كاهن محلّق خير من إعلام محرّض
فمؤخّراً لاحظنا الكمّ الهائل من الانتقادات والتّأويلات الّتي انهالت على رجال دين في بلدان عديدة، فصوّبوا باتّجاههم أصابع الاتّهام على جرائم بمعظمها جنسيّة ارتكبوها أحياناً ضعفاً ولم يرتكبوها غالباً. إنّ محاكمتهم واجب ولكن معالجتها بالطّرق المباحة في وسائل الإعلام اليوم باتت بمعظمها غير مقبولة تجرّح وتدين وتطعن قلوب الأبرياء.
ولكن لمَ لا نرى من الكأس نصفه الملآن ونضيء على إنجازات كاهن بدل هفوات آخر؟ لمَ لا نكشف عن يده البيضاء الممدودة في العتمة لمساعدة محتاج بدل زلّاته في لحظة ظلمة وضلال؟
فهل تعلمون كم من كاهن عرّض حياته للخطر لكي ينقذ أطفالاً وعائلات من مختلف الأعراق والدّيانات أثناء الحروب والقذائف تنهال كالمطر فوق رأسه؟ هل تدركون أنّ العزم والإيمان المزروعان في نفوس الصّامدين في المناطق السّاخنة هو نتيجة متابعة كهنة قدّيسين لهم وملازمتهم في محنتهم طوعاً؟
تخيّل هؤلاء المرسلين إلى البلدان النّامية حيث الأمراض، تعمّق برقيّ رسالتهم في تلك الأراضي القاحلة، فهم لا يأبهون إن انتقلت إليهم عدوى ما أو ترصّد لهم الموت، إنّهم يؤدّون واجبهم الإنسانيّ أوّلاً والدّينيّ ثانياً. وأولئك الّذين يزرعون العلم حيث الجهل والفرح حيث اليأس والمصالحة حيث الخصام والقوّة حيث الضّعف.
منهم من يسهر اللّيالي ليلازم الشّباب المدمنين على الشّرب والمخدّرات والميسر وغيرها من آفات العصر، فيقوّوهم بالمسيح ليتعافوا من إدمانهم معرّضين حياتهم للتّهديد، أو يلمّون أطفال الشّوارع ليأووهم في ملجأ أسّسوه لهم خصّيصاً ليعيشوا حياة كريمة.
هؤلاء الكهنة تركوا كلّ شيء وراءهم وساروا إلى الأمام مع يسوع ليخدموا في الأديار والرّعايا، في الأيتام والملاجىء، في المستشفيات والمخيّمات، بين الأغنياء والفقراء، بين المعافين والمرضى، في السّلم والحرب. هؤلاء هم جنود المسيح، هم إعلاميّون بدورهم يعلنون البشرى قولاً وفعلاً وكتابة، فلمَ لا نغطّي كمثل هذه الأعمال ونرفعها إلى الضّوء؟ ومن منّا بلا خطيئة فليرجمهم بحجر!