ثقافة ومجتمع
26 أيار 2016, 05:45

قصة اليوم : استعداد القلب الخفي

في الستينات، في بدء إنشاء كنيسة الشهيد مارجرجس بإسبورتنج وقبل البدء في بنائها كنت اتفقد شابًا قد انحرف. قرعت الباب وإذا بسيدة تفتح وبلّغتني أنه لا يحضر قبل منتصف الليل!شعرت أنها تتحدث بلهجة جافة مع أنني كنت أسأل عن ابنها، وإذ مرّ بي الإحساس التالي: ربما تكون هذه هي المرة الأخيرة التي ألتقي بها مع هذه السيدة، فلماذا لا أتحدث معها عن خلاصها وأبديتها؟ وإذ كنت خجولاً تمالكت نفسي وقلت لها "هل يمكن أن أتحدث معكِ"؟ وافقت لكنني لم أشعر بأي ترحيب.

 

دخلت إلى الصالة وبدأت تشاهد برنامجًا تلفزيونيًا وهي تدخن كما لو أنني لم أكن حاضرًا. ساد صمت لوهلة ثم قلت لها "هل يمكن خفض صوت التلفزيون لنقرأ في الكتاب المقدس؟"  دُهشتُ لاستجابتها السريعة، إذ أطفأت السيجارة، وأغلقت التلفزيون وجلست في خشوع وهي تقول "منذ سنوات طويلة لم أقرأ في الكتاب المقدس... إنني مشتاقة لسماع كلمة الله." 
ما أن بدأْت بالقراءة، وبدأتْ تسأل باهتمام شديد وشوق عجيب!
وقبل نهاية الجلسة سألتني عن الكنيسة التي أصلي فيها فأرشدتها إلى موقعها، إنّها على مسافة قريبة من منزلها بجوار الترام بين الإبراهيمية واسبورتنج الصغيرة.
فتفاجأت إذ لم تكن تعلم بوجود كنيسة هنا، فهي في الواقع عبارة عن مرآب مؤقّت إلى بانتظار الحصول على رخصة بناء.

أبدت السّيّدة اهتماماً وتساءلت عن إمكانيّة توفّر صفوفاً لتعلّم كلمة الله، فكان جوابي: مساء كلّ سبت.

تغيرت حياة هذه السيدة إذ تابت بصدق، والتزمت بالكنيسة وبدأت تحيا كلمة اللَّه...

تعلّمت من هذا اللقاء الكثير، فغالباً ما نحكم على إنسان إنطلاقاً من مظهره الخارجي لأننا لا نرى استعداد قلبه.

كثيرون لا يمارسون الحياة المقدسة وهم ينتظرون دعوة بسيطة "هل يمكن أن نقرأ كلمة اللَّه؟"

كثيرون هم خارج الكنيسة في نظرنا، ولكن قد يصيرون أعظم بكثير من الذين نظنهم في داخلها. نحن  سَنُدان أمام اللَّه لأننا نهمل في دعوة اخوتنا للتمتّع بعذوبة الحياة الروحية والصداقة الحقة مع مخلص النفس وعريسها وطبيبها.