ثقافة ومجتمع
09 أيار 2017, 07:50

قصّة اليوم: "ستيـلا" تغـرق

مرّ الشتاء العاصف الجليدي بزمهريره القاسي وجاء أوان إجازة عيد القيامة وحلّت الأماني المهلّلة على أجنحة الربيع المبكر في صدور مئتيّ رجل وامرأة وطفل أقلعوا في السفينة "ستيلا" من ميناء "سوثامبتون" في أبريل سنة 1899 وهم ينتظرون أن يرسوا بعد ساعات قليلة على أرض مدينتهم "جرسي".

 

وكان الجو صحوًا والبحر هادئًا، وكانت الرحلة بادية التوفيق. على أنّ الحال انقلب فجأة فخيّم ضباب كثيف بحيث كانت السفينة تبحر في الظلام. وبدلاً من أن يخفف القبطان من سرعة الباخرة، فإنه استنادًا على ما له من خبرة طويلة في قيادة السفن وخوفًا من الوصول متأخرًا إلى الميناء – أدار مفتاح البخار إلى آخره، وانطلقت "ستيلا" بأقصى سرعتها. وكانت النتيجة أن اصطدمت بالصخور الصوّانيّة على بعد ثمانية أميال من الشاطئ. وبعد اثنتيّ عشرة دقيقة غاصت تمامًا في مياه المحيط الكبير!!

وتروي قصص بطولة رائعة عن حوادث وداع في تلك الدقائق المليئة بالمآسي، ولكن أبلغ القصص هي قصة السيّدة روجرز الممرضة في السفينة:

كانت السيّدة روجرز تهتم بالمرضى في العنبر السفلي. فلمّا علمت بالحادث، ملكت زمام نفسها، وهدّأت من انفعالهم، وتمكّنت من نقلهم إلى سطح السفينة. وبكل سرعة دبّرت لكلّ منهم طوق إنقاذ، ولكنّها بعد أن استنفدت كلّ الأطواق الصّالحة التفت وأبصرت سيّدة واقفة على السّطح من دون طوق.. ففي الحال حلّت طوقها وأعطته لها، وهي تصيح "بسرعة يا سيّدتي.. أنت في عهدتي.. ليس عندنا ثانية نضيّعها" ووضعت الطّوق على السّيدّة بقوّة!

وصاح البحارة "سيّدة روجرز! هيا اقفزي إلى القارب، وانجي". قالوا هذا مع أنّ قاربهم كان بالكاد قادرًا أن يحفظ نفسه فوق الماء، وألقت السّيّدة روجرز نظرة على القارب ثم جال في ذهنها فكر عن أعزّائها على الشاطئ ثم صمتت لحظة، وبعدها قالت "أنتم أزيَد من الّلازم في القارب سأكون سببًا في غرقكم إذا نزلت، مع السّلامة لجميعكم !".

وحالما تحرّك القارب سمع البحّارة السّيّدة روجرز تقول "يا إلهي خذني"، لم تقل "يا إلهي نجّني"، لأنّها كانت مستعدة أن تذهب. إنّها تعزية كبيرة أن نكون مستعدين للإنطلاق سواء مع ركّاب "ستيلا" أو على فراش المرض! لكن يقول قائل "هل يمكن أن نتيقّن من استعدادنا؟ هل يمكن أن نكون متأكدين من أنّنا مستعدون؟" – نعم.. فإذ كنت تستطيع أن تقول: "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله" فهذا برهان على استعدادك!

إذًا.. سواء كنت في البر أو على البحر، وسواء أبقيت لك لحظات أو شهور لتستعد، فيمكنك أن تقول: "مع السلامة لجميعكم.. أنا مستعد! مع السلامة..".                            

فلمّا بُرِّرنا بالإيمان حصلنا على السّلام مع الله" (رو 1:5)