دينيّة
25 تشرين الثاني 2016, 06:30

قديسو اليوم: 25 تشرين الثاني 2016

تذكار القديس اكليمنضوس الاول بابا روما (بحسب الكنيسة المارونية) ولد اكليمنضوس في روما وكان من اشرافها، تثقف ثقافة عالية، فنبغ في العلوم والآداب. وعندما قدم القديسان بطرس وبولس الى روما، آمن على يدهما وتتلمذ لهما. ورافق بولس الرسول في جهاده وذكره في رسالته الى اهل فيليبي (4: 3). ثم أقيم خليفة لهامة الرسل على السّدة البطرسية بعد البابا اناكليتوس. فقسم روما سبعة اقسام وجعل في كل قسم منها مسجِّلاً لاعمال الشهداء. وقد ردَّ بمواعظه الكثيرين الى الايمان بالمسيح. وله يرجع الفضل بتعميد أهل فرنسا.

 

وقد أنشأ هذا البابا فرقة العذارى اللواتي وقفن حياتهنَّ لمجد الله وخدمة القريب.

وجه البابا الى اهل كورنثية رسالته الشهيرة، اوضح بها المراتب الكنسية والتمييز بين الاساقفة والكهنة والشمامسة، وبيَّن واجب المؤمنين نحو رؤسائهم، وان للبابا السلطة المطلقة على جميع الكنائس. وكان لهذه الرسالة اهميتها الكبرى، حتى انها أدرجت بين الكتب المقدسة وكانت تُقرأ في الكنائس على الشعب. ولهذا البابا ايضاً رسالتان في شرف البتولية.

وعندما اثار ترايانوس قيصر الاضطهاد على المسيحيين، نفى البابا اكليمنضوس مع عددٍ من ابنائه الى مدينة كرسونيزا، اي القرم، حيث وجد كثيرين من المسيحيين المنفيين، مسخَّرين في الاشغال الشاقة في مقالع الرخام، فكان لهم الاب الحنون، يشجعهم ويعزِّيهم ويشاركهم في اتعابهم. وكان اولئك المنفيون في ضيق شديد من العطش، فصلى القديس فوق صخرة هناك، راسماً فوقها إِشارة الصليب، فانبجس منها الماء ينبوعاً غزيراً، وعند هذه الآية آمن كثيرون من الوثنيين.

فعرف بذلك ترايانوس، فأوفد وزيره اوسيديوس الى كرسونيزا وامره ان يردَّ جميع الذين اعتمدوا الى الوثنية، ومن لا يخضع يُقتل. فنفَّذ الوزير امر سيده بجميع المسيحيين وبالذين اعتمدوا من الوثنيين. ففاز جميعهم باكليل الشهادة. اما البابا اكليمنضوس، فشدُّوا عنقه بحبل وزجّوه في البحر ليموت خنقاً، فانضمَّت روحه الطاهرة الى ابنائه الشهداء في الاخدار السماوية. وكان ذلك سنة 101 للمسيح.

فانتشل بعض المؤمنين جثة البابا من البحر ودفنوها بما تستحق من الاكرام. واجرى الله المعجزات الكثيرة حول ضريحه. صلاته معنا. آمين.

 

كاترينا الشهيدة (بحسب الكنيسة السريانية الكاثوليكية)

ولدت في الإسكندرية في أواخرالقرن الثالث للمسيح، من عائلة شهيرة وسلالة ملوكية، ونشأت على حب الفضيلة وشغفت بالطهارة الملائكية، وأقبلت منذ حداثتها على اقتباس العلوم العصرية وقراءة الكتب المقدسة. ويروى أن المسيح تراءى لها بعد اعتمادها مُبدياً رضاه عنها، وألبسها خاتماً ثميناً عربون خطبته إياها عروساً له. ففرحت فرحاً عظيماً وشغفت بمحبته ونذرت بتوليتها له.

كانت المملكة الرومانية سنة 307 مقسّمة بين قسطنطين الكبير ولكينيوس ومكسمينس، وكانت مصر تابعة لإمارة مكسمينس الإمبراطور مضطهد المسيحيين، وأراد هذا أن يبهر مصر بغناه. فأمر بإقامة عيدٍ حافلٍ تقدم فيه الذبائح للأوثان، ويشترك فيه كل الشعب. فارتاع المسيحيون، فأخذت كاترينا تشجعهم وتضرم نار الغيرة في نفوسهم. وحضرت بنفسها أمام الملك يوم الاحتفال وطلبت الى الامبراطور مكسمينس أن يسمعها. فلما رآها أُخذ بجمالها، فسأل عنها وقرّبها إليه، فأخذت تبيّن له ضلالة الوثنية وصحة الإيمان المسيحي، وأثبتت له من فلاسفته الوثنين نظير بلوتارخس وذيوذورس وغيرهم وحدانية الله. فاستولى عليه الذهول، ولأنها فتنته بسحرها، قال لها : "لا بأس سوف أسمعك بعد تقديم الذبائح"، وفرح المسيحيون بجرأتها.

