"بلبنان.. المشوار الدّيني استثنائي"
أوّلاً، تدوم مدّة زيارة المكان المقدّس نصف ساعة كحدّ أقصى، فيجول المؤمن في أرجاء المكان بسرعة فائقة ويُظهر للجميع أنّه دخل في جوّ من الخشوع والصلاة.
ولكن من المحتمل أن تضاعَف مدّة الزيارة إن كان يُحتفل بقداس إلهي، فيُقال عندها "وصلنا لهون حرام ما نقدّس". وبالحديث عن القداسات، تجدر الإشارة الى أنّ "الجماهير" تختلف بين قداس وآخر: فقداس الساعة الثامنة يكون عادةً للكبار في السنّ وعددهم لا يتخطّى العشرين، بينما قداس الساعة العاشرة يحضره ويشارك فيه الأطفال. أما القداس الأبرز والذي يستقطب العدد الأكبر من "المؤمنين" فهو قداس الحادية عشر والنصف الذي فيه يتحوّل ممّر الكنيسة الى منصة عرض الأزياء تتنافس عليه النساء، فـ"تَتَغندر" كل واحدة منهنّ في أرجاء الكنيسة للفت نظر النساء الأخريات على "تيابها الأحلى والكلاس أكتر". ويرافق العرض هذا "ماكياج وحمرا بارزة"، فلا يُستهان على إمرأة أن تخرج من منزلها إلى "المشوار الدّيني" من دون أن تكون "فول مايك أب".
ثانيًا، خلال الزيارة تُخصَّص نصف ساعة أخرى للتصوير؛ لا مانع من أن يُظهر الزائر جمال المكان المقصود من خلال عدسة الكاميرا، لكن أن تتحوّل ساحة المزار الى ساحة تقام فيها جلسات التصوير مشكلة بحد ذاتها: فـ"سلفي" من هنا ووضعية من هناك كافيتان لإحداث فوضى بعيدة عن الخشوع المفروض.
ثالثًا، في بعض رحلات الحجّ الكبيرة يحوّل "شوفورية" الباصات المزار من مكان يعبق فيه عطر الإيمان والقداسة الى مكان يعبق فيه عطر النرجيلة والمعسّل، فـ"راس الأركيلة" جاهز دائمًا و"الفحمات عالنار".
وان أردنا استكمال عرض هذه الظواهر فلن ننتهي: الكنائس والأديرة والمزارات خسرت قيمتها الأساسية بسبب انشغال المؤمنين بأمور ثانوية سخيفة، فباتت الصور والملابس أهمّ من الصلاة.
لا مانع من أن ترتدي النساء أجمل الألبسة ولا مانع من التقاط الصور ولا مانع من تدخين النرجيلة ولكن من الأجدر ترك الأماكن المقدسة للصلاة، واللجوء الى المطاعم والحدائق للتفاخر والاستجمام.