ثقافة ومجتمع
15 حزيران 2021, 07:00

كبارنا... بركتنا!

ريتا كرم
هو معزول في غرفة صغيرة في منزل كبير، هي متروكة في مأوى للعجزة، هما تخلّى عنهما أبناؤهما، هم معنَّفون ومستغَلّون، هم من الجيل الذّهبيّ خطَّ العمر خطوطه العريضة والمجعّدة على وجوههم وأياديهم وصبغ شعرهم بالشّيب وأحيا في داخلهم الطّفل النّائم؛ هم كبارنا... بركتنا!

 

هم إذا غابوا، غابت معهم الحنّيّة وانطفأت الذّكريات. وإن رحلوا حزينين مقهورين ومذلولين اختفت البركة من البيوت وتمنّى الولد رضى الوالدين ليعود الفرج والفرح.

اليوم، وقبل أن يفوتك القطار ولا يعود للنّدم منفعة، أعد خلط الأوراق واعمل على تكريم من كدّوا عرقًا ليعيلوك ويأمّنوا لك حياة كريمة، فحملوك وتحمّلوك بكلّ ظروفك، حرموا أنفسهم من متعة ما ليهتمّوا بك ويقدّموا لك ما تتمنّاه. سهروا اللّيالي لأنّهم خافوا عليك من المرض، حرسوا سريرك لكي تنام هنيئًا، دفعوا أثمانًا باهظة لتكبر وتصبح سبب فخرهم ومصدر اعتزازهم.

هم مستعدّون أن يسامحوك متى قرّرت العودة إلى أحضانهم، هم يتوقون إلى عناق الابن الضّال، قلبهم قلب طفل قادر أن يصفح وينسى.

في اليوم العالميّ للتّوعية بشأن إساءة معاملة المسنّين، رسالة إلى أبناء وبنات العالم الّذين أساءوا معاملة والديهم العجوزين نفسيًّا أو بدنيًّا أو مادّيًّا: قدّروا النّعمة الّتي لا تزال حاضرة بينكم قبل فوات الأوان! عزّزوها لأنّ وجودهما عزّ وخير! كفّوا أيديكم عنهما واضبطوا ألسنتكم وأعيروهما كلّ العناية الطّبّيّة والنّفسيّة المطلوبة!

في هذا اليوم، رسالة إلى المجتمع المكتوف اليدين: لا تكن شريكًا في تلك الجرائم الإنسانيّة وتسكت عنها، كن الشّعلة الّتي تضيء عتمة الظّالمين.

وأخيراً رسالة إلى مسنّينا: شكرًا على كلّ ما علّمتمونا إيّاه وتحمّلتموه منّا، وعذرًا عن كلّ تقصير صدر عنّا عن قصد أو عن غير قصد.

اليوم، منّا إليكم طلب واحد، تابعوا الصّلاة من أجل ارتدادنا إلى أحضانكم، فدعواتكم وحدها توقظنا لأنّكم كبارنا... بركتنا!