ثقافة ومجتمع
23 آب 2015, 21:00

قصة اليوم : محسنة كبيرة

كانت السيّدة الأنيقة تترك بين فترة وفترة مجلسها الوثير في القطار لتلوّح بيدها من النافذة، تنثر حبوباً صغيرة من زجاجة كانت تحملها في حقيبة يدها. وكرّرت عملها هذا مرّات ومرّات، مما أدهش أحد المسافرين فسألها عما تفعله، فأجابت مبتسمة "أنا أنثر هذه البذور كما ترى. فمنذ عدة سنوات، آليتُ على نفسي ألاّ أركب القطار مرّة دون أن أنثر من النافذة كميّة منها، لا سيما في الأراضي المقفرة. أترى هناك على البعد تلك الزهور والأعشاب التي تزيّن الطريق؟ أنا نثرت بذورها منذ سنوات، وها هي الآن أزهار تُبهِج العيون وتُروّح الخواطر".

ما أكثر النفوس المقفرة على طريق الحياة! نفوس استبدّ بها اليأس وأصابها الخَوَر وأظلمت الحياة في عينيها. فحريَّ بنا أن نبذر فيها الأمل والتفاؤل والمرح!
حرامٌ علينا أن يمرّ بنا يوم، لا نحاول فيه بَذْر الأمل والمرح في من حولنا من زملاء الدراسة، أو رفقاء العمل، أو مرضى نزورهم أو أهل البيت عندما نعود اليهم مساءً!
لننثُر بذور التسامح والصفح في القلوب التي تعفّنَت بالأحقاد والكراهية، وبذور المحبة في النفوس التي تلذعها الغيرة والحسد، وبذور الرجولة والاعتماد على النفس بدل الاتكالية وروح التشكّي والتمرمر.
هذه هي رسالة المسيحي في العالم وإلا تبرّأ منه المسيح!