ثقافة ومجتمع
15 كانون الثاني 2016, 14:21

ذنبه الوحيد أنّه.. عربيّ!

ضجّت مواقع التّواصل الإجتماعي، منذ أسابيع، تحديدًا موقعا فايسبوك ويوتيوب، بأشرطة فيديو تحت عنوان Arab public prank bomb، تمّ التّرويج لها بسرعة بعد أن لاقت نجاحًا كبيرًا، وتُظهر قيام بعض الشّبّان مقالب بالمارّة بهدف تسجيل ردّات فعلهم حيالها.

والمقلب يتمثّل بشابّ يلبس دشداشة بيضاء ويعتمر كفّيّة فيشبه بمظهره الخارجيّ مظهر الرّجل العربيّ البدويّ، ويحمل حقيبة سوداء يقوم برمْيها أمام المارّة مسارعًا بالهرب. فكان للمارّة، بعد رؤيتهم هذا المشهد، ردّة الفعل نفسها، فجميعهم كانوا يهرْولون بالرّكض وعلامات الخوف ظاهرة على وجوههم.

ولكن وراء هذه المشاهد المضحكة يتخبّأ كمٌّ من الأسئلة والإيضاحات التي تضع الشّاب العربيّ موضع شكّ واستغراب. فهل بات الإرهاب يتّصل اتّصالًا وثيقًا بالعرب؟ هل سنشهد في الأيّام المقبلة إضافة كلمة "إرهابيّ" على هويّة الشّابّ العربيّ إلى جانب اسمه وتاريخ مولده ودينه؟ هل ما يحصل حاليًّا في بلادنا تأكيد على عودة "الإسلاموفوبيا" أو ولادة "العرب فوبيا"؟

هذا الواقع المؤسف يدقّ ناقوس الخطر، خطر تحوُّل عالمنا العربي إلى قنبلة موقوتة ستتفجّر في أيّ لحظة لقتل الآخر، خطر تحوّل هذا العالم العربيّ إلى قرية إرهابيّة إنتحاريّة كبرى. أيُعقل إذًا أن يتحوّل العرب، في أيّامنا هذه، من شعب بنى تاريخًا عظيمًا وفتوحات كبيرة وتراثُا عريقًا، إلى شعب بدأ التّاريخ نفسه يهمّشه بل يعزله ويحيطه بالموت والقتل والدّمّ؟ أيُعقل أن يتحوّل العرب، هذا الشّعب العنيد القويّ الصّامد أبدًا في أرض واسعة وخيّرة وتحت شمس دافئة ودائمة، إلى شعب يخشاه الآخرون؟ أيُعقل أن يتحوّل العرب، هذا الشّعب الذي ينطق بلغة عربيّة واحدة سامية ورفيعة، إلى شعب يأخذ من كلمات الإرهاب والانتقام والعنف أسلحة قاتلة؟

بالأسف ننقل واقعًا مريرًا بات يُصوَّر فيه العربيّ بعدسات ناقدة ومعيّرة، فهذه الفيديوهات المنتشرة تظهر حقيقة مضحكة مبكية في آن، حقيقة اللّاحقيقة، حقيقة شعب ذنبه الوحيد، أنّه عربيّ...