ثقافة ومجتمع
12 كانون الأول 2016, 13:00

... واستقلّوا قافلة الشّهداء ليولدوا مع يسوع في عيده

ريتا كرم
ها هو عيد الميلاد يُقبل والزّينة الحمراء تطغى على باقي الألوان في بيوت وشوارع ومتاجر العالم كلّه؛ غير أنّ اللّون الأحمر ذاته انسكب بغزارة في نهاية الأسبوع الماضي ليشوّه فرح العيد ويضرب قلب مدن عالميّة خمس ارتوت بدماء شهداء جدد سقطوا ضحايا الإرهاب المتكرّر.

 

أداماوا النّيجيريّة، عدن اليمنيّة، إسطنبول التّركيّة، القاهرة المصريّة، ومقديشو الصّوماليّة، كلّها تصدّرت أخبارها عناوين الإعلام العالميّ بعد أن هزّتها تفجيرات إنتحاريّة، لعلّ أبرزها تفجير القاهرة الّذي تجرّأ مرّة جديدة أن يخترق قدسيّة بيت الله ويدنّسه، ويودي بحياة 25 شخصًا وأكثر من 30 جريحًا، غالبيّتهم من النّسوة والأطفال بحسب وكالات الأنباء العالميّة، في الكنيسة البطرسيّة في مجمّع كاتدرائيّة الأقباط الأرثوذكس بحيّ العبّاسيّة.  

وإلى تلك تنضمّ جريمة أخرى شهدتها بوكافو عاصمة جنوب كيفو في شرق جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة حيث قُتلت راهبة من راهبات المسيح الملك الفرنسيسكانيّات وتُدعى الأخت ماري- كلير أغانو كاهامبو، في رعيّة أم الله. الجريمة نفّذها رجل كان قد دخل مكتب الرّاهبة وهاجمها بالسّكين غارزًا إيّاه في عنقها، إثر تواجهه مع الحارس مطالبًا بتسجيل ابنته في المدرسة التّابعة للرّاهبات.

تأتي تلك الجرائم، قبيل الميلاد، لتسلب بهجته وسلامه لأنّ مجموعة تكبّرت على نعمة طفل المذود وعصت مشيئته وتمرّدت عليها فصبّت كلّ غضبها على من أحبّوه حتّى الشّهادة. لكنّ أفرادها لم يدركوا أنّ بشهادتهم بداية لحياة جديدة، حياة ربّما انتهت على هذه الأرض، غير أنّها بدأت في السّماء. فمحظوظون هم لأنّهم سيحيون عيد الميلاد مع صاحب العيد.

بفعلهم هذا، ظنّوا أنّهم سيزرعون الخوف في النّفوس، وأنّ عبثهم بالأمن والاستقرار سينشر الفتنة بين أبناء البلد الواحد. ظنّوا أنّهم سيضعفون عزيمة شعب رجاؤه لا يخبو إذ نسيوا أنّ أبناء هذه الأرض باقون حتّى لو كلّفهم هذا التّعلّق المزيد من التّضحيات لأنّ ربّ الحياة قد غلب العالم!

أيّام قليلة ويحلّ العيد، حزن وسواد يلفّ قلوب الكثيرين، بخاصّة قلوب من فقدوا عزيزًا في إحدى تلك الحوادث. ستفتقدهم عائلات في ليلة الميلاد وستدمع الأعين كلّما أتوا على ذكرهم لكن عزاؤهم أنّ شهداءهم سيولدون اليوم في السّماء وستكون لهم بشرى سارّة: بشرى الحياة الأبديّة.