ثقافة ومجتمع
21 كانون الثاني 2016, 14:27

بالنّسبة لإبداع زياد الرّحباني شو؟

بالنّسبة لبكرا شو؟، ?Vous voulez de la neige، ع بيت مين اللّيلة؟ وغيرها... أسئلة طريفة حفظها اللّبنانيّون، ومنذ زمن طويل يردّدونها في أحاديثهم. هذه التّعابير وسواها، التي كنّا نسمعها بآذان مصغية مدّة 35 عامًا في مسرحيّة "بالنّسبة لبكرا شو؟" للمبدع زياد الرّحباني، باتت اليوم تُضاف إلى مشهديّة كاملة بإستطاعتنا رؤيتها والتّفاعل معها بإجتماع الحواسّ كلّها.

تصوير مسرحيّة "بالنّسبة لبكرا شو؟" وعرضه في دور السّينما، حلمٌ يتحقّق بالنّسبة إلى عشّاق فنّ زياد الرّحباني وحنكته وذكائه في إيصال الأفكار المضحكة في قالب ظريف وممتع محبوكًا بقصّة واقعيّة مؤثّرة لا تزال تجسّد الحالة التي نعيشها اليوم.

لذلك، فإنّ رداءة الصّورة وعدم وضوح الشّريط المصوّر، لم يمنعا مَن إعتاد على سماع مسرحيّة زياد الرّحباني، بأن يشاهدها بعينين شغوفتين ويتفاعل مع أحداثها بقلب متشوّق.

فببساطةِ الكلام، ورقّة التّمثيل ووضوح المعاني، تمكّن زياد الرّحباني مع طاقم محترف شاركه في التّمثيل كنبيلة زيتوني، جوزيف صقر، بطرس فرح، رفيق نجم، فايق حميصي، سامي حواط وغازاروس الطونيان، أن يخطف أنفاس المشاهدين ويحملهم مدّة ساعتين وربع إلى "ساندي سناك" حيث تدور أحداث المسرحيّة.

وقصّة "بالنّسبة لبكرا شو؟" الممزوجة بأغانٍ رائعة كـ"اسمع يا رضا" و"ع هدير البوسطة" و"عايشي وحدها بلاك"، تعكس حال كلّ لبناني يعاني الفقر والضّيق في بلد "لا موادّ أوّليّة فيه، ولا زراعة، ولا صناعة". ولأنّ "الفقر بيفزّع" اضطرّ زكريّا (زياد الرّحباني) إلى التخلّي عن كرامته وشرف إمرأته ثريا (نبيلة زيتوني) ليتمكّن من إعالة عائلته وأولاده بعدما حاول عبثًا مع عدنان (غازاروس الطونيان) صاحب البار الذي يعمل فيه ومديره أنطوان (بطرس فرح) ليزيد معاشه.

هذه المسرحيّة تُظهر إذًا أنّ التّاريخ يعيد نفسه، لا بل في لبنان، التّاريخ هذا لا يغيب أبدًا ويستمرّ دون تغيير، ويبقى هو هو، الفقر نفسه والحاجة نفسها والتّضحيات كذلك.

"إسمع يا رضا، كلّ شي عم يغلا ويزيد، مبارح كنّا ع الحديدة هلق صرنا ع الحديد"، هكذا تُلخَّص دوافع تصرّفات أبطال المسرحيّة، وهكذا أيضًا يمكن إيجاز الوضع اللّبنانيّ المأساويّ. فصدق زياد الرّحباني بعرض مسرحيّة "بالنّسبة لبكرا شو؟" في الوقت هذا تحديدًا، صدق بكلامه أيضًا، بمزاحه ونكاته، وسخريته البنّاءة، لأنّ اللّبنانيّ العاجز عن إستحمال الأحوال التّعيسة التي يعيشها، عليه بأخذ من الضّحك سبيلًا ليتقدّم في بلد أحواله مضحكة مبكية، وليتمكّن يومًا ما أن يعرف "بالنّسبة لبكرا شو؟"...