دينيّة
27 كانون الثاني 2025, 08:00

نقل رفات الجليل في القدّيسين يوحنّا الذَّهبيّ الفمّ

أرزة البيطار
في 27 كانون الثَّاني من كلِّ عامٍ، تعيِّدُ الكنيسة قاطبةً لذكرى نقل رفات القدّيس يوحنّا الذَّهبيّ الفمّ، من كبادوكيا إلى القسطنطينيَّة في عام 438 ميلاديّ، وذلك بعد مرور ثلاثين سنة على تولّي ثاودوسيوس الصَّغير الحكم، وهو إبن أركاديوس وأفدوكسيَّة اللّذين كانا قد نَفيا القدّيس.

وقد حصل ذلك بعد محاولاتٍ عدَّةٍ ، قام بها بروكلس تلميذ القدّيس الذَّهبيّ الفمّ، بعد تولّيه سُدَّة البطريركيَّة، أقنع من خلالها الإمبراطور بضرورة استقدام الرُّفات.
ومع بلوغ الجنود المرسلين لنقل الرّفات إلى مكان دفنه، بدا النَّعش وكأنَّه متجذِّر في الأرض ولا يتزحزح، وكأنَّما القدّيس يأبى أن يغادر مكانه.

فعرف الإمبراطور حينها، أنَّه هو السَّبب، لأنَّه لم يُبد توبةً للقدّيس حيال أعمال والديه. فاتَّبع حينها نمطًا كان يستخدمه القدماء حيال الرّاقدين، وكتب رسالةً إلى القدّيس يستسمحه فيها، طالبًا منه العودة إلى المدينة ليُعزّي بحضروه قلوب المؤمنين الّذين افتقدوه.

والمبهر في الموضوع، أنَّه ما إن وضع المرسلون المكتوب على صدر القدّيس، حتّى تزحزح النَّعش وأصبحَ قابلًا للحمل إلى موطىء رأسه.  

‏وبإكرامٍ شديدٍ، نقل النَّعش في موكبٍ مهيبٍ. ومع وصوله إلى خلقيدونيَّة، كان الشَّعب في انتظاره في البحر في مراكب مزيَّنةٍ ومضاءة.

في البحر أيضًا، هبَّت ريحٌ هوجاءُ ومالت بالسَّفينة الّتي كان النَّعش بداخلها إلى اليابسة، حيث أبت بدورها التَّحرُّك من مكانها. ولمّا بحث الحاضرون عن السِّرِّ هذه المرَّة، وجدوا أنَّ هذا المكان كانت قد سطت عليه الإمبراطورة أفدوكسيا بالقوَّة، لتأخذه من أرملةٍ كانت تناصر القدّيس الذَّهبيّ الفمّ، كعقابٍ لها. وعلى الفور وتنفيذًا لرغبة القدّيس بإحقاق الحقّ وإعادة المُلك للمرأة، صدر أمرٌ بإعادة الأرض لها. 

وعندها فقط هدأ البحر وتابعت السَّفينة سيرها حتّى بلغت القسطنطينيَّة. فأُدخل النّعش أوَّلا إلى كنيسة القدّيس الرّسول توما في أمنتيوس، فتوقَّف للحال اهتزاز ضريح الإمبراطورة، الّذي كان في نفس الموضع وعلى هذه الحال منذ 20 سنة.

من هناك نُقل نعش القدّيس إلى كنيسة القدّيسة إيريني، وأُجلس على العرش فصرخ الشّعب بفرحٍ عظيمٍ: "إستعدْ عرشك يا قدّيس الله!".

وأخيرًا وصل النَّعش إلى كنيسة الرُّسل القدّيسين حيث مدافن الأباطرة والبطاركة. فلمّا أُجلس القدّيس على العرش الأسقفيّ سُمع صوته يقول: "السَّلام لجميعكم!".

ثمَّ وُضعت الرُّفات تحت المائدة وأُقيم القدّاس الإلهيّ، فمنَّ القدّيس بشفاعته على كثيرين مجترحًا أعاجيب جمَّة.