ثقافة ومجتمع
21 كانون الأول 2016, 12:31

قصة اليوم: "كل سنة وأنت بخير"

في اليوم السابق لعيد الميلاد خرج كاهن احدى قرى الصعيد كعادته ومعه أحد الخدّام لتوزيع عطايا العيد على المحتاجين في القرية. وبعد أن طافا بالبيوت التي يقصدونها بقي كوخ صغير في آخر البلدة.

تردّد الخادم في الذهاب إليه من أجل المجهود الذي قاما به ولأن الوقت قد تأخر حتى يستطيعا الّلحاق بموعد صلاة ليلة العيد. ولكن الكاهن شجّعه وسارا في الطريق الطويل حتى وصلا إلى الكوخ .
كانا يتساءلان أثناء سيرهما من سيفتح لنا الباب؟ أو لعلّه يكون مغلقًا تمامًا، لأنّهما يَعلمان أن السّيدة التي تقيم في الكوخ مقعدة.
وصلا الى الكوخ ووجدا الباب مغلقًا فطرقاه والمفاجأة كانت أنّ السّيدة فتحت لهما فرحا لها وأعطياها عطيّة العيد من المواد الغذائية فشكرتهما، وعندما همَّا بالإنصراف أمسكت بهما وأصرّت على دخولهما.
عندما دخلا شمّا رائحة زكية ورآيا نوراً واضحًا في الكوخ لم يعرفا مصدره.
قالت لهما السّيدة "إنّني أعيش مع ابني في هذا الكوخ ولا استطيع القيام باحتياجاتي وابني يقضي معظم الوقت خارج المنزل، أعاني من الاحساس بالوحدة لأنه يندر أن يزورنا أحد في كوخنا البسيط هذا البعيد عن القرية وليس أمامي إلّا الصلاة وطلب المعونة من الله حتى يرفع عني الإحساس بالوحدة ويعطيني شيئًا من السلام والراحة. واليوم بعدما خرج ابني ازدادت مشاعري بالوحدة والعزلة، لأنّه في هذا اليوم، يستعد الجميع للإحتفال بالعيد ويلبسون الملابس الجديدة ويلتقون في الكنيسة بالمسيح ويفرحون بميلاده أمّا أنا فأرقد وحيدة بهذا الكوخ لا أشعر بأفراح العيد، فأخذت أصلي وأعاتب المسيح لأنه تركني في هذه الوحدة وفيما أنظر إليه بعتاب ودموعي تسيل من عينيّ وجدته قد خرج من الصورة واقترب منّي ومسح دموعي وقال لي "كل سنة وأنت بخير"، فشعرت بفرح ورهبة لا أستطيع التعبير عنهما وأحسست في نفس الوقت بقوّة تسري في كياني فتشدّدت رجلاي الضعيفتان وقمت منتصبة واذا المسيح اختفى تاركًا في الكوخ نوره الجميل ورائحته الزكية، ولم يمضِ وقت طويل حتى سمعت طرقاتكما على الباب فتعزّى الكاهن والخادم وشكرا الله الذي شجّعهما ليزورا آخر وأهم زيارة في هذا الكوخ الحقير ليصير أعظم مسكن في القرية.