قصة اليوم: حكمة عصفور
بعد جولة نهاريّة مرهقة، جلستُ على جذع أحد الأشجار لأستريح، وإذا بصرخات عصفور صغير تشدّ انتباهي. هي صرخات العصفورة "الأمّ" الّتي كانت ترفرف حول عشّ صغارها والخوف ينتابها لأنّ حيّة كبيرة كانت تزحف بسرعة نحوهم. أمّا العصفور "الأب" فكان يطير باحثًا عن غصن شجرة صغير. وما أن وجده حتّى اتّجه نحو العشّ وغطّى به صغاره ووقف بعيدًا يراقب.
قلت في نفسي: "يا لسذاجة هذا العصفور، أيحسب أن الحيّة الماكرة ستُخدع بهذه الحيلة وتنصرف؟"، فحدث ما توقّعته: التفّت الحيّة حول الجذع وفتحت فمها جيّدًا لتبتلع العصافير مع الغصن، وإذا بمفاجأة كبيرة تحلّ، ففي لحظة الهجوم، توقّفت الحيّة فجأة ثم استدارت هاربة كأنّها أصيبت بالرّصاص وهبطت مسرعة مضطربة!
لم أفهم ما حدث لكنّني رأيت العصفور الأب يعود مسرعًا وإذا بالعصافير تزقزق فرحًا وانتصارًا، وأزاح الأب الغصن فسقط أرضًا، فالتقطته وقصدتُ أحد أصدقائي وهو عالم بيولوجيّ لأستوضح منه ما حصل. فلمّا رأى الغصن ابتسم وقال لي: "هذه الأوراق تحوي مادّة سامّة تقضي على الحيّات، حتّى أنّ الأخيرة تخاف لدى رؤيتها وترتعب من رائحتها ولا تجرأ على لمسها!"