بكبسة زرّ.. تبعد الشّيخوخة أبدًا!
لكن، في عصر التّكنولوجيا هذا، عصر التّطوّر والحداثة، ضاعت المصداقيّة وسقطت أهمّيّتها وتلاشت ضرورة الحفاظ عليها، وسط هيمنة شرسة للتّقنيّات الحديثة.
فباتت الحقائق مزيّفة والصّور شبه وهميّة، والأمثلة المُطابقة على ذلك هي التّغييرات التي تَطرَأ في صور المشاهير والفنّانين، فمعظم ملامحهم تتبدّل لتَظهر بطريقة مغايرة تمامًا عن الواقع. فبواسطة بعض البرامج، يلجأ المشاهير إلى تنحيف وجوههم، وتعديل أجسامهم، وتلوين عيونهم، وإخفاء التّجاعيد وغيرها من التّعديلات الجماليّة التي يطلّ من خلالها الفنّان على جمهوره بأجمل حلّة وأمثل مظهر، وكأنّه لا يشيخ أبدًا.
الرّشاقة والمثاليّة إذًا والخوف من التّقدّم في العمر والظّهور بالطّلة الأجمل، هاجسُ كلّ شخص، ولأنّ السّنين عاجزة عن الرّكود والأيّام سريعة في المرور تسرق الشّباب وتغيّر الملامح وتشوّه الأجسام، وُجدت التّكنولوجيا لمحاربة الزّمن، وحلّ المشاكل هذه كلّها، ليبقى المرء، ولو في عالم الخيال والأوهام، رشيق البدن، نقيّ الوجه وجميل المظهر؛ ويبقى محطّ أنظار الجميع، يختبئ من المرآة الفاضحة وراء شاشة كاذبة مخادعة، يحقّق عبرها أهدافه وأحلامه.
في عصر إلكترونيّ مُبرمَج، المشاعر فيه باردة كاذبة والمظهر الخارجيّ مزيّف مركّب تركيبًا بعيدًا كلّ البعد عن الواقع، يبقى الصّدق أفضل صورة يرسمها المرء لنفسه، ليترسّخ بدل الوجه المشدود وجهٌ ودود، وبدل الجسم النّحيف جسمٌ عفيف، فتكون الرّوح صادقة شفّافة دائمًا أبدًا...