ثقافة ومجتمع
27 أيلول 2015, 21:00

تفاصيل الكارثة الصحية التي تهدد حياة اللبنانيين في الخريف

(النهار - بيروت) الماء إحدى مكوّنات الحياة الأساسية والتي لا حياة من دونها، تتحوّل اليوم إلى تهديد لصحّة الإنسان في لبنان. ويضافُ إنتهاك آخر لحقوق الإنسان في لبنان، بالحصول على مياه آمنة، إلى سلسلة الإنتهاكات السابقة وأهمّها التخاذل في حلّ موضوع ملفّ النفايات وما خلّفه ذلك من جريمةٍ بيئيةٍ وإنسانيةٍ شنعاء، من خلال عواقب تكدّس النفايات وإغراق البلد بها وما يصحبها من أمراض جرثومية؛ وحرقها وما يرافق ذلك من تلوّث للهواء والتربة والمياه يؤدّي إلى أمراض آنيةٍ، وأمراضٍ على المدى البعيد وأهمّها السرطانية.واليوم تتفاقم الأزمة أكثر فأكثر إذ إنّ الحلول المطروحة لا تزال مجرّد حبرٍ على ورق وصحّة اللبنانيين في دائرة الخطر.ومع حلول فصل الخريف وهطول الأمطار يزداد التلوّث نتيجةً لعدّة لعدّة عوامل منها :

-سدّ المجاري بسبب النفايات وخلق مستنقعاتٍ، وهي البيئة الحاضنة للقوارض والحشرات ممّا يهدّد بحدوث أمراضٍ جرثومية عديدة وأوبئة كالكوليرا والطاعون.

- جرف الرماد الذي يحمل مواداً سامةً ومعادن ثقيلة واختلاطه بالمياه.

- اختلاط النفايات وما تحويه من موادٍ عضويةٍ وغير عضويةٍ، ومواد كيميائيةٍ الخ...، بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالمياه.

- إمتصاص التربة المواد السامّة والمعادن الثقيلة التي استقرّت على النبات والتربة بعد أن حملها الرماد المتطاير الناتج عن حرق النفايات، ودخولها في سلسلتنا الغذائية.

- تلوّث المياه الجوفية بسبب المكبّات العشوائية التي استُحدِثَت دون أيّة دراسات جيولوجية أو بيئية.

وتؤدي كلّ هذه العوامل إلى تلوّث التربة والحيوانات والأسماك، والتلوّث البيولوجي للماء والذي يُعرّف عنه بوجود كائنات حيّة مرئية أو غير مرئية بالعين المجرّدة في البيئة المائية العذبة أو المالحة، السطحية أو الجوفية، وتَنتُجُ الملوّثات من الكائنات الممرضة في الغالب عن إختلاط فضلات الإنسان والحيوان بالماء بطريقةٍ مباشرةٍ أو اختلاطها بماء الصرف الصحي أو الزراعي.

وماذا عن تأثير كلّ ذلك على صحّة المواطن؟

إنَّ المياه الملوّثة تحمل بالإضافة إلى المواد السامّة والكيميائية والمعادن الثقيلة، الفيروسات، الباكتيريا، الطفيليات والفطريّات، واستعمالها للشرب أو الإغتسال أو غسل الخضار والفاكهة يؤدّي إلى أمراض تُعرف بالأمراض التي تنقلها المياه "Waterborne Diseases" كأمراض الـ :

Typhoid, Shigellosis, Amebiasis, Giardiasis, Cholera...

- التهاب الكبد الفيروسي Hepatitis A))، الإلتهاب الرئوي الحاد) (SARS وغيرها... والتي تودّي بغالبيتها إلى عوارض في الجهاز الهضمي من إسهالٍ وتقيّوء، كذلك لا يجب أن ننسى التسمّم من المعادن الثقيلة كالرصاص والزرنيخ والكدميوم الخ... وما تسبّبه من عوارض مرضيّة وأذىً للعديد من أعضائنا الحيوية.

