قصة اليوم : من أُصدِّق يا بابا؟
مرّت الأيام والأب يزداد عنادًا وإلحادًا، والأم تزداد شركة مع الرب يسوع وإيمانًا به، حتى أن الأب جَمع كل الأفكار الإلحادية التي فكر فيها وقرأها، وعمل منها كتابًا إلحاديًا نشره وباع الآلاف منه، أما الأم فكانت تزداد في خدمتها للرب يسوع المسيح وربح النفوس له.
فجأة، مرضت الأم مرضًا عضالاً، شعرت معه أنها تقترب من الرحيل الى السماء، وكانت الآية المفضلة لها في أيام مرضها: "ونحن نعلم أَنَّه إِذا هُدم بيتنا الأَرضيّ، وما هو إلّاَ خيمة، فلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ مسكن مِن صنع اللهِ، بَيْت أبديّ لم تصنعه الأَيدِي" (2 كورنثوس 5 : 1). ورغم كل المحاولات التي بذلها الزوج المحب بالذهاب إلى أشهر وأمهر الأطباء والمستشفيات، ساءت حالة الأم. وقالت لكريستين "كنت أتمنى يا أبنتي الغالية أن يعطيني الرب عمراً أطول لأكون معك وأخدمك ولكنني سأسافر إلى السماء عند الرب يسوع المسيح .. نعم سأسبقك إلى هناك وسأكون في أنتظارك يا ابنتي! أكيد ستعطين حياتك للرب يسوع وتقابلينني هناك حيث سأكون في انتظارك". ولم تمض أيام محدودة حتى رقدت الأم في سلام.
مرّت الأيام حيث كانت كريستين سبب التعزية الوحيد لوالدها على هذه الأرض بعد موت زوجته التي كان يحبها من أعماقه.
مرضت كريستين أيضاً بشدة، وكان المرض هذه المرة مرض السل الرهيب الذي تمكّن منها. ولما سألت الطبيب عن احتمالات شفائها، صارحها الطبيب بأن حالتها متأخرة. وفهمت كريستين من الطبيب أن أيامها على الأرض صارت معدودة.
في المساء، لما عاد الأب من عمله وجلس مع كريستين، بادرته قائلة "بابا أنا مسافرة، سأترك الأرض قريبا!". قاطع الأب الحنون ابنته الوحيدة قائلًا "كلا يا ابنتي! بل ستُشفي تمامًا. سنذهب لطبيب آخر ولا بد من أن تشفي يا وحيدتي الغالية"، فأجابته "كلا يا بابا، بل الطبيب قال لي اليوم أن حالتي متأخرة جدًا، وربما أغادر الأرض في أي وقت. ولكن يا بابا أريد أن أسألك سؤالاً مهمًا جدًا بالنسبة لي، فاليوم أتذكر آخر كلام قالته لي ماما قبل أن تموت وتترك الأرض؛ إذ قالت " سأسافر إلى السماء عند الرب يسوع المسيح .. نعم سأسبقك إلى هناك وسأكون في انتظارك يا ابنتي! أكيد أنك ستسلمي حياتك للرب يسوع وتقابلينني هناك حيث أكون في انتظارك". هذا ما قالته لي ماما ولكن يا بابا أنا أعرف أنك لا تؤمن لا بالسماء ولا بالجحيم ولا بيسوع ولا بالأبدية. لقد قرأت جزءً كبيرًا من كتابك، .. بابا، هل أصدقك أم أصدق ماما؟ أشعر أنني قريبة جدًا من الرحيل عن الأرض، أرجوك أن تساعدني؛ هل أصدقك أنه لا يوجد الله ولا أبدية، أم أصدق ماما وأعطي قلبي للمسيح وأقابلها كما قالت لي؟ من أُصدِّق يا بابا؟".
انفجر الأب في بكاء هيستيري وصرخ وقال لابنته "كريستين، صدقي ماما يا حبيبتي .. صدقي ماما ولا تؤمني أبدًا بإلحادي الذي لا يعطي أي رجاء. حقًا إن الإلحاد هو أكبر كذبة وضعها إبليس في ذهن البشر، لكن في أعماقي يا ابنتي أسمع دائمًا صوت يقول لي أن الله موجود. صدقي ماما يا ابنتي واعطي قلبك للمسيح الذي مات وقام لأجلك وأنا أيضًا أعطيته حياتي من هذه اللحظة".