دينيّة
05 كانون الثاني 2016, 12:53

أين هي ذخائر المجوس الثلاثة؟

هل من الممكن أن تكون عظام المجوس – بالتازار و ملكيور و كاسبار – محفوظة في قبر ذهبي في أكبر كاتدرائية قوطية في أوروبا؟ يروي تقليد قديم قصة تقول أن أجساد المجوس الذين زاروا المسيح الطفل قد وجدت طريقها إلى كاتدرائية كولونيا في ألمانيا.

روى القصة في القرن الرابع عشر جون هيلدسهايم في “تاريخ الملوك الثلاثة”. ويقول جون أن بالتازار و ميلكوار و كاسبار كانوا من الهند و بلاد فارس و الكلدانيين (إيران و العراق اليوم). انطلقوا بشكل منفصل و التقوا في المهد في القدس ثم سافروا معاً إلى بيت لحم. بعد عبادة المسيح عادوا معاً إلى الهند حيث قاموا ببناء كنيسة، و بعد رؤية أخرى كشفت أن حياتهم الدنيوية كانت على وشك الانتهاء، و توفوا في الوقت نفسه و دفنوا في كنيستهم في الهند.

بعد مئتي سنة، يقول جون هيلدسهايم أن القديسة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين سافرت إلى الهند و انتشلت جثثهم، و وضعتهم في تابوت مزخرف بشكل جميل و وضعتها في كنيسة القديسة صوفيا في القسطنطينية. في أواخر القرن السادس عشر نقل الامبراطور موريسيوس الذخائر إلى مدينة ميلانو الإيطالية.

و بقيت عظامهم في ميلانو حتى القرن الثاني عشر، عندما تمردت مدينة ميلانو ضد الامبراطور الروماني المقدس فريدريك بربروسا. و لمساعدته في الوقوف في وجه ميلانو ناشد فريدريك رئيس أساقفة كولونيا الذي قام باستعادة السيطرة على المدينة. و كعلامة على الامتنان “و بناء على طلب رئيس الأساقفة” سلّم الامبراطور الذخائر إلى رئيس أساقفة كولونيا الذي قام بنقلها عام 1164 إلى كولونيا حيث بنيت كاتدرائية قوطية لتحتويهم. العظام موجودة حتى يومنا هذا في صندوق الذخائر المقدسة الذهبي الجميل في الكاتدرائية.

فتح صندوق الذخائر عام 1864 و عثر على هياكل عظمية لثلاثة رجال. هل من الممكن أن تكون هذه رفات المجوس الثلاثة الذين جاؤوا لعبادة المسيح الطفل أم أنها مجرد هياكل عظمية مجهولة من العصور الوسطى؟ هناك عدد قليل من البراهين. تعود الجماجم الثلاث إلى شاب و رجل كهل و رجل عجوز. هناك فسيفساء من القرن السادس في رافينا تصور المجوس و يظهر فيها شاب و كهل و عجوز. و هذا أمر مطابق، لكن ماذا عن بقية القصة؟

يستند جون فيما قاله حول أصول المجوس إلى الأساطير السابقة من القرنين الخامس و السادس. لو بدأت بالبحث في تاريخ الحكماء الثلاثة فستجد العديد من الأساطير و القصص المحلية من أوائل العصور الوسطى متباعدة كتباعد بلاد فارس و الهند و الصين. ترجم برنت لانداو الباحث في العهد الجديد مخطوطة سريانية تعود للقرن الثامن عشر يعتقد أنها تتمحور حول التقاليد الأولى.
لكن عمل لانداو يسلط الضوء فقط على كيفية وجود العديد من النسخ من قصة المجوس في العصور الوسطى. و في الأساطير المختلفة يأتي المجوس من أماكن مختلفة و لهم أسماء مختلفة. و يبدو أن هناك تضارب في القصص بين جميع شخصيات العهد الجديد و في الأساطير و الخرافات التي تدور حول المجوس. و يدعي المسيحيون القدماء من مناطق متفرقة كباكستان و الصين و إثيوبيا و بلاد فارس و آسيا الوسطى أنهم ينحدرون منهم.
لا دليل أثري لدينا أو نصي محدد يشير إلى الدولة التي أتى منها المجوس. يقول متى أنهم “جاؤوا من الشرق”، ويختلف معه النقاد الأوائل للكتاب المقدس. و يشير البعض إلى أن المجوس من بلاد فارس، و يشير آخرون إلى أنهم يهود من اليمن، و غيرهم يقول أنهم من شبه الجزيرة العربية.
هل يضم الصندوق الذهبي في كاتدرائية كولونيا عظام المجوس الثلاثة؟ يأتي الجواب بالنفي تقريباً، لكن تلك الهياكل العظيمة تصلنا بالقرن السادس عشر و بالنسيج المعقد من قصص القرون الوسطى حول هذه الشخصيات الغامضة من العهد الجديد.
يقف صندوق الذخائر المقدسة و كاتدرائية كولونيا شاهداً قوياً على القوة و الإلهام في قصة المجوس الذين تركوا كل شيء و بدؤوا رحلة طويلة شاقة للبحث عن يسوع المسيح، و إن كانوا قد استمروا في هذه المغامرة لاكتشاف نور العالم، فسيكون من الجيد أن نحذو حذوهم.

 

المصدر : أليتيا