوجها وحصادها وينبع هذا الإيمان من عيش كلمات الإنجيل بثقة وبساطة، تلك التي تتمحور حول فكرة حبّة الحنطة التي قال عنها الربّ يسوع إن لم تمت حبّة الحنطة وتدفن في الأرض تبقى وحيدة.
خصّت الكنيسة القبطيّة مثلًا في ليتورجيّتها العذراء مريم بمكانة خاصّة في صلواتها ولا سيّما صلاة السواعي (صلاة الفرض). فيها نطلب من مريم أن تُصلّي لأجلنا ونحن، إيمانًا منّا بشفاعتها، كما شفاعة كلّ أمّ، نسألها لأجل تقدّمنا الروحيّ وأيضًا لأجل أمورٍ أخرى، مختلفة من أمور حياتنا، واعِين لِدورها الأساسيّ في مسيرة الخلاص المُقدَّم من الله لفداء الإنسان.
نقول مثلًا: "السلام لكِ، نسألكِ، أن ترفعي صلواتنا إلى ابنكِ الحبيب، النور الحقيقيّ، إسأليه عنّا ليصنع رحمة مع نفوسنا، ويعطي الخلاص للعالم وأن يُنَجِّيه من التجارب، ويغفر لنا خطايانا، أنت هي الكرمة الحقيقيّة الحاملة عنقود الحياة، الشفيعة الأمينة لجنس البشريّة."
إذًا، مع الكنيسة نرفع نفوسنا وقلوبنا وطلباتنا إلى والدة الإله مريم العذراء، سيّدتنا كُلّنا وسيّدة أعمالنا وبيوتنا وحقولنا طالبين منها الشفاعة والتوسّل الى ابنها الإلهيّ عنّا.
الكنيسة المارونيّة المعروفة بعلاقتها مع مريم، خصّتها من بين صلواتٍ أخرى، بصلاة: يا بُستانًا أعطى العالم ثمرةَ الحياة، قولي لابنِكِ يسوع، أن يُبارك مواسمَنا، وغلّاتنا وجهدَ أيدينا، ويزرع في قلوبنا ونفوسنا كلمتَهُ بشفاعتكِ المقبولة، وبواسطة العطور التي نقدّمها إليهِ في يومِ تذكاركِ."
هذه هي الفكرة الروحية والإيمانية في الوقت عينه، نحتفل للعذراء سيّدة الزروع في كانون، وسيّدة الحصاد في أيّار، وسيّدة الكرمة في آب كونها هي الكرمة حاملة عنقود الحياة نرى الإفخارستيّا حيث يُصنع القربان من طحين القمح والخمر من عصير العنب المعتّق بهذا تكون العذراء مريم في أعيادها، أمّ النِعم الإلهيّة المُعطاة لنا في سرّ القربان الأقدس.
نطلب شفاعة الأم العذراء مريم سيّدة الحصاد أن يمنحنا الربّ القوّة والبصيرة لنحرث أرضنا وننقّيها ونلقي فيها البذار فيُنميها الله ونحيا في كلمته، كلمة الروح والحياة.