ثقافة ومجتمع
20 شباط 2017, 14:00

خاصّ- متسوّلون هم.. ولكن

تمارا شقير
قست عليهم الحياة وحكمتهم الظّروف الصّعبة، فحرموا من العيش بكرامة وواجهوا أكبر المشاكل.. استسلموا لمصيرهم وتخلّوا عن العلم لتأمين لقمة العيش، إلا أنّ حياتهم مليئة بالحزن والمأساة.. كبار وصغار نصادفهم يوميًّا على الطّرقات، يتسوّلون في الشّوارع أو يبيعون العلكة والورود تحت أشّعة الشّمس بهدف جنيّ المال.. وبعد يومهم الطّويل يعود بعضهم إلى منزله ويمضي البعض الآخر ليلته باحثًا عن سقف يأويه.

 

كم هي جافّة هذه الحياة وأليمة بحقّ هؤلاء.. كم هي مأساويّة ومجحفة.. فهل يستحقّ كبّار السّن، بعد عمر طويل وشاقّ، أن يكافأوا بهذه الطّريقة؟ هل يستحقّون هذا الإذلال؟ وهل يستحقّ الأطفال أن يحرموا من حقّهم بالعلم والدّراسة؟ لمَ عليهم العيش مع أناس ظالمين يعاملونهم من دون رحمة وإنسانيّة؟

يصادف اليوم 20 شباط/ فبراير اليوم العالميّ للعدالة الاجتماعيّة، ولهذه المناسبة جال موقع "نورنيوز" على عدد من المواطنين للاطّلاع على آرائهم حول موضوع التّسوّل والعمل في الشّوارع فتفاوتت الآراء بين متعاطف ورافض.

"بشوف فيون ولادي، إحساسي بالأمومة بيخليني ساعدن"، هذا ما قالته ب. ر. مشيرة إلى أنّها لا تتعاطف مع المتسوّلين الرّاشدين، فبنظرها ما من عائق يمنعهم من العمل و"الشّغل مش عيب!".

بدوره إ. ر. وصف الجميع بـ"ضحيّة المجتمع والحياة القاسيّة" لافتًا إلى أنّه يُساعد الأطفال والأشخاص الّذين يعانون من إعاقة جسديّة تمنعهم من التّنقل بسهولة للعمل. ويُخبر موقعنا عن طفل يحمل الجنسيّة السّوريّة كان يتردد إلى مكان عمله: "حسّيت بحنيّة وعاطفة تجاهو لأنو كان من عمر ابني، وكنت جرّب قد ما فيّي ساعدو وما خلّي يشتغل بالشّمس ويبرم عالطّرقات".

لا شكّ في أنّ الجميع يتفهّمون الحالة الاجتماعيّة الّتي فُرضت على هؤلاء الأشخاص إلا أنّ الكثيرين يرفضون الأمر ولا يجدون مبّررًا للموضوع، فـ ي. ي. مثلاً يقول إنّه "على المنظّمات غير الحكوميّة العمل على إيواء المشرّدين ومساعدة المتسوّلين" مضيفًا أنّ غالبيتهم يدّعون الفقر ولكنّهم يمتلكون أموالًا طائلة ومنازل فخمة.

من جهتها تعي ث. ح. أنّ الحياة ظلمت هؤلاء، غير أنّ ذلك لا يُبرّر استسلامهم وقبولهم بالأمر الواقع فإن أرادوا عيش نمط حياة مختلف يتوجب عليهم المحاربة والمثابرة وإثبات أنفسهم بالعمل معتبرة أنّ "التّسوّل ضعف شخصيّة واستسلام وما بيتطلّب مجهود، ويلي عندو كرامة وإرادة ما بيستسلم  والدليل إنو مجتمعنا اليوم عم يشهد على عمل ذوي الإحتياجات الخاصّة على الرّغم من مشاكلن الصّحيّة".

كبارٌ شرّدهم الفقر من أبسط حقوقهم وصغارٌ سلبتهم الشّوارع براءتهم.. يمضون يومهم على الطّرقات ويخضعون بغالبيتهم إلى أوامر من يديرهم، فيُهدّدهم بالضّرب والقتل إن لم يؤمّنوا المبلغ الماليّ المطلوب، فإلى متى ستبقى هذه الظاهرة متفشيّة في مجتمعنا، وهل ستتحنن الدّولة على الفقراء وتساعدهم واضعةً حدًّا لهذا الإجحاف؟