ولما عاد الامبراطور الى قصره، استدعاها واستفسر عن اسمها ونسبها، فبيّنت له أن أجدادها من أشراف المملكة، وأنها أوقفت حياتها سعياً وراء الحقيقة وأنه لا أشهى إليها من أن تراه مع المملكة يعترفون بالمسيح.

فأجابها برفق أنه لا يعرف الفلسفة وأنه سيأتي بمن يُفحمها. وذاع الخبر في مصر كلها وجاء بخمسين فيلسوفاً ليناظروا الشابة كاترينا.. أما كاترينا فأفحمتهم بقوة براهينها. فأكبر الحاضرين علمها الغزير وفصاحتها الخارقة وكادوا أن يصفقوا لها لولا خوفهم من الامبراطور. فالتفت الامبراطور الى العلماء فأجاب عميدهم : "إن ما قالته كاترينا لهو عين الصواب". وكذلك قال العلماء الآخرون. فغضب الامبراطور وأمر بإحراقهم بالنار ففازوا بإكليل الشهادة.

وكان الامبراطور قد علق بهوى كاترينا فدعاها وعرض عليها الزواج ولبس الأرجوان فرفضت بعزّة نفس وقالت : "إن من عاهَدَت المسيح لتكون عروساً له لا تخونه". فأمر بجلدها حتى تناثر لحمها، وأودعها السجن حيث ظهر لها ملاك الرب وعزاها وشفى جراحها.

وفي تلك الأثناء حلمت فوستا الامبراطورة حلماً رأت فيه كاترينا جالسة على عرش من نور تدعوها للجلوس بالقرب منها وتجعل على رأسها إكليلاً وتقول لها إن عريس كاترينا يهديه لها. فلما أفاقت أرادت أن ترى كاترينا، فذهبت بصحبة القائد برُفيرس الى السجن ولما دخلت عليها وجدتها صحيحة الجسم معافاة وباسمة الثغر، فجعلت كاترينا تكلمها عن السيد المسيح وعن ملكوت الله... الخ فقبلت الملكة كلامها وآمنت بالمسيح، وآمن القائد برفيرس معها، فتنبأت لهما أنهما سيعانيان بعد ثلاثة ايام صنوف الآلام، لكن الله يقويهما على احتمالها.

ولما عاد مكسمينس من سفره، أحضر كاترينا إليه فوجدها صحيحة، فعرض الزواج عليها ثانيةً فرفضت. فأمر بأن تُصنع آلة جهنمية خاصة بها ليمزق بها جسدها، وازدراها وأعادها الى سجنها.

فجاءته امرأته فوستا تلومه على أفعاله، ودعته ليذعن للحق أمام الأعاجيب الباهرة التي جرت على يد كاترينا وأن يطلقها حرة. فعرف أن امرأته وبرفيرس القائد قد صارا مسيحيين، فجنّ جنونه وأمر بتعذيبهما وقطع رأسيهما. وقتل كذلك مئتين من الجنود الذين آمنوا بالمسيح.

وبعد موت زوجته استدعى كاترينا ثالث مرة وعرض عليها الزواج، فازدرت كاترينا قاتل امرأته وسافك دماء الأبرياء. فأمر بأن يجعلوها على تلك الآلة الجهنمية. فلما جيء بالآلة انفجرت وتكسرت وقتلت الجلادين. فعيل صبر مكسمينس وخاف سوء العاقبة، وأمر جنده أن يأخذوها الى خارج المدينة ويقطعوا رأسها. فخرجت وهي تصلي وطلبت الى عريسها أن لا يدنس أحد جسدها بعد موتها. فأحنت رأسها للسيف وهي تصلي وبذلك تمت شهادتها سنة 308.

ويقال إن أحد النساك على عهد الملك يستنيانس وجد جسدها على جبل سيناء فدفنه الرهبان هناك، وبنوا كنيسة وديراً على اسمها لا يزالان قائمين الى اليوم... وتعتبرها الكنيسة شفيعة الفتيات والعذارى والفلاسفة معاً.

 

القديسة العظيمة في شهيدات المسيحية كاترينا الكلية الحكمة (بحسب الكنيسة الارثوكسية)

"أيها المحبّو الشهداء، لنبادر معاً بابتهاج إلى احتفال عيد كاترينا الشهيدة التي فقّهها الله، ولنكلّلها بالمدائح كما بالأزهار... افرحي يا من وبّخت الخطباء الهاذرين على حماقتهم... واقتدتهم إلى الإيمان الإلهي. افرحي يا من دفعت جسدك للتعذيبات الكثيرة الأنواع لأجل محبة خالقك ولم تنصدعي كسندان غير منثلم. افرحي يا من اعتضت عن الأوجاع بالسكنى في المقامات العلوية متنعمة بالمجد الأبدي. فإذا نصبو إليه، نحن مادحيك، اجعلينا لا نيأس من الرجاء".

