ندوة للمركز العربي للأبحاث حول التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات المهنيّة
شارك في الندوة عدد من أساتذة الجامعات والباحثين وطلاب الجامعات، بمداخلات تناولت الذكاء الاصطناعي في إطار تحولاته المتسارعة في المجالات الإنسانية، والمهنية، والتنموية، والتقنية، والأمنية، وتأثيرات استخداماته في ظل غياب إطار قانوني وضوابط تحكمه وتنظمه، لضمان الاستفادة منه من دون أن يتحول إلى أداة تدميرية تطيح بالمبادئ الإنسانية والقيم المجتمعية.
وشملت المداخلات مستقبل الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات المهنية، إضافة إلى دور المبادئ المعتمدة في إقرار المسؤوليات تقليديًا، لمنع الاعتداء على الحقوق والحريات، وتحفيز التطور بشكل يتلاءم ومتطلبات ضمان الاستقرار في المجتمع.
زيادة
افتتح الندوة مدير المركز في بيروت الدكتور خالد زيادة موضحا أن المركز العربي "مؤسسة علمية تُعنى بالدراسات الاجتماعية والإنسانية والثقافية بمعايير أكاديمية، ويلتزم قضايا الأمة العربية بأقطارها ومجتمعاتها المختلفة، ويسعى من خلال نشاطه العلمي إلى إيجاد تواصل بين المثقفين والمتخصصين العرب في العلوم الاجتماعية والإنسانية بشكل عام".
وعرض لنشاطات المركز ومنشوراته وسلاسل إصداراته من كتب مترجمة، ومذكرات وشهادات وأطروحات دكتوراه ودراسات التحول الديمقراطي، إضافة إلى سبع دوريات محكمة تُعنى بالدراسات الفلسفية والنظريات النقدية، والتحليلات السياسية، والدراسات التاريخية، فضلًا عن مجلة "المنتقى" التي تصدر باللغة الإنكليزية.
وأشار إلى أن "المركز أصدر أكثر من 550 كتابًا منذ تأسيسه، ويصدر حاليًا حوالى 60 كتابًا سنويًا، وجميع منشوراته أصبحت مرقمنة، وهي متوفرة في جميع منصات البيع الإلكتروني"، لافتا الى "الجوائز التي حصدتها بعض منشوراته، ومنها جائزة الشيخ حمد للترجمة".
منصوري
من جهته، أشاد منسق عام "شبكة التحول والحوكمة الرقمية" الدكتور نديم منصوري بالتعاون مع المركز العربي في تنظيم هذه الندوة، موضحا أن "الشبكة تضم نحو 70 جمعية ومؤسسة ونقابة تعنى بالتحول والحوكمة الرقمية".
ورأى أن "المخاوف حيال الذكاء الاصطناعي محقة سواء لجهة أن الذكاء الاصطناعي سيتغلب على الذكاء البشري أو إن كانت هذه التقنية ستأخذنا إلى نمط حياة جديدة، وإلى ثقافة مغايرة للثقافة التقليدية".
الجلسة الاولى
وشارك في الجلسة الأولى وعنوانها "تداخل القطاعات: نماذج خلاقة"، مستشارة رئيس الوزراء لشؤون تقنيات المعلومات الدكتورة لينا عويدات، والمدير السابق لمركز المعلوماتية القانونية في الجامعة اللبنانية الدكتور محمود رمال والأستاذ المحاضر والباحث في القانون الطبي في الجامعة اللبنانية الدكتور أشرف رمال.
وقد نوهت عويدات بـ"الفرص التي يوفرها التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، ومنها زيادة الكفاءة والإنتاجية، وتحسين تجربة المستخدمين، إضافة إلى تحسين صحة البشر ورفاهيتهم، وكذلك تحسين العمليات الصناعية من خلال تحسين التخطيط والتنبؤ وجودة المنتجات".
ورأت أن "التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي سيؤثران على سوق العمل بتغيير طبيعة الوظائف المطلوبة، حيث ستزداد الحاجة إلى المهارات التقنية مثل التحليلات البيانية والبرمجة، في حين قد تتلاشى بعض الوظائف التقليدية".
من جهته، عرض الدكتور محمود رمال تاريخيًا للذكاء الاصطناعي، مذكرا المشاركين بأن "هذه التقنية ليست حديثة، كما يتصور كثيرون، بل إن البحث فيها وتطورها بدأ منذ عقود، غير أن الكم الهائل من البيانات التي أصبحت متوافرة لدى المؤسسات أدى إلى تسارع الأبحاث والإنجازات في هذا المجال".
أما الدكتور أشرف رمال، فأكد أن "التطور السريع للذكاء الاصطناعي في المجال الصحي قدم منفعة كبيرة لصالح المرضى، من حيث التشخيص، والمعالجة، على أن هذا التطور ينبغي ألا يعطّل العلاقة بين الطبيب والمريض، بل ينبغي أن يعززها. فعلى الرغم من الثورة التي يحدثها الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة، يجب التنبه إلى التجاوزات المحتملة والوقاية منها".
ولفت الى "الإشكالية الأبرز التي يثيرها الذكاء الاصطناعي، وهي هل يكون الذكاء الاصطناعي مساعدًا للطبيب، أم أن الطبيب سيكون هو المساعد لخوارزميات صممها البشر؟".
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان "الضبط والتكيف"، وشارك فيها كل من المدرس في الجامعة اليسوعية والمتخصص في البلوك شين والأمن السيبراني المهندس جان ماري الباشا، ومنسقة قطاع التشريعات والحقوق الرقمية في شبكة التحول والحوكمة الرقمية الدكتورة منى الأشقر جبور، ورئيسة القسم الحقوقي في مركز المعلوماتية في الجامعة اللبنانية الدكتورة أودين سلوم.
وترأس الجلسة منسق قطاع الأمن والدفاع في شبكة التحول والحوكمة الرقمية العميد المتقاعد حسين زعروري، الذي اعتبر أن "الذكاء الاصطناعي إنما هو نتيجة حتمية لتراكم المعلومات، ويكاد يكون سلعة يومية نستخدمها جميعًا من دون أن نشعر، وذلك من خلال تطبيقات إلكترونية في هواتفنا المحمولة."
أما الباشا فتمحورت مداخلته حول الثورة التي يحدثها الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، والاستفادة الهائلة الممكنة للطلاب وللمدرسين على حد سواء، فأضاء على الكيفية التي يستفيد منها الأساتذة من الأدوات التي تتيحها هذه التقنية في تحضير وإعطاء الدروس.
من ناحيتها، بددت الأشقر المخاوف الناجمة عن التطور المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيرة الى أن "هذه التقنية ستكون خاضعة دائمًا لما يريده ويطلبه منها المستخدم". وعرضت لنماذج من التشريعات التي قامت بها بعض الدول، منها الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، والصين، وبعض بلدان الاتحاد الأوروبي. ودعت إلى "إبرام ميثاق دولي يحترم حقوق الإنسان بما يتعلق بالذكاء الاصطناعي".
كما عرضت سلوم للقوانين الناظمة للذكاء الاصطناعي في بعض الدول في حال وقوع الضرر بسبب استخدام هذه التقنية، معددة المعوقات التي تحول دون منح الشخصية القانونية للذكاء الإصطناعي. ودعت إلى "الإسراع بإصدار قوانين تنظّم استخدام هذه التقنية، ذلك أنه في الوقت يمكن الذكاء الاصطناعي إنقاذ آلاف الأرواح من خلال قفزة نوعية في التشخيص الطبي، فإنه يتم استغلال البرامج والتطبيقات لممارسة رقابة جماعية على المواطنين".
وانتهت الجلسة بمداخلات من الحضور.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام