دينيّة
08 آب 2016, 09:00

أُنظرْ واسمعْ وشمْ وتذوّقْ والمسْ الله والآخرين.. بقلبك وفكرك

ماريلين صليبي
خلقنا الله على صورته ومثاله، شبّه أجسامنا بجسمه ووجوهنا بوجهه وحواسّنا بحواسّه، ليشركنا في عمليّة الخلق وضمان استمراريّة الحياة الوجوديّة.

 

هو الله القويّ ورمز الكمال الوحيد الذي أنعم على الإنسان الضّعيف والخاطئ بنِعم لامتناهية، نِعَمٌ تسهّل حياة المرء وتكلّلها بالنّجاح والفرح والرّاحة والاستقرار، جعل الله الحواسّ الخمس أهمّها، حواسّ تُعَتبَر مصدرًا مهمًّا للإدراك.

يستخدم الإنسان حواسّه الخمسة في كلّ الحالات ويربطها بكلّ الظّروف، فهي تساعده على التّعرّف على ماهيّة الأمور، تلعب دورًا مهمًّا في العلم وفي عمليّة التّواصل مع الآخرين، لتبقى نعمة صعبٌ فقدانها أو الاستمرار بدونها.

ولكلّ حاسّة وظيفة أساسيّة، لتساهم الحواسّ كلّها مجتمعةً بتأمين توازنًا ضروريًّا للإنسان، فمثلاً حاسّة السّمع هي لتمييز الأصوات، وحاسّة الشّمّ لتمييز الرّوائح، وحاسّة الذّوق لتمييز الأطعمة، وحاسّة البصر لتمييز الأشكال، وحاسّة اللّمس لتمييز الأشياء.
ولكن، ماذا إن خسر الإنسان حاسّة من حواسّه؟ أيصبح إدراكه لله وللآخرين معدومًا؟

كثُرٌ هم من يفقدون حاسّة من حواسّهم جرّاء حادث ما أو بشكل فطريّ جنائيّ، إلّا أنّ الأمر هذا، وعلى الرّغم من صعوبة تحملّه ومساهمته في تعثّر حياة المرء، عاجزٌ أن يعيق التّواصل مع الآخرين ومع الله.

فبدل البصر بالعينين، ينظر الإنسان إلى الله والآخرين من خلال قلبه، يشعر بضحكة الآخر أو بدمعته ويرى جمال النّفس لا المظهر.

وبدل اللّمس باليدين، يلمس الإنسان الله والآخرين من خلال قلبه أيضًا، يحبّهم ويختبر فرحهم ويساند حزنهم.

وبدل الشّمّ بالأنف، يتفتّح أمل الأيّام عبيرًا في النّفس ويسقي من أذبل اليأس قلوبهم.

وبدل التّذوّق باللّسان، تساهم الحواسّ الأخرى بالتّلذّذ بالأطعمة من خلال مكمّلات تزيد رونقًا وشهيّة.

وبدل السّمع بالأذن، تستمع الرّوح والعقل والقلب إلى نداءات النّفس مهما كانت خافتة.

الاقتراب من الله والآخرين أعظم من أن تحدّه إعاقة أو تُعثّره حاسّة مفقودة، فالقلب والفكر والوجدان كفيلة بأن تغلّف المرء بأسمى الأحاسيس وأكثرها دقّة.