قصة اليوم: الصديقان
مرّت الأيام، وفي عيد ميلاد صديقه جون قال لي ابني "أودّ أن أقدّم هديّة لجون في عيد ميلاده"، فأجبته : "أنت تعلم أن والدة جون ربما ترفض الهديّة لأنها لن تقدر على ردّها"، إذ كنت أعلم ظروفهم الماديّة. فردّ: "لذا سأرن الجرس وأترك الهديّة على الباب ثم انزل بسرعة وهكذا لن يعلموا من أحضرها ولن يشعروا بالحرج"، فرحت بروح ابني الكريمة ووافقته على خطّته التي سينفذها. جلب ابني الهديّة التي كان يعلم أن صديقه يتمنّاها بشدّة وهي عبارة عن مقلمة أنيقة بها كلّ الأدوات الهندسيّة التي يحتاجها التلاميذ في سنهم. وفي ليلة عيد ميلاده خرج ابني ليقوم بمهمّة المحبّة الخفيّة وعندما عاد بعد ربع ساعة، وما أن فتحت له الباب حتى انهار باكيًا. سألته "ما بك يا حبيبي ما الذي حدث أرجوك تكلّم !"، فأجابني "لا شيء، لا شيء خطير! لقد ذهبت إلى مبنى الّذي يسكن فيه جون وكان ضوء الدرج مطفأً فلم أرد أن أضيئه حتى لا أنكشف، وعندما وصلت إلى الشقة وضعت الهديّة على الأرض ومددت يدي لأقرع الجرس ونسيت في غمرة حماسي أن الجرس عندهم غير موجود بل يوجد بعض الأسلاك المغطاة ويبدو إنها غير مغطاة جيدًا لأنه ما أن مددت يدي حتى سرت في جسمي شحنة كهربائية طرحتني أرضًا، قمت جاهدًا وجسمي كله ينتفض ثمّ قرعت بيدي على الباب ونزلت الدرج مسرعًا"، أخذت ابني في حضني ونظرت إلى طرف أصبعه فوجدته محروقًا وضعت عليه مرهمًا للحرق وأنا أقول في نفسي "لماذا يا رب حدث هذا مع ابني، لقد أراد تنفيذ وصيّتك لماذا يا رب ؟!".
في اليوم التالي ذهبنا إلى الكنيسة، بعد القدّاس تقابل ابني مع جون الذي أخبره عن الهديّة الجميلة التي وجدها عند الباب وابني لا يتكلّم بل ينظر إليه بابتسامة وعيناه تلمعان.
وبعد عدة أيام من الحادثة لاحظت أنّ ابني لم يعد يلتفت برأسه ليسمع جيدًا وسألته كيف يشعر فقال: "أشعر أنّني أسمع جيدًا بالاثنين"، فرحت وقرّرت أن آخذه عند الطبيب الّذي أكد لنا أن ابني فعلًا يسمع جيدًا بأذنه اليسرى. سألنا الطبيب عما حدث فقلت له أنّ ابني تعرّض لصدمة كهربائيّة "فهل يمكن أن يكون هذا هو السبب ؟"، فأجاب الطّبيب: "نعم، تستطيع الشحنة الكهربائيّة تنشيط خلايا تعني من خلل أو عجز جزئيّ وليس تلف كليّ، إنّها معجزة بكلّ المقاييس". فأدركت وقتها أن الله كافأ ابني على محبّته ولكن بطريقة لم نفهمها في وقتها.