قصة اليوم: الجسور تنتظرني لأبنيها
نشأ الخلاف من سوء تفاهم بسيط وازداد حتى نشب شجار تفوّها به بكلمات مرّة وإهانات، أعقبتْها أسابيع صمت مطبق. فأقاما في جهتين مختلفتين. ذات صباح قرع أحدهم باب الأخ الأكبر، وإذا به أمام رجل غريب يبحث عن عمل قائلاً "قد تحتاج إلى بعض الترميمات الطفيفة في المزرعة وقد أكون لك مفيداً في هذا العمل"، فقال الأخ الأكبر "نعم، لي عمل أطلبه منك، هناك حيث يعيش جاري، أعني أخي الأصغر. حتى الأسبوع الماضي كان هناك مرج رائع، لكنّه حوّل مجرى النهر ليفصل بيننا، قد قصد ذلك لإثارة غضبي، غير أنني سأدبّر له ما يناسبه!"
وأضاف شارحاً "أترى تلك الحجارة المكدّسة هناك قُرب مخزن القمح؟ أسألكَ أن تبني جداراً علّوه متران كي لا أعود أراه أبداً"، أجاب الغريب "يبدو لي أنني فهمتُ الوضع".
ساعد الأخ الأكبر العامل في جمع كل ما يلزم ومضى إلى المدينة لبضعة أيام لينهي أعماله.
وعندما عاد إلى المزرعة، وجد أن العامل كان قد أتمّ عمله، فدهش كل الدهشة ممّا رآه، فبدلًا من أن يبني حائطاً فاصلاً علُوّه متران، بنى جسراً رائعاً يربط بين البيتين.
وفي تلك اللحظة، ركض الأخ الأصغر من بيته نحو الأخ الأكبر مندهشاً وقائلاً "إنّك حقّاً رائع، تبني جسراً بيننا بعد كلّ ما فعلته بك؟ إني لا أستحق محبّتك يا أخي!" وعانقه.
وبينما هما يتصالحان، كان الغريب يجمع أغراضه ويهم بالرحيل، "انتظر"..."انتظر"... قالا له "ما زال عندنا عمل كثير لكَ"، فأجابهما "كُنتُ أحبّ أن أبقى، لولا كثرة الجسور التي تنتظرني لأبنيها".