ثقافة ومجتمع
19 شباط 2021, 12:50

الأب كرم: نشكر الرّبّ دائمًا

تيلي لوميار/ نورسات
في ظلّ ما يشهده العالم من تغيّيرات في العادات نتيجة انتشار وباء كورونا، يأتي مقال للأب الياس كرم ليعبّر عن ما تحوّلت إليه مناسباتنا العائليّة، فكتب:

"إحتفلنا زوجتي وابني بعيد ميلاد ابنتي، من دون مشاركة أحد من الأقارب والأصدقاء. هذا طبعًا نتيجة جائحة الكورونا التي منعتنا كسائر النّاس من الاختلاط منعًا لتلقي أو نقل الوباء. لمست مسحة من الحزن في عيني ابنتي، رغم قناعتها للواقع وتقديرها وشكرها لما قمنا به في هذه المناسبة التي تعنيها، فهي اعتادت الاحتفال بعيدها بمشاركة زملاء الدّراسة والأقرباء.

نعم إنّ جائحة كورونا غيّرت مسرى حياتنا بكلّ ما للكلمة من معنى، لكن تبقى المحبّة أساس كلّ شيء، فلولا المحبّة الرّاسخة لما تلقّت ابنتي سيلًا من الاتّصالات والرّسائل النّصّيّة والرّسوم الرّمزيّة المهنّئة بعيدها.

يبقى أيضًا أنّ وسائل التّواصل الاجتماعيّ لعبت دورًا إيجابيًا في هذه الأوقات، إذ شاركنا مجموعة من زملاء ابنتي في الدّراسة بتقديم المعايدة لها عبر تطبيق zoom وغنّوا وصفّقوا وتمنّوا لها كلّ الأمنيات الحلوة. نعم ما عشناه في يوم عيد ابنتي تاتيانا يعيشه كلّ شخص في هذا الوطن والعالم أجمع في مناسبات متعدّدة، وأنا من الذين ينظرون إلى نِعم الله بشكرٍ دائم. فبالرّغم من كلّ الظّروف الصّعبة استطعنا أن نحتفل بهذه المناسبة ولو بنطاقٍ ضيّق ومختصر، وعبّر الكثر عن محبّتهم وامنياتهم لها حتّى ولو بالمراسلة، في حين أن هناك شريحة كبيرة من الأولاد لا تشعر بدفء العائلة ولا محبّة الأصدقاء أو لفتة من المحبّين. فلنردد دائمًا عزيزي القارئ: شكرًا دائمًا... نشكر الرّبّ دائمًا. فرغم الأحزان والشّدائد التي تتراكم يوميًّا علينا من كلّ حدبٍ وصوب، فلنشكر الرّبّ على كلّ شيء منحنا إياه ولنعزّي أنفسنا بعطاياه السّخيّة رغم الأوضاع الصّحّيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة التي نعيشها. نحن مدعوّون لننظر إلى القسم الممتلئ من الأكواب لا إلى القسم الفارغ حتّى تدوم نِعم الله علينا. لنسعى جميعًا في هذه التّجارب العاصفة التي تهاجمنا إلى صدّها بالثّبات في الإيمان وشكر الله والرّجاء به وبمحبّة الآخرين. والمحبّة سرّ الله، فمهما بعّدتنا الظّروف فلنفعّل المحبّة فيما بيننا بشتّى الوسائل، لنلقي همّنا على الله وهو يعولنا ولنضع ثقتنا به وهو القادر على بلسمة جراحنا واحزاننا. ولنتذكر دائمًا أنّ هناك أناسًا تحت مستوى الفقر لا معين لهم إلّا عطاءات الخيّرين. نعم لنعاين مجد الله رغم كلّ الاحباطات البشريّة ورغم كلّ الشّدائد والضّيقات والكوارث والأوبئة والأحزان والأمراض، فلكي نصمد علينا الوثوق بالله بالمطلق، مؤمنين بقناعة ما جاء في إنجيل القدّيس متّى: وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ."