ثقافة ومجتمع
23 شباط 2016, 15:39

الكذب.. قناع الوهم والنّكران

قد يكون الكذب من أسوأ الصّفات التي تسيطر على شخصيّة بعض الأشخاص. يهيمن الكذب على أفكارهم وكلامهم وتصرّفاتهم، ليزيّفهم تزييفًا كاملًا. وبالرّغم من أنّ "حبل الكذب قصير"، أي إنّه سرعان ما ينسى الكاذب كذباته ليفضح نفسه بنفسه لاحقًا، إلّا أنّ الكذب يجرّ الكذب، فمن كذب مرّة، أعاد الأمر مرّات عدّة واعتاد على اعتماده سبيلًا أوحد للتّعاطي مع الآخر.

والكذب دوّامة لا متناهية يتيه المرء بدهاليزها المظلمة وطرقها الملتوية. هو قناع التّحايل، وثوب الغشّ؛ هو عينان تريان الأمور من منظار مخالف تمامًا للواقع؛ هو لسان ينطق بكلام غير مطابق للحقيقة؛ هو يدان تخفيان الأدلّة بقفّازات خبيثة؛ وهو خطوات شبه خفيّة تمسح خلفها آثارها الموحلة.

الكذب بطلان كامل للحقّ، هو عدوّ الثّقة اللّدود، هو اللّيل المظلم الذي يخجل القمر من الظّهور في أديمه، والسّماء الملبّدة بالغيوم التي تبخل الشّمس من بسط أشعّتها في فضائها.

الكذب سكّين يطعن الصّدق في صميمه، يتلطّخ بدماء حارّة، يصبغ فيها العلاقة مع الآخر محوّلًا إيّاها إلى كتاب صفحاته صفراء يسرد قصّة خياليّة لا تتّصل بالواقع بأيّة صلة.

يقول أرسطو: "الموت مع الصّدق خير من الحياة مع الكذب"، فالكاذب يعيش طوال عمره حياةً لا تشبه حياته، يتقمّص شخصيّة وهميّة، تقوم بأحداث وهميّة، تتكلّم كلامًا منصوصًا من قبل، فيموت ألف مرّة، ولا يعيش مرّة واحدة...