خاصّ- الأب أبي عون: "روح أبينا هو المتكلّم فينا… بهذه العلامة ننتصر ونثبت"
وتابع: "لم يُرسل يسوع تلاميذه ذئابًا يواجهون الذّئاب، بل كالخراف بين الذّئاب يتصرّفرن بحكمة الحيّات ووداعة الحمام.
كان يعرف يسوع تمام المعرفة، بأنّ الذّئاب تترصّد الخراف لتنقضّ عليها بمخالبها وتلتهمها بأنيابها. ومع ذلك أرسلهم ليغيّروا هذه الذّئاب، لا بالمخالب والأنياب، بل بالكلمة والحكمة والحبّ والوداعة والشّهادة. حياة الكنيسة الأولى وأداؤها يبقيان للتّاريخ، والأجيال الشّاهد الأكبر على هذا الإرسال ليسوع لهم وطريقته.
لم يغزوا مدينة أو يفتحوا أخرى أو يجبروا النّاس على اعتناق مبادئهم بقوّة السّيف. بل راحوا، مندفعين بالرّوح والكلمة، ورغم الاضّطهاد والقمع والمنع، ينتقلون من مدينة إلى مدينة، ومن حيّ إلى حيّ، يبشّرون ويعلنون عن ملكوت الله وعن هذا الإله الذي يحبّهم، حتّى أقاصي الأرض، وصولاً إلى زعزعة أركان الأمبراطوريّة الرّومانيّة. بالحكمة والوداعة، وليس بالبطش والتّسلّط، غيّروا وجهَ الأرض وأدخلوا بقوّة الرّوح سلامَ المسيح.
كم من القدّيسين عبر تاريخ الكنيسة الطّويل، كانوا ذئابًا يفترسون الآخرين بجحودهم وكبريائهم وسلطانهم، وأوّلهم شاول الذي أصبح بولس، قد غيّرتْهم شجاعةُ النّاس الذين يحبّون يسوع وشهادةُ حياتهم.
ذاك القول الفلسفيّ الشّهير بأنّ الإنسان هو ذئبٌ لأخيه الإنسان، قد كسره يسوع بحبّه وإنسانيّته، حاملاً إنسانيّة هذا الإنسان وجاعلاً منها طريقًا للتّلاقي والحوار والاحترام والتّكامل والخلاص الأبديّ.
لا ننسى أبدًا بأنّ يسوع قد منحنا الخلاص بطبيعته الإنسانيّة المأخوذة من أمّه العذراء مريم والمتّحدة بالطّبيعة الإلهيّة.
لم يُرسل أناسًا بلباس الذّئاب، بل رجالاً طيّبين يشبهون الخراف ويغيّرون العالم بالحكمة والوداعة."
وإختتم الأب أبي عون تأمّله بعبارة للعيش تصف ما يعانيه كلّ رسول في حقل الرّبّ مشجّعًا كاتبًا: "في عالم يستبدّ فيه القويّ وتعمل الدّول على نشر أفكارها الخاطئة والخطرة، يبقى الإنجيل هو الباب الوحيد الذي من خلاله ندخل من اليوم إلى الحياة الحقّة. ويشجعّنا يسوع بإنجيله اليوم بألّا نخاف، لأنّ "حَسْبُ التّلميذ أن يكون مثل معلّمه" ويختم قائلاً بألّا نهتّم كيف أو بماذا نتكلّم، فروح أبينا هو المتكلّم فينا... بهذه العلامة ننتصر ونثبت."