(صلاة المساء -  ذكصا على يا رب إليك صرخت)

علومها والزواج

ولدت القديسة كاترينا وعاشت في مدينة الإسكندرية في زمن الإمبراطورين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس بين أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع للميلاد. ويبدو أنها كانت من فئة النبلاء، جميلة جداً وذكية جداّ. وقد سهّل لها موقعها الاجتماعي الانكباب على دراسة العلوم الكلاسيكية كالفلسفة والبلاغة والشعر والعلوم الطبيعية واللغات. طاقتها على الاستيعاب وتفتيق المسائل الذهنية الغامضة أو المعقّدة كانت غير عادية. كل ذلك ولم يتجاوز عمرها العشرين ربيعاً. كثيرون جاءوا يطلبون ودّها فلم ترض بأحد منهم. ثمة دافع في نفسها كان يدفعها عن الزواج. لسان حالها، لترد ضغط ذويها عنها، كان أنها ما لم تلق رجلاً يساويها نبلاً وغنى وعلماً فلن ترضى به عريساً لنفسها.

العريس الأمثل

إلى هنا لا نعرف تماماً ما إذا كانت كاترينا قد نشأت مسيحية أم لا، لكن والدتها كانت كذلك. فلما عيل صبر أمها واحتارت في أمر ابنتها استعانت بناسك قدّيس كان يقيم خارج المدينة. قال الناسك لكاترينا إنه يعرف رجلاً يتمتع بالمزايا التي تطلب، وان حكمة هذا الرجل تفوق حدود التصوّر، فحكمته مبدأ الكائنات المنظورة وغير المنظورة. وهو لم يتعلم الحكمة من أحد لأنها عنده منذ الأزل. من جهة أخرى، هذا الإنسان أنبل من كل أهل الأرض بما لا يقاس، وله سلطان على الكون برمته وقد خلق العالم بقدرته الذاتية. لا أجمل منه في بني البشر لأنه الإله متجسداً: الابن والكلمة الأزلي للآب، وقد صار إنساناً لأجل خلاصنا. هو أيضا يلتمس العروس، وعروسه النفس البتول ولا يرضى عن النفس البتول بديلاً. قال لها الناسك ذلك وصرفها.

وعادت كاترينا إلى بيتها متحيّرة، متأملة، في قلبها فرح وفي نفسها شوق ولهف للقاء الختن كما وصفه لها الناسك.

وفي الليلة عينها رأت كاترينا والدة الإله مريم وابنها يسوع المسيح. لكن الرب يسوع أبى أن ينظر إليها لأنها، كما قال، بشعة وكلها ملوّثة طالما أنها تحت الموت والخطيئة.

اضطربت كاترينا لهذا الحلم - وعادت في اليوم التالي إلى الناسك تسأله العون فعلّمها أسرار الإيمان وعمّدها.

ومن جديد ظهرت لها والدة الإله والرب يسوع فقال عنها السيد: "ها هي الآن كاترينا مشرقة، جميلة، غنية و مزدانة بالحكمة والحق. الآن أقبلها عروساً نقية!". ولكي تختم والدة الإله خطبة كاترينا السماوية أخذت خاتماً ووضعته في إصبعها وأوصتها بألا تقبل عريساً آخر لنفسها على الأرض.

أمام الإمبراطور

وحدث في ذلك الزمان أن قدم الإمبراطور مكسيميانوس (305-311) إلى مدينة الإسكندرية ورغب في أن يضحي كل أهل المدينة للأوثان للدلالة على خضوعهم لسلطانه وولائهم لدولته تحت طائلة التعذيب والموت.

وفيما باشر كهنة الأوثان بإقامة الطقوس ونحر البهائم، وفيما كان الناس يتدفقون على المكان لتقديم الطاعة للإمبراطور والاشتراك في رفع الذبائح للأصنام، احتدت روح كاترينا فيها فجاءت ووقفت أمام الإمبراطور. وبعدما أبدت التحية المعهودة وطلبت الإذن بالكلام، شرعت تقول له إن عبادة الأوثان مفسدة لا يجيزها العقل السليم، والأوثان لا وجود لها، بل المنطق يظهر أنه لا يمكن أن يكون هناك غير إله واحد هو أصل الموجودات وعلّتها. وهذا سلّم به كبار الفلاسفة الوثنيين وبيّنوا، في المقابل، فساد الاعتقاد بكثرة الآلهة.

