ثقافة ومجتمع
15 حزيران 2016, 16:22

في مثل هذا اليوم.. مكافحةُ مجاعةٍ يُشبعها جوعُ النّاس

ماريلين صليبي
"كيف أمام مأساة كهذه لا تجرؤ الدّول أن تسمّيها "إبادة" "؟ بهذه الكلمات وصف البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي المجاعة التي اجتاحت العالم خلال الحرب الأولى؛ مجاعة تغلغلت في أجسام الكبار والصّغار لتنحتها بقساوة وتجعل منها هياكل ضعيفة وهزيلة تعكس بوضوح عظامًا آهاتُها صاخبة تستنجد الحياة والنّشاط.


المجاعة ظاهرة اجتماعيّة تسرق شرارة العيون، تسلب فرح الأجسام، تبعثر أمل الغد وتُسكت زقزقة الرّوح. هي ظاهرة قديمة، رافقت المرء منذ بداياته، مسبّبةً في تعثّر تطوّره وفي تحطيم تطلّعاته.
وكأنّ جروحات العالم لا تكفي، إذ اندسّت المجاعة في كلّ الأرجاء لتخفيَ الغذاء وتحتكر الحياة بكلّ ما فيها؛ ففي الزّوايا المخفيّة البسيطة تستريح، في الأحياء الفقيرة تتربّع، في التّجمّعات الشّعبيّة تسيطر، خلف عظمة الدّول الكبيرة تختبئ، لتساند الموتَ في مشروع الإبادة الذي يطمع تحقيقه. 
لم تكتفِ المجاعة بنتائجها المُرّة قبل 100 عام، إلّا أنّها ظلّت سنين طويلة، ولا تزال، تصبّ شرّها في بلاد نامية تعاني ندرة في الموادّ الغذائيّة. ولهذا، يحتفل العالم في 15 حزيران من كلّ سنة باليوم العالميّ لمكافحة المجاعة.
نضال العالم ضدّ المجاعة قد يبدأ بإيجاد الحلول المجدية لأسباب هذه الظّاهرة، لأنّ الفقر يغذّيها والحروب تنمّيها والكوارث الطّبيعيّة تحييها؛ وتبقى بذلك حياة الإنسان رهينة طبيعة هوجاء تقدّم لأبنائها عناصر الحياة من مأكل ومشرب وهواء، لتسرقها منهم بعدها فاتحةً الباب واسعًا أمام مجاعة شرهة تلتهم النّشاط والحيويّة من قلوب بريئة.
مكافحة المجاعة إذًا مسؤوليّة لا بل ضرورة تترتّب على أكهال الجميع، فالطّعام حقّ شرعيّ وطبيعيّ وأساسيّ لا علاقة له بالمستوى المعيشيّ أو بمستوى نموّ الدّول، لأنّ الإنسان متساوٍ مع أخيه الإنسان في الحقوق والحاجات؛ فلنبدأ إذًا باتّخاذ العطاء فضيلة سامية تزيّن تعاملنا مع الآخرين المحتاجين، علّنا نصل إلى عالم سليم وعادل.