لبنان
17 آب 2021, 05:00

الرّاعي: مخطىء من يعتبر أنّ وجود حكومة هو كعدمه

تيلي لوميار/ نورسات
إعتبر البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي أنّ من واجب بكركي أن تقول الحقيقة الوطنيّة وهي لا تدين بالولاء لأحد واصفًا من يرفض السّيادة وسلطة الجيش بأنّه ضدّ طبيعة لبنان.

كلام الرّاعي جاء خلال استقباله بعد ظهر يوم السّبت 14 آب/ أغسطس 2021 في الدّيمان، وفدًا من قضاء البترون يتقدّمه الوزير والنّائب السّابق بطرس حرب وقد جاء لدعم مواقف البطريرك الوطنيّة وللتّنديد بالحملة الأخيرة الّتي طالته.
في بداية اللّقاء ألقى الشيخ بطرس حرب كلمة بإسم الوفد قال فيها: "إعتبرنا أنّه من واجبنا أن نزور البطريركيّة المارونيّة، هذا الصّرح الوطنيّ الحريص على مصلحة كلّ اللّبنانيّين، لنؤيّد مواقف غبطتكم، ولنقول إنّه مهما اشتدّت الصّعاب علينا، ومهما اضطهدنا وحرمنا ومهما تمّ اذلالنا، سيبقى رأسنا مرفوعًا. نحن أبناء كنيسة الرّجاء، ومهما اشتدّت علينا الأيّام سنكون أشدّ وأقوى منها." وأضاف: "جئنا لنقول لغبطتك إنّ لبكركي فضل كبير على لبنان وعلى كلّ اللّبنانيّين وكلامكم الذي يمثّل ضمير لبنان، يعبّر عن رأينا ولذلك نحن نشدّ على يدك، وكلّنا إلى جانبك ومعك وأنت لست لوحدك وما يصيبك يصيبنا جميعًا، وحملات التّجنّي الّتي وبكلّ أسف طالت موقعك وشخصك، طالتنا جميعًا، ونحن لا نقبل بأيّ شكل من الأشكال أن يطال الرّعاع والصّغار المقام الكبير الذي تمثله بشخصك. إنّ لبنان بني على الأخلاق والمحبّة والتّسامح والعيش المشترك، وعندما يبدأ الاعتداء على المقامات الرّوحيّة والأخلاقيّة تكون نهاية لبنان قد بدأت. لذلك نؤكّد أنّه لا يمكن أن نقبل أن تمسّ البطريركيّة لأنّها تعبّر عن رأي كلّ اللّبنانيّين المخلصين مسلمين ومسيحيّين، ولا يحقّ للمأجورين، ولو أنّه يحقّ لهم التّعبير عن رأيهم، أن يتطاولوا على بكركي وعلى البطريرك الذي يدافع عن لبنان."
من جهته ردّ البطريرك الرّاعي بكلمة ترحيب وشكر أكّد فيها "الاستمرار في المسيرة الوطنيّة التي اعتادت عليها البطريركيّة المارونيّة والتي سلكها البطاركة الموارنة من جيل إلى جيل وهي قائمة على قول الحقيقة الوطنيّة معتبرًا أنّه إذا توقّفت بكركي عن هذه الرّسالة تكون قد انكرت ذاتها وتنكّرت لواجبها. إنّ بكركي تتكلّم بإسم كلّ المخلصين للبنان وأنتم منهم، ونحن نتكلّم بلغّة واحدة لأنّنا درسنا في كتاب واحد هو كتاب الولاء للبنان وكتاب المواطنة اللّبنانيّة الصّادقة والمخلصة. فبكركي لا تدين بالولاء لأحد وليست مأجورة لأحد ولا حسابات أو مساومات لديها مع أحد، وأهميّة دور البطريركيّة هي في قول الحقيقة، فالحقيقة تجمع وتحرّر ولو أنّها تجرح أحيانًا، كما حصل في المرّة الأخيرة "وقامت القيامة". وأنا أشبّه الحقيقة بمبضع الطّبيب الجرّاح الذي يجرح ليشفي من العلّة والمرض. فإذا لم نقل الحقيقة نموت بمرضنا، والحقيقة تساعد الجميع وأوّل من تساعدهم هم من تجرحهم، وحتمًا سيدركون عاجلاً أم آجلاً أنّ قولها كان لمصلحتهم ولخيرهم أوّلاً. فنحن نتكلّم عن سيادة لبنان، فهل ترفضون سيادة لبنان؟ نحن نتكلّم عن كرامة الجيش اللّبنانيّ الذي ترتبط بكرامته كرامة الشّعب اللّبنانيّ كلّه وقد طالبنا ببسط سلطته على كامل الأراضي اللّبنانيّة، فهل ترفضون ذلك؟ نحن نتكلّم عن انفتاح لبنان على كلّ الدّول وعن حياده عن الصّراعات وعدم انحيازه لأيّ دولة. فإذا كنتم ترفضون كلّ ذلك فهذا يعني أنّكم ضدّ طبيعة لبنان، ولطالما كانت طبيعته وهويّته "الحياد" وقد عاشه ما بين سنة 1920 و1975 وعرف الازدهار والاستقرار والخير، وقد ساهم في ذلك نظام لبنان والتّعدديّة فيه وفصل الدّين عن الدّولة وعلاقات الصّداقة مع كلّ الدّول."
وأضاف الرّاعي: "يجب أن نعرف أين تكمن مصلحة وطننا وقد ظهر جليًّا أنّنا تراجعنا وبدأنا بالسّقوط يوم ابتعدنا عن سياسة الحياد، ولذلك نحن نطالب اليوم ولخير كلّ اللّبنانيّين بدون استثناء وقد طالتهم المصائب بدون استثناء أن نعود إلى سياسة الحياد وعدم الانحياز. فالكلّ يخسر اليوم والأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة تطال الجميع والهجرة سيّدة الموقف...
من واجبنا قول الحقيقة إذا اردنا أن نكون مواطنين مخلصين للبنان فعلاً، أمّا إذا كنت يا أخي لا تريد أن تكون مواطنًا لبنانيًّا وولاؤك ليس للبنان، فكيف نتفاهم؟ إن ردّة الفعل السّلبيّة على طروحات وطنيّة، تسترعي الانتباه وتثير الاستغراب وتعني لا سمح الله أنّ النّوايا الوطنيّة مختلفة وأنّنا بتنا لا نتكلّم لغة وطنيّة واحدة وأنّنا على خلاف عميق. فيا أخوة تعالوا نتصارح وتعالوا لنبني الوطن المشترك الذي منه كرامتنا جميعًا والذي لا بديل لنا عنه. إنّ لبنان الكبير كان ثمرة صمودنا ولو أنّ الظّروف الحاليّة قاسية جدًّا فأنّ علينا الصّمود مجدّدًا وذلك يكون بالصّبر والتّكاتف والتّعاون والتّضامن كي تعبر الغيمة السّوداء ولا بدّ أن تعبر فأمثولة الأرز كما ذكّرنا قداسة البابا تعلّمنا أنّ الجذور هي ضمانة الشّموخ والأرز يقوى في العواصف والثّلوج، وبعد ستار اللّيل سيأتي الفجر."
وإختتم البطريرك الرّاعي: "نأمل أن تبصر الحكومة الجديدة النّور قريبًا، والأجواء تدعو إلى التّفاؤل بذلك، ومخطىء من يقول إنّ لا فرق بين وجود حكومة وعدمه لأنّ الحكومة تبقى هي السّلطة الإجرائيّة في البلاد وبيدها سلطة القرار وعليها واجبات كثيرة تجاه المواطنين الذين يرزحون اليوم تحت عبء الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة. فأملنا بحكومة قادرة تباشر بالإصلاحات فورًا وتواجه المسؤوليّات المطلوبة للانطلاق مجدّدًا بورشة إعادة بناء لبنان. فمع الأسف لقد انهارت الأوضاع كثيرًا ولكن ليس علينا سوى إعادة النّهوض فلسنا البلد الوحيد الذي مرّ بصعوبات كهذه يكفي أن نفكّر بأنّ لبنان كان زينة البلاد العربيّة كلّها ومن واجبنا وباستطاعتنا أن نعيده كذلك."