رسالة من البابا إلى أساتذة التّعليم المسيحيّ، ومضمونها؟
"بفرح عظيم أحيّيكم اليوم، يا أساتذة التّعليم المسيحيّ في فيتنام، المجتمعون مع سيادة المطران جوزيف نغوين نانغ، رئيس أساقفة سايغون ورئيس مجلس الأساقفة. أشكر كلّ واحد منكم على مشاركته من جميع أنحاء فيتنام- ومن خارجها أيضًا- وذلك قبل أيّام قليلة من يوبيل الشّباب في روما. وأنا ممتنّ بشكل خاصّ لاتّحادنا في الصّلاة أمام ذخيرة الطّوباويّ أندرو فو ين المقدّسة. وفي هذه المناسبة المهيبة، الذّكرى المئويّة الرّابعة لميلاده، نحتفل بابن عظيم من أبناء فيتنام- أستاذ تعليم مسيحيّ وشهيد، لا يزال يشكّل شهادةً تُلهمنا. ليبارك الرّبّ هذه اللّحظة من اللّقاء والنّعمة.
وفي مثل هذه المناسبة، من المهمّ أن نتأمّل في حياة أندرو فو ين. وُلد عام ١٦٢٥، وأصبح معاونًا ثمينًا للمرسلين اليسوعيّين الّذين حملوا الإنجيل إلى فيتنام بعد معموديّته. لقد ذكّرنا البابا فرنسيس في الإرشاد الرّسوليّ "Christus Vivit" بأنّ أندرو قد "سُجِن من أجل إيمانه، وعندما رفض أن يُنكره، قُتل. مات أندرو وهو يلفظ اسم يسوع". في بذله لحياته وهو في التّاسعة عشرة فقط من عمره، لبّى أندرو نداء المسيح لكي يُبادل "الحبّ بالحبّ". وقد نال بفضل بطولته لقب أوّل شهيد في فيتنام، وأعلنه البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني طوباويًّا عام ٢٠٠٠. اليوم، نطلب من شفيع أساتذة التّعليم المسيحيّ أن يتشفّع من أجلنا، لكي ندعو، مثلَه، اسم يسوع بإيمان لا يتزعزع، حتّى في أوقات الشّدّة.
إنّ الكنيسة في فيتنام، مليئة بأساتذة التّعليم المسيحيّ الملتزمين- رجالًا ونساءً علمانيّين، ومعظمكم من الشّباب- الّذين يعلّمون الإيمان للأطفال والمراهقين كلّ أسبوع. في الواقع، يوجد أكثر من ٦٤ ألف أستاذ تعليم مسيحيّ في فيتنام وخارجها. وهذه الجماعة الواسعة من المربّين في الإيمان تُشكّل جزءًا أساسيًّا من حياة الرّعايا. وأنا ممتنّ لعطاء كلّ واحد منكم. لا تستهينوا أبدًا بالهبة الّتي أنتم عليها: فمن خلال تعليمكم ومثالكم، أنتم تقودون الأطفال والشّباب إلى الصّداقة مع يسوع. أنتم مرسَلون من الكنيسة لكي تكونوا علامات حيّة لمحبّة الله: خدّام متواضعون مثل الطّوباويّ أندرو، مليئين بالحماس الرّسوليّ. إنّ الكنيسة تفرح بكم وتشجّعكم على أن تسيروا بفرح في هذه الرّسالة النّبيلة.
يُقال إنّ أندرو، بينما كان في السّجن، قد شجّع إخوته المسيحيّين على الثّبات في الإيمان وطلب منهم أن يصلّوا لكي يبقى أمينًا حتّى النّهاية. هذه اللّحظة العميقة تُذكّرنا بأنّ الحياة المسيحيّة، وخدمة التّعليم المسيحيّ بشكل خاصّ، ليست جهدًا فرديًّا أبدًا: نحن نُعلّم، وجماعتُنا تصلّي؛ نحن نشهد، وجسدُ المسيح يدعمنا في المحن. هذا الاتّحاد في الصّلاة والخدمة يُظهر وحدة الكنيسة والسّلام الّذي يمنحنا إيّاه المسيح.
كذلك، فإنّ خدمتكم متجذّرة بعمق في عائلة قويّة وإرث ثقافيّ غنيّ. لقد تحدّث إليكم البابا فرنسيس في إحدى المناسبات عن كلمة "البيت" وكلّ ما تحمله من معانٍ. حافظوا على حبّكم لعائلتكم ولوطنكم حيًّا. هذه الكنوز من الثّقافة والإيمان قد أُعطيت لكم- ولاسيّما الإيمان البطوليّ لوالديكم وأجدادكم الّذين، مثل الطّوباويّ أندرو، شهدوا وسط الألم وعلّموكم أن تثقوا بالله. إنّ جذوركم وتقاليدكم هي عطايا من الله؛ فلتملأكم ثقةً وفرحًا فيما تنقلون الإيمان إلى الآخرين.
بعد أيّام قليلة، ستحتفل الكنيسة بيوبيل الشّباب في روما كجزء من يوبيل الرّجاء لهذا العام. "في قلب كلّ إنسان، يسكن الرّجاء كحُلمٍ وتوقٍ للأمور الخيّرة القادمة." فليكن هذا الرّجاء قوّتكم في خدمتكم. أدعوكم لأن تتّحدوا روحيًّا مع الشّباب الحجّاج في روما ومع جميع إخوتكم وأخواتكم في فيتنام. شاركوهم الثّقة المفرحة بأنّ "المسيح حيّ، وهو يريدكم أن تكونوا أحياء!".
يا أساتذة التّعليم المسيحيّ الأحبّاء، أنتم محبوبون من الله، وغالون على قلب كنيسته. ليرشدكم الطّوباويّ أندرو فو ين بمثاله. ولترافقكم الطّوباويّة مريم العذراء، أمّ الكنيسة و"أمّ الرّجاء". ولتحلّ عليكم جميعًا بركة الله القدير، الآب والابن والرّوح القدس، وتبقى معكم إلى الأبد. آمين."