ونزل كلام كاترينا في نفس الإمبراطور نزول الصاعقة، فبدا مأخوذاً بجسارتها ووضوح بيانها وقوة كلامها. وأخذ أكثر من ذلك بفتنتها وطلعتها وشبابها، فأبدى مرونة من نحوها. ثم ان أفكاراً تحرّكت في نفسه وقد رغب فيها. وخطر بباله أن يستدعيها إلى قصره ويجعل مناظرة بينها وبين حكمائه.

وهكذا جرى استدعاء أبرز الحكماء والفلاسفة والخطباء، فاجتمع خمسون منهم، والبعض يقول مئة وخمسين.

المناظرة الكبرى

وحضرت الساعة وواجهت كاترينا، بنعمة الله، محفل الحكماء والفهماء فأفحمتهم جميعاً. كشفت أمام الجميع ضلالات الكهّان والشعراء والفلاسفة الوثنيين وبيّنت، بالشواهد، التناقضات في أقوالهم وتعاليمهم كما أكدّت أن ما يسميه القوم آلهة إن هو سوى أبالسة مضلّلة تتخذ من شهوات الناس ورغائبهم ستاراً لها. ولكي تدعم أقوالهم بحجة أكبر عرضت لبعض ما ورد في نبوءات ما يعرف بـ "السيبلّلا" -  وهي التي اعتبرها المسيحيون الأوائل إشارات ولو غامضة إلى التجسّد الإلهي وآلام الابن الخلاصية - وأبرزت بطلان الخرافات والأساطير الوثنية بشأن تكوين العالم، قائلة بأن العالم خلقه من العدم الإله الواحد الأزلي وأن الإنسان قد أعطي الخلاص من الخوف والموت بتجسّد ابن الله الوحيد.

ثم بعد أخذ ورد لم يجد الحكماء والفلاسفة والمشتركون في المناظرة بداً من التسليم بصوابية ما نطقت به الصبية الصغيرة. ويبدو أن الروح القدس الذي تكلّم في كاترينا سمع فيهم، فكان أن أعلنوا كلهم الإيمان بالمسيح الذي تؤمن به أمة الله. ويقال إن الإمبراطور أمر بإلقائهم طعاماً للنار. والكنيسة تحصيهم اليوم في عداد قديسيها.

نحو الشهادة

أما كاترينا فعلق الإمبراطور بهواها ولعله كان مستعداً أن يغضّ الطرف عن إيمانها لو رضخت له وقبلت الزواج منه، لكنها صدّته. إذ ذاك غضب لكرامته الجريح وأمر بها جنده فجلدوها وألقوها في السجن علّها تلين.

وسمعت الإمبراطورة بكاترينا فتحرّك قلبها، فأتتها زائرة برفقة ضابط اسمه برفيريوس. فلما تعرفت بها وبانت لها نعمة الله عليها آمنت بالمسيح، وآمن معها برفيريوس والجنود الذين كانوا في إمرته.

ثم أن الإمبراطور عاد إلى المدينة بعد سفر قصير ليكتشف أن امرأته قد وقعت هي أيضاً في ضلالات المسيحيين فأمر بقطع هامتها، هي وبرفيريوس الضابط وسائر الجنود الذين معه. فعل ذلك مخافة أن يفلت زمام الأمر من يده ولأنه رغب في أن يتخلص من زوجته السابقة ليصفو له الجو مع كاترينا.

وحاول الإمبراطور ثانية وثالثة أن يستميل فتاة الله بالحسنى فلم تشأ. إذ ذاك تحوّل كل ميله إليها إلى حقد عليها. ويقال أنه ابتدع دولاباً مسنناً بشفرات حادة لتعذيبها. ولما شاء جعل كاترينا على الدولاب تفكّك وتكّسر وتناثرت قطعه. وإذ ظن الإمبراطور أن ذلك كان بتأثير السحر الذي كانت الفتاة تتعاطاه أمر بإعدامها، فقطع الجلاّد رأسها.

هذا وقد وجد نسّاك رفاتها على قمة جبل سيناء في أوائل القرن الثامن للميلاد. ومنذ ذلك الحين صار دير سيناء يعرف بدير القدّيسة كاترينا. أما كيف انتقلت رفاة القديسة إلى قمة الجبل فليس واضحاً تماماً. ثمة من يقول إن النسّاك عرفوا بأمرها إثر رؤيا وأنها انتقلت إلى هناك من الإسكندرية، حيث استشهدت، بواسطة ملائكة.

من جهة أخرى، يُذكر أنه لا سجلات باقية بشأن القديسة كاترينا ولا ذكر لها قبل القرن الثامن للميلاد. والقديس سمعان المترجم، في القرن العاشر للميلاد، هو من كتب السيرة التي نعرف.

