ثقافة ومجتمع
20 آب 2015, 21:00

دير مار اليان مهدّم ومسيحيو القريتين إلى المجهول

(رندلى سلامة نعيّم، نورنيوز) من ديرٍ مركزٍ للحوار بين الاديان واللقاءات المسكونية إلى أنقاض دير بحجّة أنّه "يُعبد من دون الله".

هكذا حوّل تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية " داعش " دير مار اليان الناسك، وهو الدير السرياني القديم الذي يعود إلى القرن الخامس للميلاد، وقد عاش فيه الرهبان حياة نسك وتعبد، حتى نهايات القرن السابع عشر، وشهد خلال العقدين الماضيين نهضة عمرانية وروحية، بعد أن فتحت جماعة مار موسـى الحبشي الرهبانية، وقد أسسها الراهب اليسوعي المختطف باولو داليليو، أبوابَ الدير للزوار والمصلين، بإشراف أبرشية حمص وحماة والنبك للسريان الكاثوليك التي تعود إليها ملكية الدير.
أمّا اليوم فصعق السريان بعد مشاهدتهم الصور التي نشرها التنظيم بعد سيطرته على المدينة في الخامس من شهر آب الجاري. وتُظهر الصورُ المذللة بحُجة الهدم "يُعبد من دون اللهعناصرَ داعش وهم يستعينون بجرافات سوّت بنيان الدير بالأرض.
ناشطون حقوقيون أبدَوا استياءهم من طمس الآثار والحضارات وعلّقوا على الحادثة بالقول: إن "دير مار إليان كان موجودا في زمن الصحابة والتابعين، ولم يقم أحد منهم بهدمه". فيما ردّ أنصار التنظيم بأن هدم "دير مار أليان" هو واجب شرعي "لا ينتظر التفكر في مضاره ومفاسده".
ولكن الأخطر من هدم هذه الحجارة ولو كانت أثرية، هو مصير مئتين وستة وسبعين مسيحيا من السريان الكاثوليك والارثوذكس الذين احتجزهم داعش مطلع الشهر الحالي في القريتين، هذا فضلا عن المصير المشابه لرئيس الدير الأب يعقوب مراد ورفيقه بطرس منذ اختطافهما من الدير في 27 أيار الماضي. والذي يثير المخاوف أكثر هو الحديث عن ترحيل المسيحيين أو نقلهم إلى الرقة أو حتى مقايضتهم بمعتقلين أو مسجونين في سوريا ولبنان، في حين يتكلّم البعض عن أنّ داعش سيعمد إلى تخيير المسيحيين بين "اعتناق الإسلام أو دفع الجزية ، ولكن هذه المعلومات تبقى متضاربة وغير دقيقة بحسب ما أوضح المدبّر البطريركي للسريان الكاثوليك الخورأسقف فيليب بركات لتيلي لوميار ونورسات.
هذا الدير الذي يحوي رفات القديس إليان الحمصي، القديس المسيحي الذي قتل خلال الاضطهادات الرومانية في القرن الثالث، يحوي أيضا مخطوطات أثرية. ووفقا لمواقع سورية تاريخية، فإنه في بداية القرن العشرين سكن دير مار إليان مسلمون ومسيحيون، إلى أن تهدمت بيوتهم في ثلاثينيات القرن الماضي.
فلماذا يصمت العالم أمام إبادة ثقافة اللقاء وحوار الأديان إلى جانب إبادة مسيحيي سوريا؟