قصة اليوم: العسل العذب
"في فصل الربيع إذ أزهرت الأشجار، وفاحت الروائح الجميلة وسط الحقول، انطلقت نحلة إلى الحقل المجاور؛ كانت تبسط جناحيها لتطير في كمال الحرية من زهرة إلى أخرى. كان المنظر جميلاً للغاية، والرائحة جذابة، أما هي فكانت تجمع الرحيق باجتهادٍ وتحمله إلى الخلايا، لتعود فتنقل غيره. قضت أيامًا كثيرة تجمع الرّحيق بفرحٍ حتى صارت كميّة العسل كبيرة. وفي أحد الأيام، نظرت النحلة إلى كميّة العسل التي جمعتها فوقفت تتأملها قائلة "ما أعذب هذا العسل الذي جمعته، ولكن لماذا أطير بعد لأجمع غيره؟! لمَ أتمتع به وأعيش فيه؟". ألقت النحلة بنفسها وسط العسل، فغاصت فيه ولم تعد قادرة على الخروج منه ولا الطيران بين الزهور، بل سرعان ما ماتت في وسط العسل!
هذه ليست قصة خياليّة، بل هي قصة الكثيرين، عوض أن يحملوا الفكر الحرَّ الذي يطير بالروح ليجمع الرحيق العذب، يسقطون تحت لذة الشهوات فيفقد الفكر حرّيته واتّزانه وسموّه ليغوص في شهوات قاتلة للنفس!
إلهي هب لي أن أمتلك أفكاري، لا أن تمتلكني، لا تنزع عن ذاكرتي صورة النحلة التي أهلكها عسلها!