دينيّة
10 نيسان 2018, 07:00

حمل صليبه في الفصح ومات

ريتا كرم
لم يكن يعلم أنّه في ذاك اليوم، في الأوّل من نيسان/ إبريل، كان سيحمل صليب القيامة ويرتقي مع يسوع القائم من الموت إلى ملكوته السّماويّ، بعد أن أمضى ثمانية أيّام في الصّمت والصّلاة مناجيًا يسوع في آلامه وصلبه، ومختبرًا روحيًّا قيامته المجيدة.

 

هو الأميركيّ الأصل الأخ أنطوني فريمان (29 عامًا) من رهبنة "جند المسيح". إكليركيّ يتابع دروسه في اللّاهوت في جامعة ريجينا أبوستولوروم البابويّة والّذي عُثر عليه ميتًا بشكل مفاجئ في غرفته، بعد أن لاحظ زملاؤه أنّه لم يحضر إلى النّزهة الّتي كانوا قد قرّروا القيام بها معًا. وعلى الأثر استدعت الجامعة السّلطات الإيطاليّة الّتي فتحت تحقيقًا بالحادثة، تحقيق أشار إلى أنّ السّبب هو توسّع في عضلة القلب ما أسقطه ميتًا من دون أيّ سابق إنذار.

هذه المأساة ضجّت بها المواقع الإخباريّة الكاثوليكيّة حول العالم، وتعاطف معها روّاد مواقع التّواصل الاجتماعيّ من كلّ حدب وصوب، إذ قدّمت للعالم أمثولة حيّة عن شابّ لبّى دعوة الرّبّ فعاش بين النّاس كـ"عملاق لطيف"، و"محارب" لأجل اسم يسوع متسلّحًا بالصّلاة، وهدفه مساعدة شعب الله لينموا في الإيمان فقيل عنه "إنّه قدّيس".

وكان فريمان قد تناول مع الإكليريكيّين عشاءه الأخير بعد أن خدم كقندلفت في قدّاس الفصح الّذي ترأّسه البابا فرنسيس في الفاتيكان حاملاً الصّليب المقدّس خلال الزّيّاح الافتتاحيّ.

تلك كانت من أروع اللّحظات الأخيرة الّتي عاشها قبل أن يغادر معانقًا يسوع في قيامته، لحظات طُبعت في ذاكرته وتشاركها مع أصدقائه عبر حسابه على إنستغرام، فكتب قبل الرّحيل: "بعد 8 أيّام من الصّمت، كان لي الحظّ بأن ألتقي البابا فرنسيس وأن أخدم في قدّاس الفصح. أشكركم من صميم القلب على صلواتكم لي خلال أسبوع الخلوة الرّوحيّة! هذا الأسبوع من الصّمت الكبير، والـ48 ساعة الأخيرة كانت وقتًا مميّزًا مع الله والآخرين. أفراح وأحزان الحياة ورجاؤها نجدها أحيانًا في أوقات صغيرة، وهذا الأسبوع كان وقتي أنا حيث اختبرت روحيًّا وقت آلام ربّنا وقيامة الّذي يعطي هذه الأوقات معناها الحقيقيّ!".

كتب تلك الكلمات وغاب تاركًا في قلوب أحبّائه صدمة كبيرة وحزنًا عظيمًا؛ فمن سار أمامهم درب القداسة وعاشها محفّزًا إيّاهم على الارتقاء على سلّم الفضائل والكمال "لم يعد ههنا اليوم"! نعم غاب قبل أن يُسام شمّاسًا في 7 تمّوز/ يوليو المقبل... لقد رحل هذا الوجه الباسم زارعًا في نفوس عارفيه وسواهم رجاء كبيرًا ومعلنًا بفرح أنّ "المسيح قام.. حقًّا قام!".