قصة اليوم : أمثولة في النزاهة
وكان أول ما افتتح به أسخين دروسه، إلقاء دفاعه ضدّ خصمه ديموستين. فصفّق له المستمعون وهتفوا "ماذا! مع دفاع كهذا استطاع خصمك أن يتفوّق عليك؟!"
فقال لهم "مهلاً يا صِحاب!" ثمّ قرأ عليهم خطاب ديموستين فقاطعوه بالتصفيق مراراً وضجَّ المكان بهتافات الاستحسان. وما أن هدأت الجلبة حتى قال لهم "قرأت لكم خطاب ديموستين، فبلغ منكم الحماس كل مبلغ! فماذا تراكم فاعلون لو سمعتم الأسد نفسه (ديموستين) يلقي خطابه؟!"
هذه هي نزاهة الرجال العظام واستقامتهم واخلاصهم للحقيقة، وتواضعهم أمام فضل الخصوم. مباراة ومنافسة، أي سباق بتجرّد وروح رياضية وليس حسداً وضغينة وتنكراً لمواهب الخصم. فالحسد نقمة على صاحبه تبعاً للقول "الحسود لا يسود، ولا يموت إلا وهو مكمود". وحسدنا الغير على نعمته ومواهبه لا يعني زوالها منه وانتقالها إلينا. فأي فائدة نجني؟ ! الغم والتحرّق بل الأفضل أن نلتمس وسائل اكتسابها ونتعلّم من الغير كيفية الحصول عليها. وهذا أجدى.