ثقافة ومجتمع
08 آذار 2016, 11:56

قصة اليوم : "كيلر" .. والإرادة القويّة

"أنا عمياء ولكنني أبصر، أنا صماء ولكنني أسمع" هل تعرف من قائل هذه العبارة ؟ إنها السيدة هيلين كيلر التي استطاعت أن تبرهن أن الإنسان يستطيع تحقيق المعجزات في كل زمان ومكان طالما لديه الإرادة القوية.

وُلدت في عام 1880 وبدأت تتكلم قبل أن تكمل سنتين، ولكنها أصيبت بحمى قرمزية ويا للمفاجأة القاسية، لقد فقدت البصر والسمع والنطق مرة واحدة، أرسل والدها إلى مدير معهد العميان بأمريكا يطلب مشورته، فأرسل له "المربية العجيبة" آن التي نشأت هي الأخرى كفيفة وتعلّمت العلم واللغة والأخلاق، وعندما بلغت الرابعة عشر من عمرها وبعد العملية التاسعة استطاعت أن تبصر. لم يجد مدير المعهد أفضل منها ليرسلها إلى هيلين، فقد قال لها "لقد مضى الوقت الذي كنت فيه تلميذة، اذهبي إلى العالم الواسع لتخدمي الآخرين".

كانت آن ذات إرادة حديدية، لم يرضها معاملة الأم لإبنتها وحنانها الزائد لأنها كانت تؤمن أن الإنسان مهما كان لديه من عاهات يستطيع أن يتعلّم ويصبح إنساناً عادياً.

حاولت آن تعليم هيلين اللغة ولكنها تمرّدت عليها وأصابتها يوماً وكسرت أسنان معلمتها ولكن آن كانت صارمة ولم تيأس. وكانت المعجزة أن هيلين بدأت تنطق بعض الكلمات وتعلّمت القراءة والكتابة بطريقة برايل وأكملت تعليمها وتفوقت وأكملت دراستها في القانون وحصلت على الدكتوراة من اسكتلندا في الأدب الإنساني وتزوجت وألّفت كتب وألقت محاضرات وسافرت إلى كل أرجاء العالم تدافع عن قضية المكفوفين.

وفي كتابها "قصة حياتي"، تقول ليس صحيحاً أن حياتي برغم ما فيها كانت تعسة، إن لكل شيء جماله حتى الظلام والصمت، فقد تعلّمت أن أكون راضية وسعيدة في أي ظرف يمرّ بي، أن قلبي ما زال عامراً بالعواطف الحارة لكل إنسان، ولساني لن ينطق بكلمات مريرة أبداً، إذ أن هناك سعادة في نسيان الذات، لذلك تشاهدونني أحاول أن أجعل الإبتسامة في عيون الآخرين هوايتي. (أن العمى ليس بشيء والصمم ليس بشيء، فكلّنا عمى وصم عن معجزات الإله العظيم).

هل تصدّق أنها مارست ركوب الخيل والسباحة والتجديف.. وزارت أكثر من خمسة وعشرين دولة لتحسين حال المكفوفين حتى أنها وصلت للهند وقطعت أربعين ألف ميل، وهي سنها خمسة وسبعين سنة لتحمل الأمل والخير لكل المكفوفين، وزارت مصر عام 1952 وقابلت الدكتور طه حسين وقال لها الصحفي الكبير كمال الملاخ "ماذا تتمني أن تشاهدي لو قدر لك أن تبصري ثلاثة أيام ؟" فأجابته "أني أتمنى أن أرى هؤلاء الناس الذين عطفوا علي بحنانهم وجعلوا لحياتي قيمة وأشكرهم من أعماقي.

وعندما اشتعلت نيران الحرب العالمية، قامت بزيارة الجرحى والمصابين وعندما تعجب الناس، قالت لهم أني أستطيع أن أتنقل وأنا عمياء وصماء وأنا سعيدة لأني أستطيع أن أقرأ أعمال الله التي كتبها بحروف بارزة لي فدائماً عجائبه ومحبته تشملني.

لقد استطاعت هيلين كيلر إقناع الأمم المتحدة بتأليف لجنة لوضع حروف دولية بطريقة برايل يقرأها المكفوفون جميعاً وترجمت كتبها إلى 50 لغة.