خاصّ- الجريدة.. نحو الإنقراض
تأسست أوّل جريدة لبنانيّة عام 1858 وتلاها تأسيس جرائد عديدة تكللت غالبيتها بنجاح كبير وعاشت مجدًا عظيمًا. الا أنّه في القرن الواحد والعشرين تشهد الجرائد أزمات عديدة أبرزها تدنّي نسبة قرّائها. إذ يؤكد بائع الجرائد في منطقة الحمرا أنّ نسبة شراء الجرائد انخفضت حوالي الـ90 بالمئة معتبرًا أنّ التكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعي هي المسؤولة عن هذه الأزمة.
ولمعرفة الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة، كان لموقعنا حديث خاص مع مدير تحرير جريدة الحياة أنطوان الحاج.
يقول الحاج إنّ لظاهرة تدنّي نسبة القرّاء أربعة أسباب: "السبب الأوّل هو التكنولوجيا ومواقع التواصل الإجتماعي التي توصّل الخبر بسرعة أكبر من خلال خدمة الخبر العاجل فإذا وصل خبرُ تفجيريّ تركيا عبر التطبيقات الإلكترونيّة، وتابع المواطن جميع المستجدات عبرها، فما نفع قراءة الجريدة في اليوم التالي؟"
أما السبب الثاني فهو استقرار الجرائد، اذ يعتبر الحاج أنّ "نقل الخبر كما هو غير كاف، بل يجب الذهاب الى ما وراء الخبر والقيام بتحاليل وتقارير وتحقيقات لجذب القرّاء من جديد".
توفّر الجرائد على الإنترنت مجانيًا هو السّبب الثالث، إذ لفت الحاج الى أنّه "منذ حوالي الـ10 سنوات كانت الجرائد كلّها تُنشر في الأسواق ويُباع حوالي الـ200 ألف عدد منها، بينما في السنوات الأخيرة نسبة المبيع انخفضت إلى 40 ألف عدد."
ويشير الحاج الى أنّ السبب الأخير لتدنّي نسبة القرّاء هو "غياب عادة القراءة والمطالعة عند الجيل الجديد واحتلال أمور أخرى قائمة اهتماماتهم"، مؤكّدًا أنّ القرّاء الحاليين هم الكبار في السّن.
من هنا، اطّلع موقع "نورنيوز" على آراء عدد من الطلاب الجامعيين، فجنى مراد المؤمنة أنّ للجريدة الورقية قيمة خاصّة، تؤكد أنّها تحبّ قراءتها لمتابعة الأوضاع في لبنان والعالم رغم إدراكها أنّ لمواقع التواصل الإجتماعي قدرة على ايصال الخبر بسرعة أكبر.
أما ريتا معاصري فتعتبر أنّ الجرائد لا تعمل على نقل الأخبار السّياسية وحسب، بل تعالج مواضيع مختلفة اجتماعية، فنية، رياضية وغيرها.
وداني نادر، طالبة صحافة واعلام، تهوى قراءة الجريدة معتبرة أنّها من خلالها تستذكر تاريخ الصحافة اللبنانيّة العظيم وهي تنتظر أسبوعيًا مقالات رأي بعض الصحافيين المشهورين.
أما دنيا ناشف فتتصفح الجرائد يوميًا، إلا أنّ صفحة الإعلانات تحتل قائمة تطلّعاتها.
صحيحٌ أنّ جيل الشباب لا يغيب عن قائمة قرّاء الجريدة الا أنّ هذا الأمر لا يكفي لإعادة الصحافة المكتوبة لمجدها السابق، فيؤكد أنطوان الحاج أنّ لتحقيق عظمة الجريدة التاريخيّة "لا بُد من تحسين وضعها من خلال جهود كبيرة من الدولة ومن أهل المهنة"، معتبرًا أنّه "ينبغي القيام بحملات توعية حول أهميّة القراءة وتقديم نوعيّة جيّدة ".
تغيب الجرائد عن الأضواء شيئًا فشيء.. وقد يكون قرار جريدة السفير بإلغاء صفحة البيئة خير دليل على ذلك. وفي ظل هذه الظاهرة، يُطرح السؤال التالي: هل ستُلغى صفحات الجريدة الواحدة خلف الأخرى لنتكلّم يومًا ما عن انقراض الجريدة؟