في ذكرى غياب سعيد عقل.. "مشوار" في الذّاكرة
سطور عقل لم تَخف التهديد، كُتبت بلهيب الثّورة فدوّى صداها في حقبات الإنتداب، أغنت صفحات جرائد ومجلّات عدّة كـ "البرق" و"المعرض" و"لسان الحال" و"الصّيّاد" لتكسر سكوت القمع وتهزّ الضّمائر الرّاقدة...
بين كلمات سعيد عقل ولبنان حكاية يكتب عنها التّاريخ ولا يملّ، فولع هذا الشّاعر ببلده دفعه إلى إيجاد أبجديّة خاصّة به، أبجديّة "لبنانيّة" تُحاكي أبجديّة الفينيقيين مؤمنًا أنّ للبنان، مُصدّر الحرف، الحق في الحفاظ على أبجديّته الأصيلة..
أسّس حزب "التجدّد اللبنانيّ" المؤمن بأنّ لبنان أمّة متكاملة، فاعتُبر الأب الرّوحي لحزب "حراس الأرز"، مدافعًا بشراسة عن وطن عشقه...
وكيف لشاعر أحبّ وطنه حتّى الثّورة ألّا يتعمّق بأسرار الله الذي رسم وخطّ هذا البلد نفسه؟ هكذا سافر سعيد عقل في بحار اللّاهوت ولم يتأخّر عن إلقاء الدّروس في الديانة المسيحيّة لينقل قطرات الإيمان لأجيال تعطّشت إليها.
أمّا ثورة عقل الأجمل، فكانت ثورة الحبّ التي ألهبت القلوب بقصائد كُتبت بريشة الغرام، فبين "فتّحهن علّيي" و"يارا"، و"بحبّك ما بعرف حبّ" يذوب اللحن شوقًا إلى مشاعر بريئة تعيد للقلوب دفء حبّ اشتاقت الإرتواء منه..
وما أجمل تلك "الملاك" في قصيدة سعيد عقل، ملاك تنبض القلوب كلّما سمعت أنشودتها لتبقى هي "الحبّ الباقي إلى الأبد"...
جنون، ثورة، وحنان.. اختصار لشاعر كلّل وطنه بفخر الإبداع والفنّ، عملاق يخجل المديح أمام كلماته فيكتفي بوداع مثقل بالدّموع.. سعيد عقل يبكيك القلب في ذكرى غيابك مدندنًا "مشوار جينا عالدني مشوار"..