ثقافة ومجتمع
10 نيسان 2016, 09:44

في ذكرى رحيل جبران.. "دمعة وابتسامة"

ميريام الزيناتي
بين "دمعة وابتسامة" تتأرجح المشاعر فتتمرّد الأرواح بين تلك السّطور المكتوبة بجنون الإبداع الذي يحمل القارئ الى عالم من "البدائع والطّرائف"."العواصف" في تلك الكتابات "رواية" تأرجحك بين "رمل وزبد"، تنقلك الى "حديقة النبي" حيث يلتقي "المجنون" بذاك "النبي" فترفرف "الأجنحة المتكسّرة"... هي سطور جبران خليل جبران، سطور خطّت بكلمات تعجز عن وصفها، وأمام روعتها تتناثر الحروف.

من مدينة بشرّي الرابضة على كتف وادي القدّيسين تحت ظلال أرز الرّب، سطع نجم جبران في أرجاء العالم، فتربع على عرش الإبداع، ليصبح مثالاً يحتذي به كبار الشّعراء والأدباء؛ كتب بدم القلم فوقف الفلاسفة مندهشين أمام أبعاد فلسفته.

لم تمنع قسوة الحياة جبران الذي عانى الفقر من إضافة شيء من الرّوعة الى ذاك العالم القاتم الذي سكنه، ولم تسلبه الغربة التي عاشها محبّته لأرضه ولتراب موطن قلبه بشرّي.

عرفت كتاباته ثورة على الواقع وعلى طباع الناس، أما ثورته على واقع الأدب العربي فدفعته لتأسيس الرّابطة القلمية مع كلّ من ميخائيل نعيمة، عبد المسيح حداد، ونسيب عريضة.

جبران الذي اتخذ الغاب منزلاً دون القصور وافترش الفضاء متلحفاً النجوم تغنّى بالطبيعة فأكسبها جمالاً وزادها روعة.

 وكان للحبّ في كتاباته روايات ساحرة، ولعلّ أجمل الرّسائل التي كتبت حتّى عصرنا هذا تلك التي كتبها لماي زيادة، رسائل لم ترض القليل من الحبّ، كما لم تقبل الخوف منه؛ اعتبر أن "ﺍﻟﺤﺐ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺧﻄّﺘﻬﺎ ﻳﺪ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ"، فأكّد أن "الحبّ الذي لا يتجدد كل يوم يموت كلّ يوم".

المحبة الأسمى في حياة جبران كانت محّبته لوالدته، فالأمومة حازت على مكانة خاصة في تأملاته ولوحاته التي اختصرت فلسفة الحياة، فالأم "هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن الرجاء في اليأس والقوة في الضعف".

الكلمات لا تكفي للكلام عن فيلسوف، أضاء لبنان نجمة في سماء عالم الإبداع والأدب، ومهما تعددت السطور لن تفي ما قدّمه من روائع الفكر والفلسفة، فـ"الفكر طائر ان سُجن في قفص الكلام تعذر عليه أن يطير"...