الفاتيكان
30 آب 2016, 07:47

البابا فرنسيس: يغادر كثيرون كرسي الاعتراف خائبين، ليس لأن الكاهن سيء وإنما لأن الكاهن غير قادر على تمييز الأوضاع ومرافقتهم في تمييز حقيقي…ليست لديه التنشئة المطلوبة

نشرت الصحيفة اليسوعية الإيطالية La Civiltà Cattolica نص حديث البابا فرنسيس مع 28 يسوعياً بولندياً التقوا به في كراكوف عصر 30 يوليو الفائت.

التمييز هو كلمة أساسية في أقسام الإرشاد الرسولي “فرح المحبة” التي تتحدث عن الترحيب بالعائلات الجريحة و”غير النظامية” وإرشادها. هذا التمييز بالضبط هو الذي “يحتاج إليه الكهنة فعلاً” في هذه الفترة، وخلال إعدادهم أيضاً. هذا ما قاله البابا فرنسيس في حديث له مع مجموعة من 28 يسوعياً بولندياً في كراكوف عصر 30 يوليو. هذا الحديث الذي دام حوالي 40 دقيقة لخصه أنطونيو سبادارو، مدير الصحيفة اليسوعية الإيطالية La Civiltà Cattolica ونُشر في العدد الأخير من الصحيفة.
قال البابا لمجموعة اليسوعيين: “أطلب منكم العمل مع الإكليريكيين. بدايةً، أعطوهم ما نلتموه من التمارين: حكمة التمييز. فالكنيسة بحاجة اليوم إلى النمو في القدرة على التمييز الروحي. هناك بعض برامج التنشئة الكهنوتية التي تخاطر بالتعليم في ضوء أفكار واضحة وبارزة مفرطة، وبالتالي بالعمل ضمن حدود ومعايير مُعرّفة نظرياً بغض النظر عن الظروف الملموسة: “يجب أن تفعل هذا، ويجب ألا تفعل ذلك”. من ثم، عندما يصبح الإكليريكيون كهنة، يجدون صعوبة لدى تقديم الإرشاد للعديد من الشباب والراشدين. فكثيرون يسألون: “هل بإمكانك فعل هذا أم لا؟”. هذا فقط. ويغادر كثيرون كرسي الاعتراف خائبين، ليس لأن الكاهن سيئ، وإنما لأن الكاهن غير قادر على تمييز الأوضاع ومرافقتهم في تمييز حقيقي. ليست لديه التنشئة المطلوبة”.
تابع البابا فرنسيس: “تحتاج الكنيسة اليوم إلى النمو في التمييز، في القدرة على التمييز. والكهنة خصوصاً بحاجة فعلاً إلى ذلك في خدمتهم. لذلك، يجب أن نعلمه للإكليريكيين والكهنة أثناء تنشئتهم: وسيثق المؤمنون بهم بانتظام. الإرشاد الروحي ليس هبة كهنوتية فحسب، بل أيضاً علمانية. هذا صحيح. لكنني أكرر أن ذلك يجب أن يُعلَّم بخاصة للكهنة لمساعدتهم في ضوء التمارين في ديناميكية التمييز الرعوي الذي يحترم القانون وإنما يعلم كيف ينظر أبعد منه. هذا عمل هام للمجتمع”.
بعدها، لفت البابا إلى أنه ذُهل بخاصة بأفكار الأب هيوغو راهنر. قال: “فكر بوضوح وكتب بوضوح! قال هيوغو أنه ينبغي على اليسوعي أن يكون رجلاً يدرك ما يفوق الطبيعة أي أنه يجب أن يكون رجلاً موهوباً بشعور بالإلهي والشيطاني بالنسبة إلى أحداث الحياة والتاريخ البشريين. لذلك، يجب أن يكون اليسوعي قادراً على التمييز في مجال الله ومجال الشيطان على حد سواء. لهذا السبب، يطلب القديس اغناطيوس في التمارين أن يتم التعريف عن نوايا رب الحياة ونوايا عدو الطبيعة البشرية وأكاذيبه”.
“ما كتبه جريء. هو حقاً جريء، لكن التمييز هو هذا تحديداً! نحن بحاجة إلى تنشئة كهنة مستقبليين ليس من خلال تعليمهم أفكاراً عامة ومجردة، واضحة وبارزة، وإنما تعليمهم هذا التمييز المتحمس للأرواح لكي يتمكنوا من مساعدة الناس في حياتهم العملية. لا بد أن نفهم حقاً أن ليس كل شيء في الحياة أسود على أبيض أو أبيض على أسود. كلا! ظلال الرمادي تسود في الحياة. يجب أن نعلمهم أن يميزوا في هذه المنطقة الرمادية”.
في قسم آخر من الحديث، تناول البابا الأسئلة التي طرحها العديد من الشباب خلال أيام الشبيبة العالمية عندما جلس معهم في ذلك النهار عينه. “طرحوا اليوم بعض الأسئلة عند الغداء… حتى أنهم سألونني كيف أعترف! ليس لديهم أي تحفظ. أسئلتهم مباشرة. هناك حاجة دوماً إلى الرد على أسئلة الشباب بالحقيقة. سألني شاب: “كيف تعترف؟” فبدأت أتحدث عن نفسي. قال لي: “في بلادي، كانت هناك فضائح متعلقة بكهنة، ولسنا نملك الشجاعة للاعتراف لدى هؤلاء الكهنة المتورطين في هذه الفضائح. لا يمكنني فعل ذلك”. هل رأيتم: يقولون الحقيقة، وأحياناً يوبخونكم…”.
كذلك، قال بيرغوليو لإخوته اليسوعيين: “الشباب يتحدثون مباشرة. يريدون الحقيقة أو أقله جواباً صريحاً: “لا أعلم كيف أجيب عن سؤالك”. لا يمكنكم إيجاد الذرائع مع الشباب. وعن الصلاة، سألوني:”كيف تصلي؟”. إذا أجبتم بطريقة نظرية، سوف يبقوا خائبين. الشباب أسخياء، لكن العمل معهم يتطلب الصبر أيضاً، الكثير من الصبر. سألني أحدهم اليوم: “ماذا أقول لصديق لا يؤمن بالله لكي يصبح مؤمناً؟”. تلاحظون أحياناً أن الشباب يحتاجون إلى “وصفات”. يجب أن تكونوا مستعدين لتصحيح هذا الموقف الذي يتطلب وصفات وإجابات جاهزة. أجبته: “آخر شيء يجب أن تفعله هو أن تتكلم. ابدأ بعمل معين. من ثم، سيطلب منك تفسيرات عن طريقة عيش حياتك وأسبابها”. هنا، يجب أن تكون مباشراً، مباشراً من خلال الحقيقة”.