وفي هذا اليوم أيضاً : القديس العظيم في الشهداء مركوريوس

أصله من مقاطعة آسيا، في الجهة الغربية من آسيا الصغرى. كان جندياً في أيام الإمبراطورين داكيوس وفاليريانوس، ولعله كان ضابطاً. حدث أثناء حملة ضد البرابرة أن ظهر له ملاك من نور ووضع في يده سيفاً وقال له: "بهذا السيف تغلب". فامتلأ مركوريوس حماساً واندفع صوب معسكر الأعداء فلم يقف في وجهه أحد، وظلّ مندفعاً إلى أن بلغ قائد البرابرة ريغاس فقتله. وإذ انتشر بين البرابرة خبر سقوط زعيمهم انهزموا هاربين. أما مركوريوس فاستدعاه الإمبراطور وأكرمه وأعطاه لقباً رفيعاً وولاه على قسم من جيشه رغم صغر سنّه. إلا أن أحد الحسّاد نقل إلى الإمبراطور أن مركوريوس مسيحي فاستدعاه الإمبراطور وطلب منه أن يذبح للأوثان فأبى واعترف بالمسيح. وعبثاً حاول الإمبراطور ردّه عما اعتبره ضلالاً فأسلمه لعذابات مروعة. جعل جلاديه يُعملون في جسده تمزيقاً وأحرق أطرافه بالنار ثم ألقاه في السجن. فجاء ملاك الرب وشفى جراحه. بعد ذلك علقوه وانهالوا عليه ضرباً بالسياط. أخيراً نقلوه إلى قيصرية الكبادوك حيث تمّ إعدامه بقطع الهامة. لم يكن قد تجاوز الخامسة والعشرين، وكثيرون من المرضى. شفوا ببركة رفاته.

 

تذكار القديسة العظيمة في الشهيدات كاترينا (بحسب كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك)

ولدت كاترينا في أواخر القرن الثالث للمسيح في مدينة الإسكندرية. وكانت من أشرف أسر تلك العاصمة المصرية العظيمة. ويقول المؤرّخ سمعان المترجم أن أسرتها كانت من سلالة الملوك. لكن غنى تلك العيلة الحقيقي كان في تقواها. وهكذا نشأت كاترينا منذ الصغر على حب الفضيلة، وشُغفت بالطهارة الملائكية، وتعلّمت منذ نعومة الأظفار أن تزهد في الدنيا وتحتقر بهارجها وأكاذيبها، وأن تعلّق قلبها بما هو أسمى وأكمل، بما يدوم إلى الأبد.

وأقبلت كاترينا أيضاً منذ حداثتها على اقتباس العلوم العصرية. إلاّ أنّها كانت مثابرةً باجتهاد على قراءة الكتاب المقدّس والتأمّل في حياة يسوع، وعلى مطالعة سيَر العذارى البتولات الشهيدات. وكانت كلّما ازدادت علماً ازدادت ليسوع المخلّص حبّاً وبه تعلّقاً.

تجاوزت سن الحداثة، وكانت لم تقبل بعدُ سرّ العماد، على حسب العادة المتّبعة في تلك الأيام. ففي ذات ليلة رأت في منامها مريم البتول تتقدّم نحوها، حاملة على ساعدها طفلها يسوع، وسمعتها تقول له: أنظر إلى إبنتي كاترينا. لكن يسوع أدار رأسه ولم يشأ أن يلتفت إليها وقال لأمّه: إنّها ليست جميلة لأنّها لم تُعمّد بعد. فلمّا أفاقت كاترينا علمت أنّها رؤيا، وعرفت أن يسوع يريد منها أن تغتسل بماء المعمودية، لتصبح عروساً خاصة له. فاعتمدت ونذرت للرب بتوليتها. فظهر لها الرب بسوع من جديد، ومعه والدته وجوق من الملائكة والعذارى، وأعلن أمامهم أنّه إتّخذها عروسةً له. ثم ألبسها خاتماً في يمينها، علامة ذلك الوثاق السماوي الروحي. فلمّا إستيقظت كاترينا ورأت الخاتم في يدها، علمت أن تلك الرؤيا كانت حقيقية، فامتلأت نشاطاً في الإيمان، ومحبّة فائقة مضطرمة للفادي المخلّص ولأمّه ملكة العذارى، وتشوقت إلى بذل دمها في سبيل ذلك العروس الإلهي.

ولمّا كانت كثيرة الذكاء والغيرة على نشر الإيمان المسيحي، وكانت الإسكندرية محط رجال العلم، ولا سيّما تلك المدرسة المسيحيّة الشهيرة التي كان أورجانس الفيلسوف الكبير قد علّم فيها، أكبّت كاترينا بلهفة على درس علم النفس وعلم اللاهوت، وبرعت فيهما حتى أضحت من الأئمة بين فلاسفة ذلك العصر.

