البابا فرنسيس: لنسر بلا خوف ولنبق متيقّظين وساهرين!
وفي هذا السّياق قال البابا فرنسيس في كلمته بحسب "فاتيكان نيوز":
"أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، إنّ اللّيتورجيّة تقدّم لنا اليوم الرّبّ يسوع يخاطب تلاميذه ويطمئنهم ويدعوهم إلى السّهر، وقد وجّه لهم دعوة إلى عدم الخوف قائلاً "لا تخف أيّها القطيع الصّغير"، ثمّ طلب منهم أن يكونوا مستعدّين. هاتين الدّعوتين تساعدان على التّغلّب على المخاوف الّتي تشلّنا، وعلى تخطّي تجربة عيش حياة خاملة".
عن الدّعوة الأولى "لا تخافوا"، قال البابا: "إنّ الرّبّ أراد أن يشجّع التّلاميذ بعد أن انتهى للتّوّ من الحديث عن عناية الله الآب، الّذي يهتمّ بزهور الحقل وبطيور السّماء، وهو يهتمّ أكثر بأبنائه. لذا لا ينبغي أن يلهث الإنسان وراء الأشياء، لأنّ تاريخنا هو بين يدي الله. إنّنا أحيانًا نشعر أنّنا أسرى انعدام الثّقة والقلق: الخوف من عدم النّجاح، ومن ألّا نُقدر ونُحَبّ، من عدم تطبيق مخطّطاتنا واختبار السّعادة. فنلهث بحثًا عن الحلول، بحثًا عن مجال نبرع فيه، ونتمكّن من جمع الخيور والثّروات، من أجل الشّعور بالأمان. وينتهي بنا المطاف عائشين في حالة من القلق المستمرّ. لكن يسوع يطمئننا ويقول لنا "لا تخافوا، ثقوا بالآب، الّذي يريد أن يعطيكم كلّ ما يلزمكم. لقد سبق أن أعطاكم ابنه، وملكوته، وهو يرافقكم دومًا بعنايته، ويهتمّ بكم كلّ يوم". لا تخافوا. هذه هي الثّقة الّتي ينبغي أن يتمسّك بها القلب.
إنّ الإدراك بأنّ الرّبّ يسهر علينا دومًا بمحبّة، ينبغي ألّا يحملنا على النّوم، وعلى عيش حياة كسولة. بل على العكس، لا بدّ أن نكون ساهرين وواعين، فالمحبّة في الواقع تعني التّنبّه للشّخص الآخر، ولاحتياجاته، وأن نكون جاهزين للإصغاء إليه وقبوله".
أمّا عن الدّعوة الثّانية الّتي وجهها يسوع لتلاميذه أن يكونوا جاهزين، فقال: "هذه هي حكمة مسيحيّة. إنّ الرّبّ يسوع كرّر هذه الدّعوة في مناسبات مختلفة، وهو يفعل ذلك من خلال أمثلة ثلاثة. لقد تحدّث عن صاحب منزل يعود فجأة من العرس، وعن صاحب منزل لا يريد أن يفاجئه اللّصوص، وعن صاحب منزل يعود من سفر طويل. في هذه الأمثلة الثّلاثة الرّسالة هي إيّاها: لا بدّ أن نبقى ساهرين، لأنّ الرّبّ يأتي في ساعة لم نتوقّعها.
في آخر حياتنا سيسألنا الرّبّ عن الوزنات الّتي سلّمنا إيّاها، ولهذا السّبب إنّ السّهر يعني أن نكون مسؤولين، أن نحافظ على هذه الوزنات ونعرف كيف نتعامل بها بأمانة. كثيرة هي العطايا الّتي نلناها: الحياة، الإيمان، العائلة، العلاقات، العمل وأيضًا البيئات الّتي نعيش فيها، مدننا، والخليقة. وهنا لا بدّ أن نسأل أنفسنا: هل نعتني بهذا الإرث الّذي أوكله لنا الله؟ هل نحافظ على جماله؟ أم نستخدمه لمنفعتنا الشّخصيّة وللمقتضيات الآنيّة؟".
في ختام كلمته قبل الصّلاة، توجه البابا إلى وفود الحجّاج والمؤمنين في ساحة القديس بطرس ومن تابعوه عبر الإذاعة والتّلفزيون ووسائل التّواصل الاجتماعيّ وقال: "أيّها الأخوة والأخوات، لنسر بلا خوف، واثقين بأنّ الرّبّ يرافقنا على الدّوام. ولنبق متيقّظين وساهرين كي لا ننام عندما يمرّ الرّبّ. القدّيس أغوسطينس كان يقول إنّ ما يخشاه هو أن يمرّ الرّبّ ويكون هو نائمًا. لتساعدنا العذراء مريم، الّتي قبلت زيارة الرّبّ بجهوزيّة وسخاء قائلة "هوذا أنا"."
في أعقاب تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، أطلق البابا نداء جدد من خلاله الدّعوة إلى وقف القتال في أوكرانيا والتّوصّل إلى سلام عادل ودائم، كما عبّر عن ألمه حيال الحادث المروريّ المأساويّ الّذي ذهب ضحيّته عدد من الحجّاج البولنديّين في كرواتيا، وقال:
"أيّها الأخوة والأخوات الأعزّاء، أحيّي بارتياح انطلاق أولى السّفن المحمّلة بالحبوب من أوكرانيا. هذه الخطوة تُظهر أنّه من الممكن أن يُقام الحوار وأن يتمّ التّوصّل إلى نتائج ملموسة، تعود بالفائدة على الجميع. لذا فإنّ هذا الحدث يشكّل أيضًا علامة أمل، ويعبّر عن أمنية القلب بمتابعة السّير في هذه الطّريق من أجل وضع حدّ للقتال، والتّوصّل إلى سلام عادل ودائم.
لقد تلقّيت بألم نبأ الحادث المروريّ الّذي وقع صباح أمس في كرواتيا، وذهب ضحيّته بعض الحجّاج البولنديّين المتوجّهين إلى مديغوريه، فيما أصيب آخرون بجراح. أسأل العذراء أن تشفع بهم جميعًا وبأقربائهم."
ثمّ تابع الحبر الأعظم نداءه متحدّثًا عن مسيرة الحجّ الأوروبيّة للشّبيبة إلى سانتياغو دي كومبوستيلا، موضحًا أنّ الحدث أرجئ السّنة الماضية الّتي كانت سنة قدّيس كومبوستيلا، وقال: "بفرح أباركُ من القلب كلّ واحد من الشّبّان الّذين شاركوا في هذا الحدث، وأبارك أيضًا جميع من عملوا على تنظيمه ومرافقته. لتكن حياتكم دومًا مسيرة مع يسوع المسيح، مسيرة نحو الله ونحو الأخوّة، مسيرةً في الخدمة والفرح!".