خاصّ- أحد القيامة... كلٌّ من كنيسته البيتيّة!
إستهلّ الخوري مبارك حديثه الرّوحيّ قائلًا: "إنّ قيامة الرّبّ يسوع بالنّسبة للمؤمن ليست حدثًا تاريخيًّا يرويه أبٌ عن جَد كأيّ من الرّويات التّاريخيّة، بل هي ظاهرة مستمرّة تواكبنا منذ ألفي سنة حتّى اليوم، نعيشها منذ الولادة حتّى الممات: ففي المعموديّة دُفنّا مع المسيح، ومعه وبه قمنا لأنّنا آمنّا بقوّة الله الذي أقام يسوع من الموت! فموتنا هو موت الإنسان العتيق أيّ موت الغضب والتّجديف والكذب والشّهوات على أنواعها... والقيامة مع المسيح "بكر الرّاقدين" تولينا حرّيّة أبناء الله، فقد رضي أن يلبس جسدنا التّرابيّ ليُحرّرنا من أثقاله مُتضامنًا معنا في فقرنا ليُغنينا من كنوزه! القيامة هي أن نتخلّق بخُلق المسيح وليكن فينا من الأفكار ما هو له (فيلبّي 2)."
وأضاف: "إنّ قيامة الرّبّ يسوع أُعلِنت استنادًا لشهود عيان وليس عبر كاميرات البثّ المباشر، فرسالة بولس الرّسول لكنيسة كورنتس هي أوّل ما كُتب في العهد الجديد، بعد عشرين سنة بعد القيامة ليصرخ الرّسول: لو لم يقم المسيح لكان باطل إيماننا وما زلنا في خطايانا. لقد استند بولس إلى شهود عيان عايشوا الرّبّ يسوع بعد القيامة وهم حوالى خمسماية أخ وآخرهم هو يوم اهتدائه على طريق دمشق فاختاره رسولًا كما اختار الإثني عشر!"
وتابع الخوري مبارك: "ولا ننسى شهادة المريمات اللّواتي تفاجأن بإزاحة الصّخر عن باب القبر بعد أن فكّرن في الطّريق مَن سيرفعه من أمامهنّ ليقمن بتطيب جسد يسوع المُكفّن بحسب عادة اليهود. ومرقس الإنجيليّ قال إن كان في القبر شاب بلباس أبيض فإنّه ملاك كدليل على قيامة يسوع. خافت المريمات ولم يُخبرن أحدًا، ولمّا استوعبن بَشرّن. وهذا ما أكدّه يوحنّا الرّسول في إنجيله أيضَا، فلمّا عرف الرّسل بشاهدتهنّ تحمّس كبير وصغير السّن من الرّسل، بطرس ويوحنّا. ويوحنّا سبق بطرس إلى القبر ورأى وانتظر الأخير، ليس لأنّه خائفًا إنّما ليقول لنا أنّ إعلان القيامة، وأيّ حدث إيمانيّ، لا يُعلن إلّا من خلال الكنيسة المتمتّعة بسلطان من يسوع قبل قيامته: "أنت الصّخر وعلى هذا الصّخر أبني بيعتي ولك أُعطي مفاتيح ملكوت السّماء..."، ومثبّته بعد القيامة: "إرع َ خرافي..." مع العلم أنّ يوحنّا هو الوحيد من بين الإثني عشر الّذي بقي مع مريم عند أقدام الصّليب، والشّاهد والمؤكّد على الأحداث.
وبعد دخولهما إلى القبر كانت اللّفائف على الأرض، أمّا المنديل وهو أساس الكفن فكان مطويًّا وموضوعًا بترتيب، هذا أكّده يوحنّا الإنجيليّ. واليهود بذهابهم إلى بيلاطس اعتراف بقيامة يسوع: تذكروا أنّه قال إنّه سيقوم بعد ثلاثة أيّام فطلبوا حرسًا على القبر، ولمّا هرب الحرس فجر القيامة وأخبروهم، رشوهم بالمال لطمس الخبر! لكنّ الحرس لم يتمكّنوا من ضبط الحقيقة فأفسحوا عنها. ويؤكّد يوحنّا أيضًا أنّه شُهد كثير من الأموات قاموا في المدينة، وقد سمح الرّبّ بذلك ليؤكّد للمؤمن أنّ ما جرى ليس سوى طعم لنعمة الإيمان بالحياة الأبديّة والقيامة."
وإختتم الخوري مبارك كلمته الرّوحيّة قائلًا: "المسيح لمّا قام وصعد إلى السّماء لم يترك العالم ليعود بعد آلاف السّنين. أجل، لقد ذهب ليعود في الآخرة التي لا أحد يعرف متى تحين تلك السّاعة، لذلك القيامة هي ظاهرة مستمرّة. وحتّى ذلك الوقت، يسوع القائم من الموت مُقيمٌ معنا في الصّلاة الفرديّة والجماعيّة وفي الأسرار، وبخاصّة في القربان المقدّس، حتّى ولو فرضت الظّروف علينا أن نتناوله بالشّوق! هذا هو سبب فرح المؤمن الذي عبّر عنه القدّيس يوحنّا فم الذّهب: "أدخلوا جميعًا فرح سيّدكم، أوّلون وآخرون، اقبلوا الجزاء فقراء وأغنياء. رتّلوا في جوقة واحدة، وافرحوا اليوم فالوليمة مُعدّة. هلمّوا جميعًا وتلذّذوا على مائدة الإيمان. لا يبكينّ أحد فقره، والغفران صعد من القبر وموت الرّبّ حرّرنا... أين غلبتك وشوكتك يا موت؟! إنّ المسيح قام وانتصر عليك، فسقطت الشّياطين ورنّمت الملائكة في فرح كبير. المسيح قام وجميع الموتى تركوا القبور، أجل المسيح قام من بين الأموات وهو بكر الرّاقدين، له المجد والقوّة إلى دهر الدّهور."