ثقافة ومجتمع
02 حزيران 2016, 12:29

لم الشمل ، الحلو المر.. بقلم الاب : روبرت ماكتيغو

اكثر المشاعر ايلاما وحتما هي الاشتياق لغائب عزيز، في المقابل "لم الشمل" واللقاء، هو سيف يقتلع الفرح عنوة من قلوب اتعبها البعد والفراق .لم الشمل، يسرق سعادة بعد طول فراق مضني، لا نقوى كبشر على فراق احبة واهل ، ولكن ندرك حجم هذا الالم حين يأذن لنا الزمان برؤيتهم مرة اخرى، حينها نذرف الدمع غبطة وفرحة بقدومهم وبقائهم بيننا.انظر لهذه الكلمات من القديس أغسطينوس:

 

 
" ما قرب بيني وبين اخوتي هو الحديث والضحك معا، اظهار محبتنا لبعضنا البعض، كنا نقدم الخدمات بالتبادل، ونقرأ معا كتبا تتحدث عن اشياء ومواضيع لطيفة وحيوية،  كان المزاح وديا، ونعم كنا نتعارك احيانا لكن دون اساءة، نقدم لبعضنا كما نقدم لانفسنا ، كنا ننتظر الغائب بشوق ونفرح بعودته، احببنا بعضنا البعض بكل قلوبنا ، علامات هذا الحب والصداقة كانت في عيوننا وقلوبنا وكل تصرفاتنا ، بالفعل كنا كالنار تنصهر فيها كل المكونات ولكنها في النهاية روح واحدة".

 

ألم الاشياق اقوى بعد اللقاء
من منا لا يرغب الانتضام في مثل هذه الزمالة، هذه الحالة الجميلة من الاخوة والحب ، لعلنا نحن المسيحيون معنيون بهذا ، لربما نفترق عن عزيز وغالي علينا  فترة طويلة، الا اننا لا ندرك مدى اشتياقنا له ، الا بعد اللقاء.فرحة لم الشمل هذه لا تخلو من حزن.
ولكن ، لماذا ؟؟
لان الم الفراق انتهى، نشعر بالصدمة في نهاية الالم، تماما كما كالوجع الذي يرافق الخلاص من "سن" عذبنا ألمه، نتيقن حجم الالم حين نتخلص منه، ولعلنا نشعر بالشفقة على انفسنا حتى!!
عند انتهاء الالم، نكتشف حجم التسامح في انفسنا من خلال مقدرتنا على التعايش مع هذا الكم الهائل والمتنامي من الالم، هذا كله نشعره حين ينتهي ، بلم الشمل، مع الاحبة.
لم الشمل ، بعد فراق طويل ، حلو ومر ، يتراوح بين سعادة احتضان عزيز غائب افتقدناه بشدة، ومشاعر الالم والفقد التي عشناها طيلة فترة غيابه.
ماذا يعني ان تشتاق لاحدهم؟ هل هو الغياب؟ لا ، فاغلب الذين التقيتهم يوما، غائبون الان، ولكن هل استطيع الجزم بانني افتقدهم جميعا، لا ، ليس للغالبية العظمى منهم.
للفرنسيين طريقة في التعبير عن الاشتياق ، مختلفة عن المصطلح الانجليزي الشهير للتعبير عن الاشتياق : I miss you ، "مشتاق لك" فالترجمة الانجليزية للمصطلح الفرنسي " You are missing to me" والتي تقول انت حاضر في لانك غائب، "اشعر بغيابك عني".
لعلنا نعتاد البعد والمه، يوما فيوما، ويبقى حلم لم الشمل واللقاء، فنحن كمسيحيون لنا ثقة وامل في لم الشمل حتى مع احبتنا الذين فقدناهم بالموت، الرجاء بلقاء ابدي ولم شمل في السماء.
اليوم، نذرف الكثير من دموع الفقد والاشتياق ، كمسيحيون فقدنا اعزاء واحبة، دعونا نعد بعضنا البعض بالوصول الى منزلنا الحقيقي ، منزل ابينا السماوي، بالحب والمساعدة لبعضنا البعض، حيث اللقاء الحقيقي ولم الشمل.
ولنطلب الرحمة لاحبتنا الذين تركوا هذا العالم بالصلاة وطلب الراحة لارواحهم مستعينين بما كتبه القديس اغناطيوس : 

"لربما نشعر بالحزن، على ارض ابينا هذه التي وهبنا اياها، عندما نفقد من وهبونا الفرح والسعادة من افراد واشياء،ولكن لنتذكر اننا حجاج على هذه الارض ، ومدينتنا الابدية هي مملكة السماء، لذا لا يجب ان تكون خسارتنا كبيرة ولا شعورنا بها كبيرا ، يجب الا نتعبرها خسارة عظيمة، عندما يسبقنا الاحبة الى ملكوت السماوات، فنحن ايضا ماضون على ذات الطريق ، نحو الملكوت الذي اعده مخلصنا وفادينا".

 

 
•    الاب ماكتيغو ، عضو في "جمعية يسوع" بمقاطعة ميرلاند، استاذ الفلسفة واللاهوت،، قدم العديد من المحاضرات في أمريكا الشمالية والوسطى وأوروبا وآسيا.
•     معروف بدراسته واهتمامه باصول وأخلاقيات مهنة الطب، مهتم بالتنشئة الرعوية.