ثقافة ومجتمع
24 تشرين الثاني 2015, 22:00

عبير الرحباني تكتب...الاستعمار الالكتروني

(نورسات الاردن - عمون) بعد ان غمرت قلوب الشعوب العربية فرحة الجلاء حين تخلصت من استعمار العثمانيين الذي استمر حوالى 400 عام، وتلاه الاستعمار الاجنبي، لم يخطر ببالنا بان هناك استعمارا سوف يأتينا في يوم من الايام بحلة جديدة وبأثواب مطرزة ومزركشة عن ذي قبل.فالاستعمارات التقليدية كالاستعمار العسكري والديني والتجاري والتي عانت منها معظم دول العالم بخاصة منطقتنا العربية تحررت بقوة السلاح والجهاد والتضحيات الكبيرة.
اما هذا الاستعمار الجديد ( الاستعمار الالكتروني) الذي نشهده اليوم لم يفكر حينما طرد من الارض وعاد الينا من الفضاء ان يحمل معه صواريخ او معدات او اي آلات للحرب، فهو لم يأت بجنود احتلال ولم يأتنا من اي ارض، بل ان هذا الاستعمار الخطير سعى للتفكير بطرق شيطانية خبيثة في كيفية الرجعة الينا. فجاء الينا من الفضاء يحمل معه اسلحة ووسائل وادوات الكترونية جديدة.
ولم يأتِ ومعه جنود احتلال بل قام بتجنيد معظم الفضائيات العربية لصالحه ولخدمة اهدافه. ولم يأت هذا النوع من الاستعمار ليغزو ارض دولة ما، بل جاء ليغزو العقول البشرية ويؤثر عليها في كل مجالات الحياة وعلى الاصعدة كافة. 
فهذا الاستعمار الالكتروني الخطير هو استعمار فضائي جاء للسيطرة على العقول والتأثير على الاتجاهات والرغبات والاعتقادات وانماط الحياة والاستهلاك من خلال العولمة والثورة التكنولوجية – الرقمية. وبما ان العولمة هي الطريق الى الاستعمار الالكتروني فقد ساعد العامل الاجتماعي للعولمة الى الغاء النسيج الاجتماعي والحضاري للشعوب بخاصة العربية، وبالتالي سعى هذا الاستعمار الى تدمير الهويات والثقافات القومية للشعوب، بالاضافة الى تعميق التناقض بين المجموعات البشرية من خلال الصراع على المصالح ما بين الشعوب والدول. 
كما لعب الاستعمار الالكتروني في تذويب وتدمير القدرات الاقتصادية وتقليص السيادة الوطنية
اضافة الى سيطرة ادواته التسويقية على صناعتنا الوطنية، ومحاولته في لعب دور الوسيط والمثقف للشعوب العربية فكيف لنا ان نتحرر الان من هذا الاستعمار الذي يشهده العالم اليوم؟ وبخاصة ما تشهده مجتمعاتنا العربية من استعمار خطير بات يسيطر على عقولنا ويحاول طمس لغتنا العربية وتدمير عاداتنا وتقاليدينا وتدمير وحذف ثقافتنا من خلال سيطرته على صغارنا وكبارنا بكل اشكاله وادواته ووسائله واهمها الاجهزة الذكية والفيسبوك بحيث اصبحنا الان نذيب انفسنا في محلول من العالمية دون ان ندرك خطورة هذا المحلول والى اين سيصل بنا هذا الذوبان الخطير.