إنّ المياه الملوّثة تؤدّي إلى أمراض مختلفة بحسب ما تحمله من جراثيم أو مواد أخرى وتتصف الحالات بالخفة أو الشدّة نسبةً لنوع الإصابة والشخص المصاب.

والحلّ ؟ هل هناك من سبلٍ للوقاية، من بصيص نورٍ أم تُرانا نغرقُ في مستنقعات مخلّفات وباء الفساد الذي تفشّى في مؤسسات دولتنا؟
وما تُراني أجيب بغير مقولة: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".

الحلُّ يقوم على بناء خطة كاملة تبدأ من رأس الهرم :

- البدء بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب لبناء وزاراتٍ كفوءةٍ، قادرة على مواجهة وإدارة ومعالجة الأزمات والعمل الدؤوب على بناء البنى التحتية التي هي دلالة على التطوّر الإجتماعي، ومن أكثر كفاءة من أصحاب الإختصاص في كلّ وأيّ مجال؟

- العمل بصورة طارئة على إزالة النفايات الموجودة على ضفاف الانهر، في الطرق وفي مكبّات عشوائية ووضعها في مطامر صحيّة مدروسة لاحتواء الأزمة.

- وقف جريمة حرٌق النفايات التي تلوّث الهواء والمياه والتربة بفعل انبعاث المواد السامة والمعادن الثقيلة.

- البدء الفوريّ بحملة تثقيف واسعة حول عملية الفرز من المصدر وفوائد إعادة التدوير، بمشاركة البلديّات ووسائل الإعلام.

- العمل على تحويل المواد العضويّة إلى سمادٍ.

- العمل على معالجة نفايات المستشفيات الخطيرة في المراكز المختصّة.

- تضامن الوزارات المعنية كافة لوضع خطّة طوارئ ولجان فعّالة لا تنام.

- إجراء فحوصات دقيقة ومفصّلة للمياه وتوفير المياه المأمونة والمعالجة.

- عدم إستخدام المياه الملوّثة في الشرب أو الإغتسال إلاّ بعد تعريضها للمعالجة بطرق مختلفة ومنها مواد التطهير (الكلور، الأوزون، الأشعة فوق البنفسجيّة والترشيح بالمرشحات الميكانيكية وغيرها).

- تأمين نظافة الاغذية وجودتها.

- إتباع الممارسات السليمة في تحضير الأطعمة وحفظها.

- إتباع الممارسات السلوكية الصحّية الأساسية، من خلال غسل اليدين بالصابون على نحو منتظم بعد الإبراز، وقبل مسك الاطعمة أو تناولها.

- إشراك وسائل الإعلام في نشر رسائل التثقيف الصحي.

- مشاركة القيادات الإجتماعية والدينية في حملات التعبئة الإجتماعية.

- تعزيز الترصد والإنذار المبكر للكشف عن الحالات الوبائيّة الأولى في حال حدوثها، وإتخاذ تدابير المكافحة اللازمة.

- مكافحة الحشرات والقوارض.

- تفعيل دور وزارة الصّحة لتأمين اللقاحات وإجراء حملات تلقيح لأوبئة محتملة إذا دعت الحاجة، والتحضّر لإتخاذ تدابير التدخّل الملائمة.

- عدم إستخفاف المصاب ومراجعة طبيبه المعالج فور معاناته من أية أعراض مرضية.

إنَّ أزمة تكدّس النفايات والتلكؤ في معالجتها قد ولّدت أزمات وها نحن ندور في حلقةٍ مفرغةٍ أدخلتنا فيها الفوضى وغياب التخطيط والبنى التحتية، وسياسة المصلحة الخاصة، فتمَّ إنتهاك هواءنا ومياهنا وتربتنا وبالتالي صحتنا وماذا بقي بعد ؟