وبلغت السن الثامنة عشرة، وأضحت فتنةً للناظرين إلى قدّها وجمال طلعتها وسحر عينيها، ولا سيّما إلى ما كان ينبعث من حديثها وحركاتها ومن كل شخصها من الحياء المسيحي، ومن جمال الفضائل الملائكيّة الأخاّذة التي كانت تقود إليها القلوب صاغرةً. أمّا هي، فأنّها كانت تستخدم تلك القوى التي أودعها الله إياها، للدفاع عن الإيمان وتثبيته في القلوب ونشره بين الجموع.

كانت المملكة الرومانيّة نحو سنة 307، مقسّمة بين القياصرة الثلاثة: قسطنطين الكبير، ولكينيوس ومكسمينس. وكانت مصر تابعة لإمارة مكسمينس هذا. وكان هذا القيصر مستبدّاً عاتياً متكبّراً، يبغض المسيحيين ويحلو له الفتك بهم وتعذيبهم. فأمر بأن تقام حفلة دينيّة كبرى لم يسبق للبلاد أن رأت مثلها، وأصدر أمراً بأن تقام حفلة دينيّة كبرى لم يسبق للبلاد أن رأت مثلها. واصدر أمراً بأن كل من لا يشترك في ذلك الإحتفال وتقدمة الذبائح لىلهة المملكة يموت موتاً.

فارتاع المسيحيون لمّا رأوا عهد الإضطهاد يتجدّد، بعد أن ظنّوه قد باد بموت ذيوكلسيانس، أفظع المضطهدين. فإذ رأت كاترينا ذلك وشعرت بأن الرعب قد دبّ في قلوب المسيحيين، أخذت تطوف عليهم وتشجّعهم وتثبّت عزائمهم. فكان لكلامها أثر عظيم في النفوس، ولا سيّما وهي تلك الشابة الفاتنة بفضيلتها وإيمانها وعذوبة حديثها . فأضرمت نار الغيرة والحماسة في النفوس.

وأرادت أن تعطي مثلاً عالياً للمسيحيين، فيُقدموا على العذاب والموت غير هيّابين متى دعاهم إلى ذلك داعي الواجب، فذهبت بنفسها إلى المعبد يوم الإحتفال الكبير، وتقدّمت إلى الأمبراطور مكسمينس، وبحضور وزرائه وقوّاده وطلبت إليه أن يسمح لها بالكلام ويسمعها.

فلمّا رآها مكسمينس وقعت في نفسه وقعاً عظيماً. فسأل عنها، فأخبروه عن  نسبها وعن علمها وذكائها. فقربها إليه وأذن لها في الكلام. فانطلقت غير وجلّة تشرح له وتقول: أن عبادة الأوثان هي من الخرافات التي لا يقبلها العقل السليم، والمنطق يبيّن أنّه لا يمكن أن يكون إلاّ إله واحد، وهو أصل وسبب كل الموجودات. وأخذت تتضرّع إليه لكي يضع حدّاً لذلك ويعمد إلى عبادة وإكرام الإله الحقيقي.

فاستولى على الأمبراطور الذهول من ذلك الخطاب، ومن تلك الصبية التي فتنته بسحر كلامها وقوّة بيانها ورباطة جأشها وبهاء طلعتها. فقال لها أنّه لا بأس عليها ممّا قالت، وأنّه سوف يتم تقدمة ذبائحه ثم يتفرّغ للسماع لها.

فلمّا عاد مكسمينس إلى قصره، إستدعى كاترينا إليه وسألها عن إسمها وعن عملها وغايتها. فأجابته بكل جرأة: أمّا نسبي، فهو معروف في الإسكندرية. وإسمي كاترينا، وأجدادي هم من أشراف المملكة. لقد وقفتُ حياتي سعياً وراء معرفة الحقيقة. وإنّي كلّما إزددت علماً يقيناً أن الأصنام التي تعبدونها هي خرافات سخيفة. ولقد أضحى مجدي وغناي في أن أنتسب إلى الديانة المسيحية. ولا أشهى لديّ من أن أراك تعترف بالإله الحقيقي وبيسوع المسيح، وأن تترك تلك الخرافات الوثنية.

فأجابها الأمبراطور برفق: لست ملمّاً كما ينبغي بعلوم الفلسفة، لأردّ على كلامك. لكنّي سآتي بعلماء المملكة، وهم يعرفون كيف يهدمون ما بينيته من العقائد التي يتراءى لكِ. فقبلت كاترينا. ثم سلّمت وخرجت. وأرسل مكسيمنس فطلب خمسين عالماً فيلسوفاً من فلاسفة المملكة، ليناظروا تلك الشابة المغرورة بعلمها.

