ثقافة ومجتمع
22 تشرين الثاني 2022, 08:00

في عيد الاستقلال، نصلّي ليعود لبنان!

ريتا كرم
هو عيد الاستقلال، عيد نرفع فيه العلم اللّبنانيّ بفخر واعتزاز ونسترجع خلاله ذكرى حرّرت وطننا من الانتداب الفرنسيّ وجعلته سيّدًا حرًّا مستقلّاً.

 

هو يحلّ ولبنان الكبير تخطّى عتبة المئة. يأتي وقلوب اللّبنانيّين يعتصرها الألم بسبب أزمات تتوالى وتتراكم مع مرور الزّمن.

يحلّ العيد ولا تزال بيروت جريحة، تعيش بين ذكرى 4 آب 2020 الأليمة وبين حاضر مرير لا تزال فيه الحقائق مطموسة، والتّحقيق مكانك راوح، والتّعطيل سيّد الموقف، والمماطلات على مدّ العين والنّظر.

يحلّ وفي قلوب اللّبنانيّين جميعًا غصّة كبيرة لأنّ حياتهم تسير نحو المجهول في بلد تتلاعب في مصيره أياد فاسدة همّها الوحيد تحقيق "الأنا".

عيد يحلّ وكرسيّ رئاسة الجمهوريّة فارغ، والحكومة مستقيلة، والمؤسّسات شبه معطّلة، وشباب لبنان على أبواب السّفارات يهاجرون بحثًا عن مستقبل أفضل، حتّى أنّهم يخاطرون بحياتهم فيركبون قوارب الموت في عرض البحر لا يعلمون إن كانت شمس الغد ستشرق عليهم.  

يحلّ واللّبنانيّ يعيش كلّ يوم بيومه، كرامته مهدّدة، لقمة عيشه مهدّدة، وصحّتّه مهدّدة أيضًا، فلا تكفيه هموم الحياة اليوميّة بل أتت الكوليرا لتقف له بالمرصاد أيضًا وتزيد الطّينة بلّة، وتجعل القطاع الصّحّيّ ينزف أكثر فأكثر.

عيد حلّ وكلّ القطاعات يحكمها سيف الإفلاس، فهي أسيرة تنازعات داخليّة وسياسيّة واقتصاديّة، تهدّد الغنيّ كما الفقير، وتحفر في الهاوية عميقًا، حتّى بات نور الأفق بعيدًا بعيدًا.

عيد حلّ ولا تزال أصوات الضّمير القليلة تعلو من هنا وهناك، منادية بإنقاذ لبنان وتحييده عن كلّ الأزمات، وإنجاز الاستحقاقات اللّازمة ليتنفّس اللّبنانيّ الصّعداء، ولكن ما من يسمع!

نعم، هكذا هو عيد الاستقلال في بلادي هذا العام. عيد يأتي وسط أوجاع كثيرة تُثقل كاهل كلّ فرد وتكبّله وتقيّد مستقبله، وتهدّد لقمة عيشه وصحّته.

ولكن، هذا الشّعب الّذي صمد إبّان الحروب وتحت القصف، ونجا من الهلاك مرّات ومرّات، لن يقبل الهزيمة اليوم، ولا الاستسلام. فهو كتلك الأرزة المغروسة في وسط علمه جبّار، شامخ، قويّ وصامد بوجه كلّ العواصف.

هو كلّه إيمان بأنّ فجر الاستقلال الحقيقيّ سيبزغ قريبًا، وحتّى موعد هذا البزوغ، نصلّي ليعود الوطن!