"أنظروا إلى نهاية سيرتهم؛ فتمثّلوا بإيمانهم"
هي قصّة الله مع الإنسان، قصّة تجيب على كلّ تساؤلاتنا، إذ تضحي كلّ التّعاليم والوصايا واقعاً عمليّاً عاشه أناسٌ من مجتمعاتنا لا مجرّد مبادئ نظريّة، أناس اختارهم الله في أزمنة مختلفة وقبلوا دعوته فارتفعوا فوق كلّ مادّة وعاشوا بالرّوح مع الرّبّ مؤكّدين لنا أنّ حياة البرّ ممكنة وسهلة ومتاحة لكلّ من يطلبها.
فعند مطالعة هذه السِّيَر، ينسكب حبّ كبير في قلب القارئ، حبّ يلتهب بمحبّة الله، فتولد في نفس كلّ منّا عزيمة للاقتداء ببطل تلك السّيرة والسَّير على خطاه في الوداعة والتّواضع والطّاعة والعفّة والخدمة والصّمت... إذ يصبح هؤلاء بالنّسبة لنا بوصلة ترشدنا إلى درب الرّبّ بروحانيّة معيّنة، روحانيّة يستمدّها قدّيسونا الأبرار والشّهداء والمعترفين من نبع الحياة ومن الكتاب المقدّس.
وها هي الكنيسة تولي إهتماماً كبيراً لهذا الموضوع، فتراها تجمع سيرهم في "سنكسار" وتخصّص لكلّ منهم عيداً خلال السّنة وترفع في بيوت الله أيقونات لهم وتبني كنائس على أسمائهم. وها نحن نُسمّى تيمّناً بهم لشدّة تأثّر آبائنا بسيرتهم ويصبحون شفعاء لنا يرافقوننا طيلة حياتنا.
هناك، داخل تلك الصّفحات وبين السّطور، نعرف كيف يستطيع أحدنا أن يدير خدّه الآخر، وكيف أنّ الصّلاة ممكنة في كلّ حين بلا انقطاع ومن دون ملل، وكيف يتخلّى غنيّ عن كلّ ممتلكاته ويعطي الفقير من ماله الخاصّ. وفي تلك الكتب، دعوة إلى تلبية ما جاء في الرّسالة إلى العبرانيّين 13/7: "أنظروا إلى نهاية سيرتهم؛ فتمثّلوا بإيمانهم."