أمّا كاترينا، فأنّها قضت الأيام بالصلاة والصوم والتواضع أمام الله، متضرّعة إلى عروسها يسوع أن يؤازرها بروحه القدوس. وكانت الكنيسة تصلّي أيضاً لأجلها.

فلمّا أتى اليوم المعهود أخذ يجتمع عظماء المملكة والحكّام، وأتى العلماء يتبعون كبيرهم. ثم دخل الملك بعظمة وجلال فوقف الجميع إكباراً. ودخلت كاترينا فحامت حولها الأنظار. وداخل المسيحيين خوف عليها أن تأخذها رهبة ذلك المقام فتتهيّب ولا تقدر على الجواب.

فبدأ عميد العلماء بالكلام وقال  لها أنّها تستحق اللوم الشديد، لأنّها جسرت على احتقار أقوال الشعراء والخطباء والفلاسفة، الذين أجمعوا على وجوب إداء العبادة والإكرام للآلهة "جوبتير وجينون ونبتون ومينرفا" وباقي الآلهة.

فأصغت كاترينا لكلامه وهي مطرقة إلى الأرض. ثم رفعت رأسها فأشرأبّت إليها الأعناق. وبدأت خطابها بصوتٍ واضح رنّان ونغمة أخّاذة. أخذت تفيض بياناً وسحراً يونانيّة موسيقيّة رقراقة. فقسّمت مدافعتها إلى أقسام ثلاثة:

فبيّنت أولاً أن ما بنى عليه حضرة العميد كلامه عن وجود الآلهة هو محض خرافة، ولا يمكن العقل السليم أن يقبله. وشرحت في القسم الثاني أن الفلسفة الصحيحة المبنية على المنطق، لا تستطيع أن تعترف إلاّ بإله واحد خالق السماوات والأرض ومبدع جميع الكائنات. ثم أتت في القسم الثالث على بيان ألوهة السيدّ المسيح، وأنّه واحد مع الآب والروح القدس، وأنّه تجسّد وخلّص البشر بآلامه وموته.

فأكبر جميع الحاضرين ذلك العلم الغزير وتلك الفصاحة الدافقة، ولولا إحترامهم للأمبراطور لصفّقوا لها. فالتفت الأمبراطور إلى العلماء وأشأر إليهم أن ينقضوا كلامها وكانت نعمة الروح القدس قد أنارت عقلهم وحرّكت قلبهم، فأجاب عميدهم: أن ما قالته كاترينا لهو عين الصواب. فاستشاط الملك غضباً، ونظر إلى باقي العلماء ينتظر من أحدهم ردّاً، فأجابوا كما أجاب عميدهم، وقالوا أنّهم أصبحوا يؤمنون بما تؤمن به كاترينا. فازداد الأمبراطور غضباً، وأمر أن يحرق أولئك العلماء بالنار.

فتقدّم أولئك الفلاسفة الأفاضل بسرور إلى النار، ليموتوا من أجل إيمانهم بالمسيح. فكان لهم سفك دمهم ماء المعمودية المطهر، وطاروا جوقةً مباركة إلى الأعالي، لينعموا مع الآب والإبن والروح القدس. واقتدى الكثيرون بهم فآمنوا بالمسيح.

إلاّ أن الأمبراطور مكسمينس، مع غضبه وخروجه من ذلك المحفل ساخطاً، كان قد علّق بهوى كاترينا واستسلم صاغراً لذلك الهوى. فدعاها إليه وعرض عليها الزواج ولبس الأرجوان وتقلّدا أكبر سلطة يصبو إليها قلب إمرأة في المملكة. فرفضت ذلك بعزّة نفس وإباء. فتضرّع إليها، فازردته. فثار ثائره، وأمر بها فجُلدت جلداً عنيفاً، ثم مزّق جسدها بمخالب حديدية حتى سلت منه الدماء كمن ينابيع فوّارة. ثم أرسلها إلى السجن. فذهبت تسبّح الرب وتشكر له ما أولاها من نصر مبين، وما أسبغه بواسطتها على النفوس من المواهب والنعم. أمّا هو فذهب إلى مصبّ النيل لتفتيش القلاع والحصون على الحدود المصرية الشمالية.

وعاد مكسمينس من سفره وأسرع وأحضر كاترينا إليه، فوجدها صحيحة، وقد إزدادت بهاءً وإشراقاً. فارتاع لذلك الأمر، وفتنه من جديد ذلك المحيّا، وعرض عليها الزواج ثانيةً وألحّ في ذلك. فرفضت ولامته على أعماله وعلى نقضه للقوانين، فلم يستطع مكسيمنس أن يحتمل تهكّم إبنة صبية، وهو الملك الجبّار، فأمر بأن تصنع آلة جهنميّة خاصة ليمزّق بها جسدها. وشتمها وازدراها وأعادها إلى سجنها.

فجاءته إمرأته "فوستا" تلومه على فعاله، وأن يترك شروره ويؤمن بالمسيح فيخلص. فجُنّ جنونه وعرف أنّها قد صارت مسيحية هي وبُرفيرس القائد, فأمر الجند بتعذيبهما، ثم قطع رأسيهما، على حسب ما سبقت كاترينا وتنبأت لهما. وأمات مكسيمنس أيضاً مئتين من الجند الذين آمنوا بالمسيح على مثال قائدهم.

وبعد موت زوجته، صفا له الجو، فدعا كاترينا من جديد إليه، وعرض عليها للمرة الثالثة أن تتزوّجه فتصبح الأمبراطورة الوحيدة المطاعة الغنية السعيدة. فأزدرت للعذراء قاتل إمرأته وسافك الدماء البريئة. فلم يستطع صبراً على ذلك. فأمر بها أن يجعلوها على تلك الآلة الجهنميّة، لتمزّق جسدها وتميتها أفظع ميتة. فما أن أتوا بتلك الآلة حتى انفجرت وتكسّرت وتناثرت قطعها، فجرحت وقتلت الآخرين من الجلاّدين. فعيل صبر مكسيمنس وخاف سوء العافية فأمر الجند أن يسوقوا كاترينا خارج المدينة وأن يقطعوا رأسها فذهب الجند بها. وفيما هي سائرة، كانت تصلّي وتسبّح الرب الذي أهّلها لأن تتألّمك وتموت حبّاً له. وطلبت إلى عروسها يسوع أن لا يسمح لأحد من أولئك البرابرة القتلة أن يدنّس جسدها بعد موتها، بل ولا أن يقدر على النظر إليه. فوعدها يسوع بذلك ولمّا وصلت إلى محل إعدامها، جثت وصلّت وطلبت إلى الرب أن يبدّد ظلام الوثنية ويضيء العالم بأنوار الإيمان. ثم حنت رأسها فقطعه الجلاّد بضربة سيف. وغابت عن الأبصار ولم يعد أحد يراها.

ثم وجد بعض النسّاك ذلك الجسد الطاهر في جبل سيناء، على عهد االملك يستنيانس فدفنوه هناك بإكرام، وبنوا على ذلك الجبل على إسم "القديسة كاترينا" كنيسةً وديراً لا يزالان قائمين إلى يومنا هذا.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : تذكار القديس الشهيد مركوريوس

كان هذا القديس جنديّاً في الجيش الروماني، على عهد الملك داكيوس، في أواسط القرن الثالث. فوشي به أنّه مسيحي، فقبض عليه في مدينة قيصرية الكباذوك، سنة 250. فلمّا ظلّ ثابتاً على عزمه، لا تُغريه الوعود ولا يُخيفه الوعيد، أنزلت به صنوف العذابات الأليمة. وهكذا أميت وسط آلامٍ لا تطيق حملها القوى البشريّة إلاّ بمعونة النعمة الإلهيّة. ففاز بإكليل الظفر المعَد للجنود البواسل المنتصرين في ساحات الوغى، ليس ضد اللحم والدم بل ضد رئاسات وسلاطين هذا العالم الفاسد الغرور.

 

بدء صوم الميلاد (بحسب الكنيسة القبطية الارثوذكسية)

هذا اليوم هو أول صوم الميلاد المجيد في كنيستنا القبطية. نسأل إلهنا ومتمم خلاصنا الذي تنازل لفدائنا من عبودية الخطية، إن يعيننا على العمل بما يرضيه في هذا الصوم المقدس وكل أيام حياتنا.

مدة الصوم 43 يوم:

40يوماً مثال صوم موسى النبي لاستلام لوحي الشريعة، 3 أيام تذكار صوم نقل جبل المقطم. تقال قسمة صوم الميلاد إلي نهاية الصوم.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : تكريس كنيسة القديس أبى نفر السائح

في مثل هذا اليوم كرست كنيسة القديس أبو نفر السائح التي كانت بظاهر مصر.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة البابا مينا الثاني 61

في مثل هذا اليوم تذكار نياحة البابا مينا الثاني 61. صلواته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : استشهاد القديس يسطس الأسقف

في مثل هذا اليوم تذكار شهادة القديس يسطس الأسقف على يد مكسيموس الأمير بعد امتحانه بالعذاب الشديد وأخيرا نال إكليل الشهادة.

وفي مثل هذا اليوم أيضاً : نياحة القديس نيلس السينائي

في هذا اليوم تذكار نياحة القديس نيلس السينائي. صلواته تكون معنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.